رغم الكم الهائل من أدوات الزينة ومستحضرات التجميل التي تمتلئ بها الأسواق وبألوان وأشكال وموضات متنوعة، إلا أن المرأة السودانية مازالت متمكسة بالاصالة ولسان حالها يقول: ما الحب إلا للحبيب الأول، فهذه المستحضرات العصرية يمكن أن يستخدمها البعض طوال أيام السنة بحسب الامكانات والظروف والمناسبات، إلا أن الحب والانجذاب دائماً ما يكون للحناء ونقوشها خصوصاً في مناسبات الأعياد والأفراح، بغض النظر عن اية امكانات أو ظروف مادية، ومن أجل ذلك هي مستعدة للتخلي عن كل مساحيق ومستحضرات التجميل العصرية، لذلك نجد مجموعة كبيرة من الحنانات يسافرن خارج السودان لممارسة رسم الحناء نسبة للعائد المادى الذى تكتسبه الحنانة خلال اليوم، بالاضافة الى ان كثيراً من سيدات الاعمال كانت بدايتهن ممارسة رسم الحناء داخل منازلهن، وبعدها لجأن الى فتح محال لهن. وصار رسم الحناء عالماً من المال الذى من الممكن أن تصعد به الحنانة الى عالم «البزنس». «عوافي» جلست الى مجموعة من النساء للتعرف على عوالم «الحنة» التى باتت مصدر دخل مربح لكثير من السيدات. وفى البدء جلسنا مع «الحنانة» خديجة التي تشتهر في منطقتها ب «أم خالد» التى امتهنت نقش «الحنة» طوال 18 عاماً لتحول براعتها في الرسم إلى مصدر دخل لها، تعول به أبناءها، فامتهنت نقش الحناء، وبدأت بالمقربين ثم توسعت شهرتها في المنطقة، وبات ربحها جيداً، خاصة في المناسبات والأعياد، وبعد استقرار وضعها المادي فتحت محلاً لرسم الحناء والمشاط والزينة. وتقول خديجة إن «الحنة» المنقوشة يكثر الإقبال عليها من المتزوجات، وحديثاً من الشابات أكثر من غيرهن، فالنساء الكبيرات مازلن يحافظن على الحناء العادية بالنشادر، ويحبذن أن تكون الأشكال من الداخل، كما أن الكوافير يعتمد على الموظفات نسبة لضيق وقتهن، خاصة فى الأيام العادية، مؤكدة أنه فى الاعياد والمناسبات ينتعش سوق الحناء مما يضطرها الى أن تعمل طوال ساعات اليوم، وتتراوح أسعار الحناء بين 15 الى 50 جنيهاً، أما حناء العروس فتتراوح أسعارها بين 200 الى 500 جنيه. أما «الحنانة » نجوى فذكرت أن رسم الحناء هو مصدر رزقها الوحيد، ماضية إلى أن «الحنة» يزداد الطلب عليها في الأعراس والأعياد، «لدرجة اننى فى زحمة الاعياد أرفض أكثر من سيدة، حيث لا يسعفني الوقت برسم الحناء لهن». واضافت نجوى ان لها زبونات في كل عيد يأتين ويطلبن نقشة في أطرافهن، وما أن يقبل أحد الأعياد إلا ويأتين إليها، والمبلغ يتفاوت بحسب كل نقشة بين 20 30 جنيهاً في البداية، أما الآن فالأسعار زادت. وتقول الحاجة عائشة إن وضع الحناء مؤشر مقروء للجميع عن اهتمام المرأة بنفسها وزوجها، وأن النساء اللاتي لا يضعن الحناء لا يقدرن ازواجهن ولا يهتممن بهم، وفي هذه الحالة يمكن أن ينظر زوجها الى غيرها، فاهتمام المرأة بمظهرها يعني تقديرها لزوجها واهتمامها به، خاصة في هذه الأيام مع خروج النساء للعمل، وقلة اهتمامهن بأنفسهن جلب اليهن الكثير من المشكلات، ويشكو بعض الرجال من عدم اهتمام نسائهم بمظهرهن. وأشارت زهرة عبد الكريم إلى أنه مهما ارتفعت تكاليف نقش «الحنة» فإن المرأة السودانية لا تستطيع الاستغناء عنها لأنها عادة مرتبطة بثقافتها ونمط حياتها الاجتماعية، والأمر لا علاقة له بالظروف المعيشية والقدرة المادية، ولا يمكنها الاستغناء عنها لأنها أصبحت بالنسبة لها عادة مرادفة للفرحة.