تشهد قضايا حقوق الإنسان فى البلاد حراكاً كبيراً هذه الأيام على المستوى الرسمى والشعبى باستعراض التحديات وفرص تحسين الأوضاع خاصة فى مناطق النزاعات فى إقليم دارفور وولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان وبقية ولايات السودان ،يأتى هذا الحراك متزامناً مع زيارة الخبير المستقل المعنى بحالة حقوق الإنسان فى السودان مسعود بادرين الى البلاد للوقوف على حقيقة الأوضاع فى الأرض من خلال لقاء الجهات ذات الصلة ومن ثم القيام بزيارات ميدانية الى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور، حيث عقد الخبير المستقل أمس مؤتمراً صحفياً بالمقر الرئيس لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى استعرض فيه ملامح تقريره الأولى قبيل زيارته المرتقبة الى مناطق الحرب. فى بداية حديثه عدد بادرين الجهات التى إلتقى بها فيما يتصل بقضايا حقوق الإنسان واولها بعثة الأممالمتحدة فى دارفور والفريق القطرى ومنظمات المجتمع المدنى والسلك الدبلوماسى واوضح ان الأممالمتحدة جددت تفويضه لسنة ثانية فى السودان سيعمل خلالها على تقديم الدعم الفنى لمفوضية حقوق الإنسان فى البلاد، واشاد بادرين بتعاون الحكومة فى تذليل مهمته ومنحه اذن الدخول الى كل المناطق التى يريد الوصول إليها بما فيها دارفور والمنطقتان واكد ان تركيزه سيكون على النيل الازرق وجنوب كردفان، نسبة لظروف الحرب التى تخلف اوضاع انسانية بائسة، وفيما يتعلق بدارفور قال انه التقى بالسلطة الإقليمية ومدعى جرائم دارفور ولجنة العدالة والمصالحة ووالى شمال دارفور ومن ثم زيارة معسكر ابو شوك للنازحين. واشار الى ان هناك تحسناً نسبياً للاوضاع الإنسانية فى دارفور الا انه قال هناك كثير من التحديات يجب التصدى لها بجديدة وقال ان المخرج الرئيس تنفيذ اتفاقية الدوحة بصورة دقيقة. وابدى بادرين قلقه فى مسألة جرائم دارفور وقال « لاحظت ان هذه الجرائم يتم تقديمها لمحاكم عادية ولا تقدم لنيابات مختصة» ودعا الحكومة الى ضرورة إنشاء محاكم خاصة مسنودة بمراقبين من داخل السودان ومن الخارج، وقال بادرين ان المراقبين من الأممالمتحدة اكدوا له ان اوضاع حقوق الانسان فى دارفور لا تزال سيئة وان كان هناك تحسن فى تقرير الامين العام لحقوق الانسان فى الاممالمتحدة الذى قلل من الانتهاكات واشار الى ان هناك تهديدات كبيرة تتمثل فى النزاعات القبلية فى المنطقة فى جبل عامر وسرف عمرة اجبرت السكان على النزوح والفرار من القتال. وفى ذات السياق اشاد بمبادرة الحكومة القاضية بالحد من انتشار السلاح وقال هذا موقف يستحق الإشادة ولكن لابد من تفعيله على الأرض وابدى بادرين قلقه البالغ من ضعف حماية النازحين و المدنيين والافلات من العقوبة وحماية النساء والاطفال ، وانتقد عدم تفعيل مفوضية العدالة والحقيقة لدارفور والتى نصت على قيامها اتفاقية الدوحة واشار الى انها لم تبدأ عملها بعد بسبب انعدام التمويل، واضاف ان الامن والسلام من اهم الضروريات وتنفيذ اتفاق الدوحة بصورة كاملة مهم للسلام وطالب الخبير المستقل كل الاطراف التى لم توقع على الوثيقة بالإنضمام إليها فى اسرع وقت. وفى جانب مفوضية حقوق الإنسان بالسودان طالب بادرين الحكومة السودانية بالإلتزام بها وتوفير التمويل اللازم للمفوضية حتى تضطلع بواجباتها، لافتاً لى انها فى الفترة الحالية تعتمد على دعم «برنامج الاممالمتحدة الإنمائى فى تسيير اوضاعها» وإنتقد بشدة موقف الحكومة من منظمات المجتمع المدنى والتضييق عليها وقال على الحكومة توفير بيئة مواتية لعمل هذه المنظمات وأشار الى حادثة الإعتداء على مذكرة احتجاج المنظمات امام مقر المفوضية القومية ، وقال هذا سلوك واضح لإعاقة ععمل المفوضية واضاف « سبق وان عبرت عن ادانتى لهذه الحادثة» وطالبت الحكومة بالابتعاد عن هذه الاعمال، وإتاحة الحريات وحقوق الصحافة وحرية العمل السياسى، وقال «انا قلق جداً من إعتقال الشخصيات السياسية من قبل جهاز الامن خاصة وان بعض المعتقلين يواجهون ظروفاً صحية» وقال من هذا المكان احث الحكومة على اطلاق سراحهم فوراً او توجيه تهم إليهم وتقديمهم لمحاكمات عادلة، واوضح ان كثيراً من الشكاوى وردت إليه متعلقة بإختراقات من قبل جهاز الامن، وقال على جهاز الامن القومى ان يكون مدركا لمهامه فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وكشف بادرين انه التقى بمدير الجهاز فى جولته الحالية والذى اوضح ان المعتقلين موجودون واكد له انهم يتصرفون وفق القانون، الا انه قال «هذا التصرف لا يتماشى مع حقوق الانسان « واضاف «إذا كان هاؤلاء مذنبين فليقدموا الى محاكمة عاجلة وعادلة وليس البقاء رهن الإعتقال». وناشد الخبير المستقل الحكومة بضرورة تعزيز وتقوية جهودها فى حقوق الانسان وتعهد بتقديم الدعم اللازم وفق التفويض الممنوح لمساعدة السودان فى القيام بواجباته، وفى ردوده على اسئلة الصحفيين قال بادرين ان هناك تحسناً نسبياً وبعض التقدم مقارنة بزيارته السابقة للبلاد. ولم يستبعد بادرين دخول جماعات مسلحة من دولة مالى الى اقليم دارفور وقال ان المسارات مفتوحة ما يجعل الإحتمال وارداً الا انه قال لم تصلنا معلومات قاطعة بهذا الشأن وان كانت هناك اشارات لتسلل جماعات مسلحة الى دارفور من مالى، واكد الخبير المستقل ان تقريره النهائى سيكون اكثر تفصيلا وشاملا لكل القضايا بما فيها حقوق الإنسان الإقتصادية والإجتماعية.