لم تتوقف الفوضى القانونية والادارية التى لازمت تسجيل شركات الكهرباء كشركات خاصة، عند حد تجاوز قانون الشركات لسنة 1925م الذى بموجبه تم تسجيلها، ولا اكتفت بتجاوز الدستور الانتقالى لسنة 2005م، ولم تكترث لقانون الخدمة المدنية القومية لسنة 2007م، ولم يصل الى علمها أن هنالك قانوناً للشراء والتعاقد، وبالتالى فليس من بين أولوياتها إعمال نصوص قانون المراجعة الداخلية لأجهزة الدولة القومية لسنة 2010م، وبطبيعة النشأة والتكوين فهى لا تعلم أن قانون بنك السودان وقانون تنظيم العمل المصرفى لسنة 2003م يحظران على البنوك أن ترهن اصول هذه الشركات الحكومية إلا فى حال أن قدمت هذه الشركات ضمانات حصرها وفقاً لمنشور بنك السودان رقم «14 لسنة 2008م» فى «الصكوك والسندات وأوامر الدفع المستديمة»، وهو ما لم يتم عندما تم رهن هذه الشركات، كما أن الهيئة العليا للرقابة الشرعية قد أفتت بحرمة استلام قيمة الرهن عداً نقداً «كاش»، لأن صيغ المرابحة والمشاركة والمضاربة المعمول بها تلزم وجود بائع ومشترٍ ومقابل، كذلك قضت فتاوى الهيئة بعدم جواز الرهن لغير المالك شخصياً لإجراءات الرهن لأول مرة، فمن هو المالك لهذه الشركات؟ ولماذا الرهن بداية؟ وما هى الضرورة التى اوجبته؟ فهذه الشركات تحقق دخلاً يبلغ «18» مليار جنيه يومياً، فلماذا يتم رهنها ولماذا لم توف بالتزاماتها للبنوك عند اكتمال آجالها؟ هل تقوم هذه الشركات بتمويل جهات اخرى خفية او علنية؟ وكيف ستسترد هذه الاموال؟ حيث ان كل الخبراء اجمعوا على تجاوز الحكومة لنسبة الاقتراض المحددة فى المادة «48» الفقرة «1» من قانون بنك السودان بتعديلاته، ويبدو انها محاولة اخفاء حجم العجز الفعلى لبند ايرادات الموازنة، او لأغراض تغطية مصروفات غير معتمدة، فمن هى الجهة التى اجازت لشركات ومؤسسات القطاع العام وحتى الحكومات الولائية والوزارات الاتحادية التعامل مباشرة مع البنوك التجارية والاستيلاء بغطاء حكومى على السيولة المتوفرة لديها وحرمان الأنشطة الإنتاجية الاقتصادية الاخرى من أية فرص للتمويل، وهو فى أحسن الاحوال تجنيب بطريقة اخرى، ولا عزاء للجنة المكلفة بمنع التجنيب فى اجهزة الدولة القومية، فهذه الشركات «الحكومية» الخاصة هي التى ابدى السيد المراجع العام وبرلمان الحكومة انزعاجهما الشديد مما يدور فيها، وقد حمل التقرير الاخير للمراجع العام بشدة على وزارة الكهرباء وشركاتها، الأمر الذى نفاه السيد وزير الكهرباء، مما حدا بالسيد المراجع العام الى تأكيد المعلومات التى احتوى عليها تقريره، ونخصص هذه المساحة اليوم لمخالفات هذه الشركات لقانون الخدمة المدنية لسنة 2007م، حيث عرف القانون أجهزة الدولة القومية «يقصد بها أى مرفق تابع للحكومة القومية ويشمل ذلك رئاسة الجمهورية، مجلس الوزراء، الوزارات القومية والوحدات التابعة لها، المؤسسات الدستورية والأجهزة التابعة لها، السلطة القضائية والأجهزة التابعة لها، القوات المسلحة، الشرطة، الأمن، الهيئات العامة، الشركات التى تمتلكها الحكومة القومية بنسبة 100%، الشركات التى تساهم الحكومة فيها بنسبة أكثر من 50% أو المشروعات التى تمولها وزارة المالية والاقتصاد الوطنى، بنك السودان المركزى والمصارف الحكومية التجارية القومية والمتخصصة»، وفقط استثنى قانون الخدمة المدنية القومية لسنة 2007م حسب المادة «5»: «أ» شاغلو المناصب الدستورية، «ب» الهيئة التشريعية القومية، «ج» القضاة والمستشارون القانونيون بوزارة العدل، «د» أفراد قوات الشعب المسلحة والشرطة القومية والأمن وخدمات الحياة البرية والسجون، «ه» العاملون بالخدمة المدنية الولائية. وحددت المادة «13» أن يكون لكل وحدة تنظيم إداري يتضمن الرسالة، الغايات، الأهداف، الاختصاصات، الهيكل التنظيمي والوظيفي، الوصف الوظيفي، وأدلة العمل والمسارات الوظيفية للعاملين في إطار نظم إدارة الموارد البشرية المجازة من مجلس الوزراء بناءً على توصية الوزير، والمادة «14» التي تصنف وترتب كل وظائف الخدمة المدنية القومية على أساس واجباتها ومسؤولياتها ومتطلبات التأهيل اللازمة لأدائها على الوجه الذي تحدده استراتيجيات وسياسات الإصلاح الإداري وخطط تقويم الوظائف وترتيبها المجازة بوساطة مجلس الوزراء، كما شددت المادة «19» على وجوب الالتزام بالمادة «136» من الدستور الانتقالى لسنة 2005م لاغراض التعيين، والتأكيد فى المادة «28» على الأجر المتساوي للعمل المتساوي، إذن فكل ما يتعلق بالجوانب الإدارية والتنظيمية وشروط الخدمة يجب أن يُجاز من مجلس الوزراء، إلا إن ذلك لم يحدث، وتمت إجازة الهيكل التنظيمي وجدول الوظائف وشروط الخدمة من مجلس إدارة الشركات، كما أنها تقوم بالتعيين لمدخل الخدمة مباشرة وليس عن طريق لجنة الاختيار كما ينص القانون، وأوجدت مسميات وظيفية غير موجودة بالقانون، وسلمت مسؤوليات مالية وإدارية لمتدربين، وعينت الخريجين رؤساءً للأقسام فى وجود من هم أطول خدمة وأكثر خبرة، إلا أن الأدهى والأمر أن هذه الشركات أجازت لنفسها لائحة للجزاءات غير مبالية بقانون محاسبة العاملين لسنة 2007م، فهى لا تبالي بأي قانون!! «نواصل».