احتلت ولاية شمال كردفان المركز الثالث على مستوى البلاد في الاصابة بمرض السرطان بحسب تقارير رسمية، ويعاني مواطنو الولاية من امراض اخرى مثل التهاب الكبد الوبائي والبلهارسيا التي استوطنت اجساد 75% من تلاميذ المدارس، هذا يعني ان هناك اسباباً لتفشي هذه الامراض التي يعود الكثير منها الى التلوث وتناول مواد غذائية منتهية الصلاحية، وفي اطار تقصينا حول هذا الامر اكتشفنا ان ولاية شمال كردفان تحولت لمكب للسلع الفاسدة والقاتلة في ذات الوقت: نماذج مخيفة: العام الماضي شهد ضبط 350 طناً من السلع منتهية الصلاحية، ورغم مضي شهرين فقط منذ عام 2013م، فقد تم حتى الآن ضبط 555 طناً من السلع الفاسدة، وهنا نقدم بعض النماذج للسلع الفاسدة «التي تم الوصول اليها» خلال 14 شهراً فقط، منها 1816 كرتونة كيك، و3830 فرخة، و1900 جوال دقيق، و200 جوال اسمنت، و165 كيلوجراماً من حلاوة المولد، و 118 جوال فول، و438 كرتونة زيت، وضبطت 222 صفيحة جبنة غير مطابقة للمواصفات، وعند القيام بحملات على محال الغاز وجد ان عبوة الاسطوانة غير مطابقة للمواصفات وتنقص 3 كيلوجرامات، وتم ضبط 18 مخبزاً تستعمل مادة بروميد البوتاسيوم، ومخابز اخرى تخالف الاوزان القانونية للخبز. كما تم ضبط 550 طناً من الاسمنت المنتهي الصلاحية. تطور خطير: وفي تطور خطير للجريمة تم اكتشاف تزوير في اختام وعيارات الذهب بسوق الابيض، حيث وجد ان هناك من يحمل ختم هيئة المواصفات ويقوم بتزوير العيارات، فاذا كان عيار الذهب 18 يختم بختم عيار 24 وهكذا. أمراض للبيع: وتم كذلك ضبط أكثر من 1900 جوال دقيق زنة خمسين كيلوجراماً غير مطابقة للمواصفات ومنتهية الصلاحية بالسوق الغربي في مدينة الأبيض، وكانت تتم تعبئتها في جوالات بتاريخ انتاج جديد، بالاضافة الي ضبط اكثر من 1800 جوال دقيق زنة 25 و10 كيلوجرامات منتهية الصلاحية، ووجد بالدقيق الفاسد اصابات حشرية، والاصابات الحشرية الموجودة بالدقيق تعني ان المواطن يشتري المرض بماله وهو لا يدري، وذلك لخطورتها وتسببها في الكثير من الامارض القاتلة. يا ساتر: كما تم ضبط «5500» لتر من الألبان المغشوشة، ومن خلال الفحص المعملي ثبت ان هناك مواد تمت اضافتها للالبان مثل العطرون، المياه، الزيت ولبن البدرة منتهي الصلاحية والبنسلين، حيث تم فحص «241» عينة من المواقع المختلفة، وأوضح الفحص أن العينات المطابقة بلغت «190» عينة، وغير المطابقة «51» عينة. حرام: ولم تقتصر مخالفة المواصفات على السلع منتهية الصلاحية، حيث تم ضبط «11» طلمبة وقود مخالفة للقانون القياسي بمدنية الابيض، وذلك اثر الحملات التفتيشية التى على طلمبات الوقود العاملة بمدينة الابيض التى استهدفت «40» طلمبة ، ومخالفه هذه الطلمبات تتمثل فى عدم وجود الاختام الخاصة بالمعايرة فى «22» ماكينة وقود، وهذا من شأنه ان يوثر على كمية الوقود الذى يتم ضخه بالزيادة او النقصان. جهود ولكن: هيئة المواصفات والجهات ذات الصلة وضعت يدها على اطنان من السلع المغشوشة والمخالفات بشمال كردفان، وهنا يشير مدير الهيئة السودانية للمواصفات والمقايس بولاية شمال كردفان ابا يزيد الشيخ الطيب الى ان اهدافهم تتلخص في حماية المستهلك والاقتصاد الوطني، موضحا في حديثه ل «الصحافة» ان فرع المواصفات بالولاية يعتبر احد اكبر الفروع بالسودان، ويمتلك معدات معملية حديثة ومختبرات لكل انواع الكشف عن السلع، مبيناً أنه تمت ابادة «350» طناً من السلع الفاسدة خلال العام الماضي، منها موا غذائية ومواد بناء وغيرها، وقال ان هذا العام شهد مواصلة المواصفات حملتها علي السلع منتهية الصلاحية التي قال انها تجاوزت «555» طن، منها «550» طناً من الاسمنت، كاشفاً عن تركيزهم على تنظيم حملات لمكافحة السموم الفطرية الموجودة بعدد من المحصولات مثل الفول السوداني، والتي اعتبرها من مسببات التهاب الكبد الوبائي والسرطان، وقال انه نتيجة للتعامل غير السليم من المزارعين تظهر السموم الفطرية في بعض المحصولات، وقال إنهم نظموا حملة كبرى طافوا من خلالها على المزارعين لتوعيتهم بكيفية الطرق السليمة التي يجب اتباعها في التعامل مع المحصولات الزراعية، مؤكداً استمرار حملاتهم الدورية والمفاجئة لضبط تدفق وتداول السلع الفاسدة، مناشداً المجلس التشريعي وحكومة الولاية الاسراع في اجازة قانون