ما زالت قضية الدين الخارجي ترهق وتثقل كاهل الاقتصاد السوداني رغم استيفاء السودان للشروط الفنية لإعفاء الدول المثقلة بالديون منها إذ أضحى الدين الخارجي عائقا في طريق التنمية بالبلاد جراء تراكم الفوائد وأرباحها الموضوعة عليها الأمر الذى اتخذته الدول المانحة ورقة ضغط على الحكومة بغية تمرير أجندة بعض الدول لا سيما على الصعيد السياسي الذي يعتبره كثير من الخبراء السبب الرئيس في عدم تمتع السودان بميزة إعفاء ديونه فيما يرى بعضهم أن إعفاء الديون لا يخضع للمحرك السياسي فحسب بل لاشتراطات فنية على رأسها الإيفاء بتسديد رسوم صندوق النقد والبنك الدوليين المقدرة ب2 مليار دولار ومن ثم التفكير في الانتقال إلى مراحل الأندية (باريس ولندن) بهدف خفض الديون أو إعفائها بيد أن الكل يترقب أن يفضي توقيع البروتوكولات (السياسية والأمنية والاقتصادية) مع دولة الجنوب إلى فتح منافذ تكون بمثابة جزرة الدول المانحة لدولتي السودان . بيد ان مطالبة وزير الخارجية علي أحمد كرتي بإعفاء ديون السودان إبان اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا لم تؤتِ أكلها بعد رغم تبريراته في عبور السودان لما وصفه بالمرحلة الحرجة الأمر الذي يؤمن ويؤكد على ضرورة إسقاط ديون السودان ودعم اقتصاده ولم تكن رؤية صندوق النقد الدولي ببعيدة عن ما دعا إليه كرتي بدعوته إلى بذل جهود استثنائية من جانب المجتمع الدولي لمساعدة السودان على خفض ديونه التي اقتربت من 41 مليار دولار. وبحسب توقعات الصندوق فإن ديون السودان الخارجية سترتفع من 41.4 مليار دولار في 2011 إلى 45.6 مليار دولار في 2013، وهي تشكل ما نسبته 64.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 2011 قائلا بانها ستقفز إلى 96.7% في العام 2014م . ويرى بعض الخبراء والمراقبين أن الدين الخارجي يمثل أحد البنود العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان اللتين لم تتوانا في التعهد بمطالبة المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية بإسقاط ديونهما لاسيما على الأقل على مستوى دولة السودان التي تعتبر إعفاء الديون حافزا ومكافأة على تسهيلها عملية الانفصال بيد أن المتابعين للشأن الاقتصادي السوداني قالوا حتى لو أوفت الخرطوم بكل المطلوبات السياسية والاشتراطات الفنية المؤهلة للحصول على إعفاء ديونه لا يوجد ضمان لإعفاء ديونه وأن المطالبة بإعفاء الديون في نيويورك مؤخرا الغرض منه تسويق الاتفاق الأخير مع جوبا وأعربوا عن خشيتهم من أن يفضي الاتفاق إلى مزيد من الضغوط على السودان لتقديم المزيد من التنازلات أمام الولاياتالمتحدة التي ترى أن الاتفاق لا يرقى لمستوى المكافأة التي قوامها إعفاء ديون السودان في ظل توتر علاقات البلدين وعدم تغير وتيرته الأمر الذي يشي بأن يظل الدين الخارجي معلقا. غير أن المحاضر بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون يرى أن إمكانية الحصول على صك إعفاء ديون السودان الخارجية في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الحالية يعد بعيدا من واقع التراجع الاقتصادي الحالى الذي حذر منه تقرير صندوق النقد الدولي علاوة على ما يشهده السودان من عدم استقرار سياسي بجانب عدم إحراز تقدم بالصورة المطلوبة على مستوى حقوق الإنسان والقضايا العالقة مع دولة جنوب السودان. وزاد هنون لا توجد بارقة أمل في آخر نفق الاقتصاد في ظل الأداء الاقتصادي غير المشجع وأضاف أن التحول السياسي يجسد المفتاح وكلمة السر في فك شفرة انغلاق الاقتصاد السوداني المفضية إلى إعفاء ديونه الخارجية المتزايدة عاما إثر آخر واكد أن السودان مستوف لاشتراطات المؤسسات الدولية (الصندوق والبنك) المؤهلة للحصول على إعفاء ديونه الخارجية بيد أن ما يمنعه من الحصول عليها عائق سياسي أكثر من كونه اقتصادياً ،الأمر الذي يستدعي الوصول إلى تسوية أو تجسير لهوة علاقاته الخارجية لاسيما بالولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يتسبعد حدوث انقلاب سياسي عالمي يقود إلى إعفاء ديون السودان الخارجية بغية قبض ثمن صفقة على المستوى الداخلي بالدول المانحة.