علي الرغم من عدم تحديد المفوضية القومية للانتخابات موعدا لبداية العملية الديمقراطية المتعلقة بانتخاب والٍ للولاية الشمالية خلفا للراحل فتحي خليل، الا ان اعلان مركزية المؤتمر الوطني بالخرطوم عن ان اختيار مرشح الحزب لمنصب الوالي بالقضارف والشمالية سيتم قريبا احدث حراكا وسط القوى السياسية بالولاية الشمالية التي بدأت في ترتيب أوراقها وتحديد رؤاها تأهبا للمرحلة القادمة التي ربما ترفع سخونتها المتوقعة من درجات الحرارة المنخفضة بالولاية هذه الأيام. فعقب الرحيل المفاجئ للوالي الأسبق فتحي خليل الذي شكل صدمة للقوى السياسية بالشمالية بسبب الوسطية التي كان يتبعها في ادارة شؤون الولاية وانفتاحه علي مختلف التيارات والكيانات المجتمعية والحزبية، وقطعه لخطوات جيدة في محاربة الفساد ووضع خارطة لاخراج الولاية من فقرها الخدمي والمادي، توقع كثيرون ان تواجه الولاية صعوبات وعقبات تنسف الجهود التي بذلها الراحل لارساء أرضية تنطلق منها الشمالية الي الامام، وجاءت التوقعات استنادا علي الصراع الشرس الذي شهدته الولاية قبل انتخابات 2010 والذي كاد ان يحدث انقساما اثنيا لم تعرفه الشمالية من قبل ، وكذلك داخل الحزب الحاكم بالولاية ، وشاءت الظروف ان يختار الراحل فتحي خليل ،الذي جنب الولاية من قبل شبح الانقسامات، نائبا له من ذات المدرسة التي كان ينتهجها في ادارة الولاية، لينجح الوالي المكلف ابراهيم الخضر بحسب متابعين في الحفاظ علي الاستقرار بالولاية والمضي قدما في تنفيذ الخطط والبرامج التي وضعها خليل. الا انه وبخلاف عزم الحزب الحاكم تحديد مرشحه لانتخابات منصب الوالي بالشمالية ، هناك امر اخر أسهم في تحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي بالولاية ويتمثل في تواتر انباء عن مساومات وتفاهمات تجري سرا بين الشريكين المؤتمر الوطني والاتحادي الاصل ربما تفضي الى تنازل الحزب الحاكم عن منصب الوالي للاصل بل ودعم مرشحه في الانتخابات علي ان يدعم الاصل مرشح الحزب الحاكم لمنصب الوالي بالقضارف خلال انتخابات مارس القادم ، وهذا الخبر قابلته قوى سياسية بالرفض خاصة الاتحادي الديمقراطي المسجل وان لم يشر الي ذلك مباشرة ، حيث اكد امينه العام جمال ميرغني ان حزبه جاهز لخوض الانتخابات علي منصب الوالي بالشمالية متي ما قررت المفوضية قيامها ،الا ان ميرغني وفي حديث ل«الصحافة» يؤكد علي ان رؤية حزبه تذهب ناحية الابقاء علي الوالي المكلف ابراهيم الخضر الي حين اكتمال فترة الراحل فتحي خليل الانتخابية ،وقال مفسرا رؤيتهم :الولاية حاليا تشهد استقرارا واضحا ونخشي من الانتخابات في حالة قيامها ان تسهم في احداث خلاف جهوي وان تؤدي الي انقسامات بين مكوناتها ،كما ان الاموال التي تصرف علي العملية الانتخابية تبدو الولاية في حاجة اليها ،فالشمالية مقبلة علي الموسم الشتوي والبلاد تمر بضائقة اقتصادية فمن الاولي ان نبحث عن استدامة الاستقرار والحفاظ علي اموال الولاية ،لافتا الي ان السبب الثاني لتأييدهم ومطالبتهم باستمرارية الوالي المكلف تعود الي ان ابراهيم الخضر يحقق نجاحا كبيرا في ادارة الولاية. ولكن ماذا يحدث اذا تنازل المؤتمر الوطني للاتحادي الاصل عن المنصب ،يعود الامين العام