بعد ان أفاقت القوى السياسية بما فيها الحزب الحاكم ومواطنو الولاية الشمالية من صدمة الرحيل المفاجئ لفتحي خليل، بدأ التساؤل المشوب بالتخوف يتردد حول من يخلف الرجل الذي كان يحظي بتوافق واجماع كبيرين بالمركز والولاية . ويأتي التعجل في طرح التساؤل حول مصير الولاية عقب رحيل خليل نتيجة لمخاوف ابداها البعض في ان يتسبب الفراغ الذي خلفه في اعادة الولاية الي مربع ما قبل انتخابات 2010 ،فتلك الفترة شهدت صراعا حادا كاد ان يؤدي الي تمزق نسيج الولاية الاجتماعي وذلك لأنه اخذ المنحي الجهوي والقبلي ،وكان لذات الصراع افراز اخر والقي بظلاله السالبة علي الحزب الحاكم الذي شهد بدوره انقسامات كبيرة بالولاية والمركز ،ومثل وقتها اختيار خليل طوق نجاة لمركزية المؤتمر الوطني التي دفعت به للخروج بالولاية من النفق الذي دخلت فيه ،ويعتقد مراقبون ان تجنيب الولاية من خطر الصراعات والانقسامات يتوقف علي حسن ادارة الحزب الحاكم للموقف بعيدا عن التقاطعات الجهوية والطموحات الشخصية التي يعتبرون انها السبب المباشر للخلافات التي ظلت تشهدها الولاية منذ عقدين ويزيد ،ويري هؤلاء ان تكليف شخص متوافق عليه لفترة لم يحدد سقفها حسبما ينص القانون يمثل مدخلا لقفل الباب امام بروز اصوات مخالفة داخل الحزب، فيما يري اخرون ان وفاء المؤتمر الوطني بقيام انتخابات منصب الوالي في توقيتها امر من شأنه تدعيم الاستقرار الذي نجح الراحل خليل في ادراكه بالشمالية. ولأن المؤتمر الوطني لم يختر بعد من يكلفه بتولي اعباء الولاية بدأت الترشيحات تذهب في اتجاهات متعددة ،لتبرز اسماء مثل الحاج عطا المنان وسلاف الدين وبدوي الخير ادريس وميرغني صالح وصابر محمد الحسن علي الواجهة ،الا ان هناك من يري تكليف نائب الوالي ووزير التخطيط المهندس ابراهيم الخضر هو الخيار الامثل في الوقت الراهن وذلك لالمامه بتفاصيل الخارطة السياسية والتنفيذية التي كان ينفذها الراحل فتحي خليل حسبما يشيرون،وهذا مايذهب ناحيته القيادي بالاتحادي الاصل جمال ميرغني الذي يؤكد ان فتحي خليل نجح في توحيد صف الولاية الشمالية وانهم في القوى السياسية لم ينتابهم احساس خلال فترة حكمه بان حقوقهم مسلوبة . وقال في حديث «الصحافة» ان النظر الي مصالح الولاية ومواطنها تحتم منح الثقة للمهندس ابراهيم الخضر ،الذي يري القيادي بالاتحادي الاصل انه الخيار الانسب لخلافة خليل لما يمتاز به من صفات تؤهله لادارة الولاية ،الا ان جمال ميرغني يبدي تخوفه من ان تحدث تأثيرات داخل المؤتمر الوطني بالمركز تفضي الى تكليف شخص بخلاف ابراهيم الخضر ،معتبرا حدوث ذلك سيكون سببا لفض شراكتهم مع المؤتمر الوطني ،ويعتقد ان ابتعاد الخضر عن مجموعات الخلافات داخل الحزب الحاكم وعدم تأثره والتفاتته اليها اسباب اخري جعلته المرشح الابرز لقيادة الولاية. ورغم ترحيب بعض القوى السياسية بتكليف ابراهيم الخضر بمنصب الوالي، الا ان الامر لايبدو متفقا عليه داخل الحزب الحاكم، وهذا ما كشف عنه قيادي بالمؤتمر الوطني بالولاية الشمالية «فضل حجب اسمه»، والذي اعترف بضعف تأثير الحزب بالولاية في القرارات المصيرية التي تهم الشمالية، وقال ان الحزب بالولاية يظل يدار بواسطة ابناء الولاية من قيادات الحزب بالخرطوم، وقال ان تأثيرهم اكبر علي مجمل الاوضاع