٭ يتوجه، بعد غدٍ السبت، فلذات أكبادنا، إلى قاعات امتحان الشهادة السودانية، وحسب جدول الامتحان، ستكون الورقة الأولى في مادة التربية الإسلامية، ومن الأبواب المقررة في مادة التربية الإسلامية، باب الفرائض. ٭ والفرائض (علم المواريث)، جمع فريضة، بمعنى التوقيت، والتقدير، والحز والقطع، والجزء من الشيء، ومن القوس موضع الوتر، ومن الزند حيث يُقدح منه. ٭ سُمى هذا النوع من الفقه فرائض، لأنه سهام مقدرة، مقطوعة مبيّنة، بدليل مقطوع به.. فالله عزَّ وجلَّ، ذكر الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات مجملاً، ولم يبين مقاديرها، وذكر الفرائض وبين سهامها وقدّرها تقديراً لا يحتمل الزيادة والنقصان. ٭ والفرائض نصف العلم.. جاء في حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا الفرائض وعلموه، فإنه نصف العلم، وهو يُنسى، وهو أول شيء يُنتزع من أمتي). ٭ ومن الصحابة الذين اشتهروا بعلم الفرائض، علي وابن عباس وزيد وابن مسعود، ولم يتفق هؤلاء في مسألة إلا وافقتهم الأمة، وما اختلفوا إلا وقعوا فرادى: ثلاثة في جانب وواحد في جانب. ٭ وحُكى أن الوليد بن مسلم، رأى في منامه، أنه دخل بستاناً، فأكل من جميع ثمره إلا العنب الأبيض، فقصه على شيخه الأوزاعي، فقال: تصيب من العلوم كلها إلا الفرائض، فإنها جوهر العلم، كما أن العنب الأبيض جوهر العنب. ٭ روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من علَّم فريضة كمن أعتق عشر رقاب، ومن قطع ميراثاً قطع الله ميراثه من الجنة). ٭ وفي الفرائض مسائل (طوبى لم يعرف حلها): إذا اشترى ابن وأخته أباهما، فعتق عليهما، ثم ملك الأب قنا فاعتقه، ثم مات الأب فورثاه بالنسب، ثم مات العتيق فميراثه للابن دون أخته، لكونه ابن معتق، لأن جهة بنوة المعتق، مقدمة على جهة الولاء. ٭ يُروى أن مالكاً قال: سألت عنها سبعين قاضياً من قضاة العراق، فأخطأوا فيها، ولهذا تسمى مسألة (القضاة). ٭ ومن المسائل: (الخرقاء)، قيل سميت كذلك لكثرة أقوال الصحابة فيها وتسمى (الُمسبّعة) لأن فيها سبعة أقوال، وتسمى (المُسدّسة) لأن الأقوال ترجع إلى ستة، وتُسمى (المُخمّسة) لاختلاف خمسة من الصحابة فيها، وتسمى (المُربّعة) لأنها إحدى مربعات ابن مسعود، وتسمى (الُمثلّثة) لقسم عثمان لها من ثلاثة، ولذلك سميت (العثمانية)، وتسمى (الشعبية) و(الحجاجية)، لأن الحجاج امتحن بها الشعبي فأصاب فعفا عنه. ٭ روى أن امرأة قالت لعلي رضي الله عنه، إن أخي من أبي وأمي مات، وترك ستمائة دينار، وأصابني منه دينار واحد، فقال على (على الفور): لعل أخاك ترك زوجةً وأماً وبنتين واثني عشرة أخاً وأنت، فقالت نعم، فقال: ذلك حقك. وتسمى هذه المسألة (الركابية) و(الشاكية)، لأنه يقال أن المرأة، أخذت بركاب علي واشتكت إليه، عند إرادة الركوب. ٭ أما المسألة (البخيلة) فسميت البخيلة لقلة عولها، لأنها لم تعل إلا مرة واحدة، وتسمى (المنبرية) لأن علياً سُئل عنها وهو على المنبر يخطب، فقال: صار ثُمن المرأة تُسعاً، ومضى في خطبته، والمعنى أنه كان للمرأة قبل العول ثُمن، وهو ثلاثة من أربعة وعشرين، فصار بالعول تُسعاً وهو ثلاثة من سبعة وعشرين. ٭ ومن المسائل: (أم الأرامل) و(أم الفروج): لأنوثية الجميع: كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم، وثماني أخوات لأبوين أو لأب. ولو كانت التركة فيها سبعة عشر ديناراً، حصل لكل واحدة منهن دينار، ولهذا سميت (السبعة عشرية) و(الدينارية العنصري). ٭ ولعل من أوضح المسائل: (الأكدرية) و(الكلالة).. قال الفرزدق: ورثتم قناة المجد لا عن كلالة عن ابن مناف عبد شمس وهاشم ٭ وفق الله أبناءنا، وسدد على طريق العلم خطاهم، و(هوَّن) عليهم مسائل الفرائض. الطف بهم يا لطيف.