وزارة العدل انتبهت الى قضية مهمة تفتح الباب واسعاً أمام إهدار المال العام،والفساد والإفساد،وهي العقود الحكومية وما يتبعها من عطاءات تكون أحياناً غطاءً يمكن عبره أن تتسرب المعلومات فتحرم مستحقين وتمنح آخرين. وزير العدل محمد بشارة دوسة انتقد بشدة خلال الملتقى التفاكري الاول لرؤساء الإدارات القانونية والمستشارين ، الأجهزة والوحدات الحكومية بسبب «العقود الحكومية»، وقال ان طريقتها تؤدي الى ضياع المال العام ، ورأى أن الممارسات الخاطئة للأجهزة الحكومية تبدأ من دراسة العرض مروراً بتوقيع العقد. لقد وضع دوسة يده على جرح ينزف عبره المال العام، ونرجو أن يكون الملتقى منطلقاً للإصلاح في مجال العطاءات والعقود الحكومية،ووضع الضوابط والترتيبات التي تسد الثغرات التي يستغلها ضعاف النفوس وينفذ منها محترفو أكل «الميري». قبل أيام طرحت هيئة السكة حديد عطاءً للتخلص من الحديد الخردة،من ضمن شروطه تسديد رسوم تعادل 2 في المئة من قيمته،وهذا المبلغ يدفع بطريقة علنية لموظفين بالهيئة، بينما العطاء مغلق بالشمع الأحمر،ولكن عملياً فإن العطاء صار مكشوفاً وغابت السرية ،لأن ما يدفعه من يرغب في دخول المنافسة «رسوم» يحدد قيمة المبلغ الذي ينافس به. لا أعتقد أن من صمموا العطاء فات عليهم ذلك،لأنه ينبغي أن يكون شارك في وضع الشروط وصياغتها المستشار القانوني للسكة الحديد وخبراء في الإدارة،فلو كان المبلغ المحدد كان هامش جدية لكان مفهوماً ، لكنه رسم وكان الأوفق أن يكون مبلغاً موحداً للمتنافسين،أو أن يكون مبلغ الرسم بصك معتمد ضمن الظرف المغلق بالشمع الأحمر. لا نشك في نزاهة وصدق الموظفين الذين يتعاملون مع المتنافسين للفوز بالعطاء،ولكن التعامل مع بشر - وليس ملائكة - يجتهدون وقد يكون من بينهم من يتعاملون بحسن نية أو غير ذلك،مما يطعن في إجراءات العطاء ويفتح الباب للشكوك والظنون. أعتقد أنه من المصلحة العامة أن يسارع مدير السكة حديد المعروف بالجدية والنزاهة لإلغاء الخطوات التي تمت، ووضع ضوابط جديدة ثم فتح العطاء مجدداً سداً للثغرات، ومنع تمدد القيل والقال وسط بعض رجال المال والأعمال الذين يراقبون الصحف لقراءة ما ينشر من عطاءات ومتابعتها ونسج الأحاديث حول ثغراتها، وتوزيع الاتهامات من دون دليل أحياناً. 2 مجموعة من الشباب يعملون في تجارة «الأمباز» بين ولاية غرب دارفور والخرطوم ،موظفو الزكاة هناك،ألزموهم بدفع الزكاة من «الأمباز» باعتبارها « زكاة زروع» ، فسددوا ما طلب منهم غير أنهم غير مقتنعين بذلك باعتبار أن «الأمباز» ليس من الزروع أي المحاصيل،ولدى وصولهم العاصمة توجهوا الى هيئة علماء السودان التي استصدرت فتوى اعتبرت «الأمباز» ليس من زكاة الزروع والثمار. الشباب اعتقدوا أن الفتوى ستعالج ما وقع عليهم، لكن ديوان الزكاة ظل يماطل أكثر من ثمانية أشهر انتظاراً لاجتماع لجنة الفتوى بالديوان التي لم تمنحهم فتواها، لكنها أبلغتهم أن ما أخذ منهم إذا كان زكاة زورع فهو غير صحيح، وإن كان عروض تجارة فهو صحيح. لا أعتقد أن لجنة الفتوى كانت منصفة لأن أورنيك 15 الذي سددت به المبالغ يحدد أن ما دفعه تجار « الأمباز» هو زكاة زروع ولم يكن يحتاج الأمر الى افتراض. ديوان الزكاة يقوم على فريضة،كان ينبغي أن يتعامل مع دافعي أموال الله بطريقة تتسق مع الفريضة وتبتعد عن البروقراطية والمماطلة والتسويف،وتتجنب شبهة الظلم والشكوك في صحة الإجراءات،وحتى لو أخطأ أحد موظفيه فالأسلم إصلاح الخطأ والإعتذار عن ذلك، لا الاستمرار والمكابرة، وإزدراء المواطن الذي يطالب باسترداد مال أُخذ منه من غير وجه حق. أخي الدكتور محمد يوسف، زكاة الزروع تؤخذ من المحاصيل لا ما ينتج منها،فمثلا الزكاة من القمح لا الخبز ومن السمسم والفول لا الزيت أو الأمباز الذي يستخدم غذاءً للحيوان،نرجو أن تراجع النظام المتبع في الديوان لمراجعة قرارات وممارسات قد لا تكون سليمة ويتضرر منها بعض المتعاملين مع الديوان،وليس من العدل أن تستمر مراجعة خطوة ثمانية أشهر ،وليس من سلطة موظف جباية الإجتهاد مع نصوص واضحة،نأمل أن يراجع الديوان خطواته ونظامه الداخلي وعلاقته مع مكاتب الولايات التي تضع نفسها وصية فوق الجميع، كلمتها هي الفصل.