والقرارات بالولاية ورهن الاتفاق علي اختيار الخضر بموافقة مراكز الضغط بالمركز عليه، وزاد»الخضر مؤهل لقيادة الولاية ولكن في نهاية الامر القرار ليس بيد الحزب بالشمالية بل بالمركز». ولكن هناك من لا يهتم كثيرا بما يدور داخل المؤتمر الوطني ، ويعتبر ان الخلاف حول من يتم تكليفه بادارة الولاية خلال الفترة القادمة ليس هو القضية الاساسية التي تستحق الاهتمام، ويري هؤلاء ان ايفاء الحزب الحاكم بقيام الانتخابات حسبما ينص الدستور هو الامر الذي يستحق الاهتمام، مبدين خشيتهم من تكرار سيناريوهات ولايات القضارف، النيل الازرق، جنوب وغرب دارفور بالشمالية وهي الولايات التي شهدت اقالة واستقالة ولاة منتخبين وقام الحزب الحاكم بتعيين ولاة مكلفين ولم يهتم بقيام انتخابات، وفي حالة الولاية الشمالية وبحسب دستور السودان الانتقالي للعام 2005 وقانون الانتخابات للعام 2008م، فإن خلو منصب الوالي المنتخب بسبب الوفاة يدعو السيد رئيس الجمهورية إلى انتخابات في الولاية المعنية خلال ستين يوماً من خلو المنصب ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين والٍ مؤقت يقوم بتسيير أعباء الولاية إلى حين إجراء انتخابات جديدة تكون تحت إشراف ومتابعة المفوضية القومية للانتخابات. والمطالبة بانفاذ الدستور وقانون الانتخابات يراها نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي بالشمالية عبد المجيد حسن عبد المجيد موضوعية وقانونية، ويشير في حديث ل «الصحافة» الي ان الاحتكام يجب ان يكون للدستور وليس لرغبات وتوجهات الحزب الحاكم والذي اتهمه بتجنب فتح باب الانتخابات وذلك حتي لا يشهد تجربة الانقسامات الحادة والصراعات الكبيرة التي ضربته قبل انتخابات 2010، وزاد «الوطني يدرك ان الترشيحات لمنصب والي الشمالية ستفتح داخله ابواب جهنم «، ويري ان الوطني ولاجل ذلك لن يقدم علي خطوة الوفاء بما نص عليه الدستور في حالة وفاة الوالي . الا ان عضو تشريعي الولاية الشمالية عبد العزيز كامل شروني يشير في حديث ل «الصحافة» الي ان المادة 27 «3» من دستور الولاية تتسق مع قانون الانتخابات والدستور الانتقالي والتي لم تحدد فترة لامد تكليف والي الي حين قيام انتخابات، مشيرا الي ان ذات المادة نصت علي تكليف نائب الوالي بمهام الوالي في حالة سفره الي حين عودته او عند وفاة الوالي الي حين قيام انتخابات، مشددا علي ان فترة الستين يوما تسري في حالة حجب الثقة عن الوالي او اقالته وليس وفاته، وزاد «يتولي نائب الوالي في حالة وفاة الوالي المسؤولية الي حين تحديد موعد الانتخابات من قبل المفوضية وبموافقة الاحزاب». وفي الوقت الذي يري فيه القيادي بالاتحادي الاصل جمال ميرغني ان الوقت غير ملائم لقيام الانتخابات وان مصلحة الولاية تحتم استمرارية الوالي المكلف لحين الانتخابات العامة القادمة ،يعود نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي مشددا علي ضرورة قيام الانتخابات في وقتها حسبما ينص الدستور الذي قال انه حدد ستين يوما ،ويقول عبد المجيد حسن عبد المجيد ان مطالبة القوى السياسية بقيام الانتخابات حق مشروع ،مؤكدا قدرتها علي خوضها والظفر بمنصب الوالي ،مرجعا الثقة الي ان الاحزاب استفادت من اخطاء الانتخابات الماضية ولن تسمح بتكرار الكثير من الممارسات.