ينظر عدد من المراقبين والمهتمين بشئون القرن الأفريقى ومنطقة شرق افريقيا الى تجمع قمة البحيرات الذى انعقد يوم السبت الماضى الى انه يحمل أبعاداً اخرى غير التى إلتأم من أجلها لبحث الأوضاع فى جمهورية الكنغو الديموقراطية بحسابات انه مؤشر لتكتل دول البحيرات بعد انضمام دولة جنوب السودان مؤخراً الى هذا الحلف المتوقع له لعب ادوار جديدة فى المنطقة بقيادة يوغندا التى اصبحت بمثابة مخلب القط لخدمة اهداف دول اجنبية على رأسها الولاياتالمتحدة واسرائيل. حيث انهت القمة المصغرة لدول البحيرات العظمى اجتماعاتها فى سبيل البحث عن طرق لإنهاء اعمال العنف في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية ولكن دون ان تتمكن من تحديد طبيعة القوة المحايدة التي يفترض ان تنتشر في هذه المنطقة المضطربة من الكونغو، وتجدر الإشارة الى ان هذه القمة لدول المؤتمر الدولي حول منطقة البحيرات العظمى هي الثالثة خلال شهرين التي تخصص للازمة في جمهورية الكونغو، ما يوحى بان تجمع البحيرات يخطو الى تكوين حلف شبيه بالإيقاد بحسب مراقبين، وشهدت القمة الاخيرة حضور عدد من الوفود ولبى الدعوة ثلاثة رؤساء فقط دعوة نظيرهم الاوغندي يورى موسيفيني، هم رئيس جمهورية الكونغو جوزف كابيلا، ورئيس تنزانيا جاكايا كيكويتي، ورئيس جنوب السودان سلفا كير، وكان الغائب الاكبر عن هذه القمة المصغرة هو رئيس رواندا بول كاغامي الذي تتهمه جمهورية الكونغو والامم المتحدة بدعم حركة التمرد المعروفة باسم (ام-23) التي تواجه الجيش النظامي الكونغولي، والمعروف ان حركة (ام-23) إنبثقت من حركة تمرد سابقة، انضمت الى جيش الكونغو العام 2009، وهي حالياً ابرز المجموعات المسلحة الناشطة في شرق جمهورية الكونغو المعروفة بغياب الاستقرار خاصة انها تعاني ايضا من تجاوزات القوات الديموقراطية لتحرير رواندا وهي حركة تمرد من الهوتو تحاربها كيغالي لمشاركتها المفترضة في عمليات الابادة التي شهدتها رواندا العام 1994، وتنشط هذه القوات ضد سكان اقليم شمال كيفو الكونغولي منذ سنوات عدة وكانت فكرة انشاء قوة محايدة «لاستئصال» المجموعات المسلحة الناشطة في شرق الكونغو اطلقت على هامش اعمال قمة للاتحاد الافريقي في منتصف يوليو الماضي الا ان البيان الختامي الذي صدر في نهاية اعمال القمة لم يقدم سوى عناصر قليلة عن تكوين هذه القوة والمهمة التي ستوكل اليها، واكتفى البيان بالقول انها ستنتشر «بتفويض من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة»، كما تقرر ان تقوم مجموعة من اربع دول هي كينيا وانغولا وجمهورية الكونغو وتنزانيا باعداد تقرير حول هذه القوة يرفع لاحقا الى الاتحاد الافريقي، كما طلب من وزراء دفاع الدول المشاركة الالتقاء باسرع وقت لدراسة «الطابع العملى للقوة الدولية المحايدة تمهيدا لنشرها خلال ثلاثة اشهر»، ومايشير الى توسع مظلة الحلف إعلان تنزانيا عن رغبتها بالمشاركة في هذه القمة التى قرر رؤساها عقد اجتماع آخر خلال شهر. الخبير الدبلوماسى الدكتور عبدالرحمن ابوخريس يرى ان تجمع دول البحيرات يشكل نواة لخدمة أهداف اخرى تتعلق بقضية مياه النيل خاصة ان الصراع القادم هو صراع المياه فى العالم ومسرحه منطقة البحيرات فى افريقيا، وقال ابوخريس ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان يوغندا تحاول ان تلعب دوراً فى المنطقة بإيعاز من الخارج تقف خلفها امريكا وإسرائيل، واشار الى ان هذه الدول فى المقام الأول ليست دولاً نفطية او غنية بالمعادن وان تصنيفها واهميتها الإستراتيجية تنبع من انها دول المياه وستشهد هذا الصراع فى الفترة القادمة عاجلاً او آجلاً، وتوقع ابوخريس ان يتنامى هذا التجمع ليصبح موازياً لدول الإيقاد لخدمة اهداف اقتصادية وسياسية فى المستقبل. وفى ذات الإتجاه يمضى المحلل السياسى الدكتور الحاج حمد محمد خير ويصف تجمع البحيرات انه موازى لدول «الفرانكفونية» بتبعيته المباشرة الى الحلف الأمريكى البريطانى وصراع الأسواق الذى ينذر بحرب جديدة فى المنطقة خاصة ان الكنغو تتحدث «الفرنسية» الى جانب انها مستودع للمعادن وتتكالب عليها اطماع عديدة، وقال الحاج حمد ل»الصحافة» عبر الهاتف أمس ان دولة جنوب السودان انضمت الى هذا التجمع الجديد الذى يخدم مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا فى ظل صراع الأسواق ضد فرنسا والمانيا فى المنطقة، واشار الى ان تجمع البحيرات يحمل ابعاداً أخرى غير مناقشة الاوضاع فى الكنغو الديموقراطية تتعلق بقضية مياه النيل، خاصة وان يوغندا تمثل عميلاً أمريكياً لخدمة مصالح واشنطون فى المنطقة مستفيدة من موقعها الإستراتيجى مقابل تلقى الدعم المباشر من الولاياتالمتحدة وحلفائها بحجة محاربة جيش الرب وتمويل برامجها لمكافحة الأيدز ودعم الإستقرار فى المنطقة والتدخل فى الصومال.