للاتحادي الديمقراطي والامين العام لمجلس الاحزاب بالولاية جمال ميرغني للاشارة الي ان حزبه قرر دعم مرشح المؤتمر الوطني في حالة قيام الانتخابات وذلك حسب الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين الحزبين ،الا انه اكد دفعهم بمرشح او الدخول في تحالفات اذا تنازل الوطني عن المنصب لحزب اخر ،مؤكدا عدم السماح باعادة الولاية مجددا الي سيطرة الاحزاب التي اضرت بالسودان . وبالمقابل يري وزير الثقافة والاعلام ونائب المشرف السياسي للاتحادي الاصل بالولاية الشمالية عثمان الشايقي تنازل المؤتمر الوطني عن منصب الوالي لصالح حزبه ربما يأتي من واقع الشراكة التي تجمعهما والتي نصت في احد بنودها علي تداول المناصب بين الحزبين وتندرج مناصب الولاة في هذا البند، كاشفا عن ان مثل هذه المفاوضات لاتجري علي مستوي الحزبين بالولاية بل علي مستوي المركز،الا ان الشايقي وفي حديث عبر الهاتف مع«الصحافة» يؤكد علي ان الانتخابات حق دستوري واجراء ديمقراطي لا ترفضه الاحزاب ،مشيرا الي ان حزبه شارك في انتخابات 2010 علي مستوي الشمالية، وجاء ثانيا وذلك رغم ملاحظاتهم علي العملية الانتخابية التي جرت برمتها ،مؤكدا ان حزبه يمر بافضل حالاته ويعد لعقد مؤتمره العام في ديسمبر ، كاشفا عن تأييدهم لاستمرار ابراهيم الخضر واليا مكلفا في حالة عدم قيام الانتخابات وذلك لأنه صاحب كفاءة حسبما اكد نائب المشرف السياسي للاتحادي المسجل بالولاية الشمالية. ورغم هذا الحراك الا ان فكرة استمرار الوالي المكلف ابراهيم الخضر تبدو مرفوضة للبعض الذين يرون بضرورة قيام انتخابات حتي يمارس المواطن حقه في اختيار من يراه مناسبا لقيادة الولاية خلال المرحلة المقبلة وعدم فرض الوصايا عليه حتي وان كان هناك اجماع من قبل القوى السياسية علي الوالي المكلف، وهذا ما يشير اليه نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي بالشمالية عبد المجيد حسن الذي قال ل«الصحافة» ان المفوضية القومية للانتخابات مطالبة بالتدخل واعلان موعد للعملية الديمقراطية وذلك حتي لا يستمر امر تكليف الوالي الحالي لوقت طويل ، وقال ان حزبه في مرحلة تقييم وقراءة للوضع ،متوقعا ان يفاجئ الحزب الحاكم القوى السياسية بتحديد موعد لانتخابات منصب الوالي وذلك حتي لا يتيح لها فرصة الاستعداد جيدا ،رافضا ان يكون المؤتمر الوطني هو من يحدد موعد الانتخابات ،وقال ان المفوضية هي المناط بها مخاطبة الاحزاب وليس الحزب الحاكم،الا ان نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي المح الي امكانية مقاطعة حزبه للانتخابات علي منصب الوالي بالشمالية دون ان يكشف عن تفاصيل اخري. من جانبه، نفى نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية جعفر عبد المجيد وجود مفاوضات بين الوطني والاتحادي الاصل حول منصب الوالي، وقال ان هذا حديث لا اساس له من الصحة، وحين سألته عن ان كان هذا الطرح موجودا لدى قيادة المركز اجاب «فليسأل عنه المركز» مؤكدا ان الولاية لا يوجد بها حديث من هذا النوع، وقال انهم في الحزب مستعدون للانتخابات متى ما حددتها المفوضية القومية للانتخابات باعتبار ان الانتخابات حق للمواطن يستطيع من خلاله اختيار الوالي الذي يريد.