مكافحة استعمال مادة بروميد البوتاسيوم. تحفظات: ومثل غيره يتحفظ رئيس الغرفة التجارية بشمال كردفان ياسر عبد السلام على اداء هيئة المواصفات التي يعتبرها الكثيرون انها تهتم بالايرادات اكثر من ممارسة ادوارها الحقيقية، ويقول في حديث ل «الصحافة»: «نحن مع الدور الذى من المفترض أن تقوم به المواصفات فى إطار مسؤوليتها عن أية سلعة فاسدة تدخل البلاد، ولكن لنا تحفظاتنا تجاه ما تقوم به المواصفات فى شمال كردفان، حيث انها اهتمت بجباية الرسوم دون تقديم الخدمة المتمثلة فى إرشاد وتوعية المجتمع وتوفير معامل الفحص فى كل المحليات»، ويطالبها بالا تركز على اسلوب الجباية والتجريم قبل التوعية، حيث أن مفهوم المواصفات شيء جديد على المجتمع ويحتاج الى التوعية المكثفة قبل العقاب الذى يؤدى الى الاحتقان ما بين هيئة المواصفات والقطاع التجارى، مما يلغى تماماً فكرة ومفهوم المواصفات، ويجب على هيئة المواصفات أن تجتهد فى منع دخول السلع الفاسدة بدلاً من أن تركز جهودها في جباية الرسوم والقبض على السلع الفاسدة بعد دخولها، مع الاخذ فى الاعتبار جهل الكثيرين بقانون المواصفات وعملها. مخالفات: رئيس قسم الأغذية والجودة بجامعة كردفان الدكتور عبد الرحمن أحمد، يقول انه وبصفة عامة هناك مجموعة من الصفات والخصائص التى يجب أن تتوفر في السلعة لإرضاء حاجيات ورغبات الزبون أو المستهلك، وزاد قائلاً: «أما بالنسبة لجودة السلع الاستهلاكية فعموماً نلاحظ أن هذه السلع ليست ذات جودة وليس هنالك اهتمام بالجودة، خاصة في التصنيع والتعبئة والترحيل والتداول والتخزين»، وفي ما يختص بالتصنيع يقول: «هنالك العديد من السلع الغذائية لا يتم تصنيعها وفقاً للمواصفات والمقاييس، حيث تضاف المواد الحافظة لكثير من السلع وهى ضارة بالصحة، وبالنسبة للتعبئة نجد أن كثيراً من الأغذية تتم تعبئتها في عبوات لا تتناسب مع مكوناتها الغذائية، إذ تتفاعل المكونات الغذائية كيميائياً أو بيولوجياً مع مواد العبوة، أما ما يخص الترحيل والتخزين فيلاحظ أن الترحيل يجب أن يكون مبرداً لمعظم السلع الغذائية، وكذلك التخزين يجب أن يكون تحت ظروف جيدة، وهذا شيء معدوم في أغلب الأحوال، أما التداول فحدث ولا حرج حيث نجد أن معظم السلع الغذائية يتم تداولها وعرضها بالقرب من المواقف العامة وعلى الطرقات وتحت أشعة الشمس المباشرة، مما يؤدى إلى تغيير مكونات الغذاء وتلوث هذه الأغذية بالعديد من الميكروبات التى تسبب فساد هذه الأغذية، وربما يؤدى إلى حدوث كثير من التسممات الغذائية والسرطانات، على سبيل المثال في صناعة الخبز يتم استخدام بعض المحسنات لهذه الصناعة خاصة «برومات البوتاسيوم»، رغم أن الدولة منعت استخدام هذه المادة، لكن نسبة لضعف الرقابة على المخابز والمطاحن نجد أن استخدام هذه المادة مازال مستمراً، وللأسف الشديد يتم استخدامها بكميات كبيرة «أكثر من 50 جزءاً من المليون لكيلوجرام القمح» مما يعد مخالفةً للمواصفات العالمية، إذ لا نجد في أى مخبز أو مطحن ميزاناً حساس، فتتم إضافتها بكميات كبيرة، ونسبة لعدم كفاءة الخلاط «تتلبك» هذه المادة في جزء من العجين، وقد يتناولها شخص واحد، مما يؤدى إلى حدوث السرطان في الكلى والغشاء البروتونى والغدة الدرقية، علماً بأن هذه المادة ذات اثر تراكمى، أما في ما يخص صناعة الفول السودانى فنجد ان التخزين هو الحلقة الأساسية في صناعة منتجات الفول السودانى، حيث نجد ان الفول نتيجة للحصاد والترحيل والتخزين غير الجيد ونتيجة لارتفاع الرطوبة، فإنه يسمح بنمو فطر «الأسبرجلس فليفس» الذى يفرز سموماً فطرية «الأفلانوكسن» في الفول أو منتجاته مثل الدكوة والزيوت، علاوة على عدم تكرير زيت الفول السودانى، أما عن جودة الصمغ العربى نجد أن الصمغ يتلوث، وعموماً نلاحظ أن معظم الاغذية لا يوجد اهتمام واضح بجودتها سواء أكان ذلك بالتصنيع أو الترحيل أو التداول، حيث أن معظم الأغذية يتم عرضها في ظروف تسمح بفساد مكونات هذه الأغذية، ولا بد من الاهتمام بالغذاء وصحته والمتعاملين في مجاله، كما يجب عرض الاغذية في أماكن مجهزة بصورة علمية وبعيداً عن مواقف السيارات والطرقات العامة، والاهتمام بمصانع الأغذية بالتفتيش الدورى والكشف على العاملين بها وعلى العاملين المخابز والكافتيريات والمطاعم وأسواق الخضر والفاكهة.