بدت احتمالات وقوع أعمال عنف قبيل إعلان النتائج النهائية للانتخابات أكثر وضوحا، بعد اتساع دائرة الرافضين لنتائجها التي تواصل إعلانها خلال الاسبوع الماضي، برغم تحذيرات والي الخرطوم المنتخب عبد الرحمن الخضر من تنظيم مظاهرات عنيفة وتأكيده على عدم السماح بأن تصبح الخرطومطهران او نيروبي أخرى، في اشارة الى اعمال العنف التي اجتاحت عاصمتي البلدين عقب اعلان نتائج الانتخابات، غير أن الاجتماعات المتواصلة لقوى تحالف جوبا للتباحث حول وضع خطة لمواجهة ما سمُّوه بالانقلاب الانتخابي والتصريحات المسبقة لزعماء الأحزاب المشاركة والمقاطعة للانتخابات، توضح ظهور بوادر أزمة جديدة في سيناريوهات ما بعد الانتخابات. وبرزت تلك الاحتمالات من أحاديث القوى السياسية خلال اليومين الماضيين التي أخذت منحى آخر بعد تعهدها في وقت سابق بعدم اتخاذ موقف متهور والخروج الى الشارع، وتأكيدها على النأي بنفسها عن تفجير أزمة بالبلاد، وعدم صب المزيد من الزيت على النار المشتعلة، خاصة بعد التهدئة التي قادها وفد المؤتمر الوطني الذي شرع في التباحث مع الاحزاب المعارضة منها والمشاركة في الانتخابات حول العنف المتوقع ما بعد إعلان النتائج في خطوة استباقية للاحداث. ودخل وفد المؤتمر الوطني في اجتماعات موسعة مع الحزب الشيوعي والاتحادي الأصل والحركة الشعبية. وأعرب المؤتمر الوطني عن أمله في مساعدة تلك الاحزاب لبسط الأمن والحفاظ على الهدوء والسلام وعدم الجنوح لأعمال عنف، واحترام نتائج الانتخابات وما يصدر عنها من قرارات، والقبول بما يصدر بحق الطعون أمام المحاكم، غير أن مؤشر بوصلة التصريحات للقوى السياسية أخذ شكلا مغايراً لآمال المؤتمر الوطني، خاصة بعد أن قطع الأخير بعدم اشراك الاحزاب المقاطعة في الحكومة الجديدة، في الوقت الذي التزم فيه بعدم حظرها وتحجيم مشاركتها السياسية، مما حدا بزعيم المؤتمر الشعبي دكتور حسن الترابي إلى التصريح بأن الباب مازال مفتوحاً لمواجهة ما وصفه بالتزوير الفاحش، فالترابي خلال لقائه مع موقع «الجزيرة نت» ذكر أن كل الخيارات مطروحة دون أن يحدد طبيعة تلك الخيارات التي جاء على رأسها التمرد والإضراب، فيما أعلنت الحركة الشعبية على لسان نائب أمينها العام ورئيس قطاع الشمال ياسر عرمان، أنها ستتعامل مع الحكومة التي ستشكل باعتبارها حكومة أمر واقع، بينما دعم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل موقف المؤتمر الشعبي، وهدد بإخراج الآلاف من أنصاره إلى الشارع للتعبير عن رفضهم لنتيجة الانتخابات التي لم يحصل فيها إلا على دائرتين فقط، ومعرفة من سرق اصواتهم قبل أن يعلن عن إصدار «4» لاءات بشأن الانتخابات، تقول لا اعتراف بالنتائج، لا اعتراف بأية حكومة أو برلمان تفرزهما الانتخابات الحالية، لا مشاركة في أية حكومة او اجهزة تشريعية، ولا مشاركة في الانتخابات التكميلية التي تعتزم المفوضية إجراؤها في «40» دائرة شهدت أخطاءً خلال «60» يوما، وهو ما قطع الطريق أمام التكهنات والأخبار التي رشحت من المؤتمر الوطني الذي رجح مشاركة الحزب الاتحادي الأصل في الحكومة المقبلة باعتباره من الاحزاب التي شاركت في الحكومة السابقة. وقال مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي للرئاسة حاتم السر ل «الشرق الأوسط» إن خروج أنصارهم بات مسألة وقت، لأن جماهيرهم تريد أن تعرف من سرق أصواتها، ويريدون التأكيد للجميع أنهم موجودون، وأنهم لم يذوبوا أو ينتهوا كما يردد المؤتمر الوطني. وقال السر سنرد على التزوير من خلال الخروج سلمياً الى الشارع وبأوجه مختلفة. وزاد بأن المرحلة المقبلة ستشهد اصطفافا جديدا للقوى السياسية في خندق واحد لمواجهة النسخة الثانية من الانقاذ، كما تمت مواجهتها سابقا من خلال التجمع الوطني الديمقراطي، فيما طالب الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم المفوضية القومية للانتخابات بالإسراع في إعلان نتائج الانتخابات التي كان من المنتظر أن تعلن يوم الثلاثاء الماضي لتفادي أية توترات محتملة. وقال أموم في تصريحات صحفية إن أي تأخير لا يصب في مصلحة جميع الاطراف. وذكر ذلك في أعقاب الاشتباكات التي شهدتها ولاية الوحدة بين أنصار مرشح الحركة الشعبية لمنصب الوالي تعبان دينق غاي ومؤيدي منافسته المستقلة انجلينا تينج، بعد إعلان فوز الأول. وذكرت وكالة انباء رويترز إن إعلان فوز تعبان أدى إلى اندلاع أعمال عنف في عاصمة الولاية بانتيو تصدى لها الجيش الشعبي، مما أدى الى مقتل ثلاثة اشخاص وجرح آخرين. وكان ترشيح انجلينا زوجة نائب رئيس حكومة جنوب السودان مستقلةً قد أثار جدلاً واسعاً بعد فشلها في الحصول على ترشيح من الحركة الشعبية، وعلى خلفية حرق عدد من صناديق الاقتراع في منطقتي مانقيري وييري. هذا وقد تعرض «64» صندوق اقتراع واستمارات الى تدمير في حادثتين منفصلتين بولاية غرب الاستوائية إثر هجوم شنه مسلحون على الناقلة التي كانت تقل تلك المواد. هذا وقد قطع إعلان فوز مرشح الحركة الشعبية بولاية النيل الأزرق مالك عقار الطريق أمام الهواجس بشأن اندلاع تفلتات أمنية في حال فوز مرشح المؤتمر الوطني فرح عقار، بعد تحذيرات الحركة بأن تزوير الانتخابات بالنيل الأزرق يعد خطاً أحمر، لأن المقصودة به الحركة واتفاقية السلام. فيما استبعد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ياسين عمر حمزة، وقوع أعمال عنف عقب اعلان النتائج. وعزا ذلك للتزوير والمخالفات التي تمت على مرأى ومسمع الجميع، حتى أنها صارت مثالا للتهكم والتندر. وقال ياسين إن التزوير الذي تم ببلادة متناهية أخجل المؤتمر الوطني نفسه ومنعه من تنظيم الاحتفالات بفوزه. وفي تعليقه على حديث حاتم السر قال حمزة إن حاتم يرمي بحديثه إلى أن الحزب لن يأخذ دور المتفرج، وسيعمل على التعبير عن رأيه بالصورة السلمية المشروعة، ولكن بطريقة ديمقراطية وشرعية ودستورية، وبلا عنف أو تخريب كما يروج المؤتمر الوطني. وتابع عمر حمزة بأن الأجواء الديمقراطية ستجبر النظام على التقيد بأصول اللعبة الديمقراطية واحترام الدستور وسيادة القانون وإبداء الرأي والتظاهر. ودعا عمر حمزة المؤتمر الوطني إلى خلع الثوب الشمولي اللعين وارتداء الثوب الديمقراطي النظيف. وكذلك استبعدت قوات الشرطة حدوث أية مهددات تعقب الانتخابات، فيما بدأت قواتها في الانتشار الواسع، وأكدت أن الخطة الأمنية استصحبت مجموعة من الافتراضات والمهددات نظرياً، كما تم بحث خطة تأمين مراحل العد والفرز. وحسب المعلومات فإن بالخرطوم حالياً «36» ألف رجل شرطة و 3500 ضابط، سيعملون على تأمين الانتخابات حتى ما بعد إعلان النتيجة.