تقرير : عبدالوهاب جمعة: تحدث مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع لمدة «6» دقائق، في ندوة المؤتمر الوطني بحي الانقاذ جنوبالخرطوم ،قبل ان يفكر احد من الحاضرين في التصفيق او التهليل والتكبير ،وذلك لجرأة المفردات التي تحدث بها.. ويبدو ان هذا تماما ما اراده نافع .. لم يكن نائب رئيس المؤتمر الوطني يهدف الى اثارة الحماس بقدر ما بدا انه كان يريد ان يرسل رسائل لكوادر المؤتمر الوطني .. وقذائف من الاتهامات الثقيلة على المعارضة . تحدث نافع بعبارات واضحة وهذا من شيم نافع الذي يجيد فن اثارة حماس عضوية المؤتمر الوطني ، واطلاق التصريحات النارية ، وقد اعد المؤتمر الوطني مسرح الخطابة لنافع فقد عبأ متفجرات الكلمات، ولم يعد امام نافع الا ان يضغط الزناد ليقذف وابلا من « كاتيوشا » التصريحات الملتهبة تجاه خصومه السياسيين. واعتبر نافع المرحلة المقبلة مرحلة تمايز صفوف بين الحق والباطل والخيانة والارتزاق «صف لاجل العزة والكرامة وصف للخيانة والعمالة». ووجه نافع انتقادات لاذعة للمعارضة ،وقال انها لاتستطيع ان تنفر في سبيل الله وتعمل على التخذيل ،واضاف «ناس الطابور الخامس في الخرطوم يحفرون قبورهم «، وقال ان بعض الاحزاب اشارت الى ان اعتداءات الجبهة الثورية ليست عدوانا خارجيا، كما شن هجوما لاذعا على صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي ، وقال انها تحرض على الوطن، موضحا انها الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية والمرتزقة والعملاء ، واتهم وفد المعارضة الذي زار جوبا بشهادة الزور، وشن هجوما لاذعا على التحالف ،ووصفه بالمخذل وهزم القيم ، والتفسق. وفي حدث متزامن التوقيت وبعيد في غرب امدرمان عن ندوة نافع ، شدد نائب الرئيس الحاج آدم يوسف لدى مخاطبته حشداً جماهيرياً مساء أمس الاول باستاد سيد الشهداء بود البشير ، على ان الحريات متاحة للجميع والندوات مسموحة «ولكننا لن نسمح باي حراك يدعم الجبهة الثورية»،لان القضية ليست قضية حكومة ومعارضة انما قضية وطن. هجوم نائب رئيس المؤتمر الوطني ونائب الرئيس على احزاب المعارضة فاجأ عدد من المراقبين والمحللين السياسيين لجهة ان التوقيت غير مناسب في وقت تحتاج البلاد لجهود جميع ابناء الوطن ، وثمة تساؤلات بدأت تتردد لماذا صعد المؤتمر الوطني من هجومه على احزاب المعارضة ؟ وما الاسباب التي تقف وراء الكلمات القاسية التي وجهها نافع نحو خصومه السياسيين ، وهل وجد المؤتمر الوطني في احداث ام روابة وابو كرشولا فرصة لتصفية حسابات قديمة مع المعارضة ؟ ولماذا لم يقدم المؤتمر الوطني دليلا واحدا على عمالة المعارضة التي ادعاها في اكثر من موضع وزمان؟ وصف الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الاستاذ كمال عمر اتهامات الوطني للمعارضة بانها «مضطربة » ،مؤكدا علي ان المؤتمر الوطني بات يعتمد على تقديرات بعض قادته في شن الهجمات على المعارضة، واعتبر ان ذلك المسلك يدل على وجود « فوبيا » . وقال كمال عمر في حديثه ل« الصحافة » ان المؤتمر الوطني في عزلة سياسية كاملة وبات يلجأ للمهاترات اللفظية ، واعتبر ذلك « حالة فشل واحباط » ويلفت الى ان المؤتمر الوطني فشل في التمويه على اخطائه لعدم وجود مؤسسات محاسبية تعمل على تصحيح الاوضاع وعدم تكرارها . لكن اذا كان المؤتمر الوطني فشل في استيعاب الاخر ولجأ الى الهجوم على المعارضة فماذا بعد هجوم نافع ، يجيب كمال عمر بالقول : ستلجأ الحكومة الى الاساليب القديمة ، متوقعا تشديد القبضة على المناخ السياسي ،وسيعمد المؤتمر الوطني الى وصف معارضية بانهم طابور خامس وغيرها من الاتهامات . ويرفض كمال عمر وصف الحكومة لهم بانهم طابور وخونة ،ويتساءل لماذا لم يقدم المؤتمر الوطني دليلا على خيانة المعارضة ؟ ويلفت الى ان الحياة السياسية ستشهد مزيداً من الاحتقان، والضغط على المعارضة. والمح عمر الى ان الحزب الحاكم بممارسته في اتهام المعارضة بالخيانة وتضييق العمل السياسي امام الذين ارتضوا المنطق ولغة الدستور ستفتح الباب واسعا امام الاتجاه الاخر المطالب بحمل السلاح . الا ان القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي يرد على تلك الاتهامات بالقول ان المعارضة اصلا لم تتوقف عن هجومها على الحكومة ،وابان ان الحكومة كلما فتحت بابا للمعارضة اغلقته، مضيفا « كلما قربنا نحوهم ابتعدوا » ،وقطع عبدالعاطي بان المعارضة تضيق على نفسها ، ونفى ان يكون المؤتمر الوطني قد استغل احداث ام روابة لتصفية حساباته مع المعارضة، وقال ان احداث ام روابة وابو كرشولا كانت حربا ضد المواطنين وليس المؤتمر الوطني وحده، واشار الى ان النازحين في الرهد من تلك الاحداث ليسوا كلهم مؤتمر وطني ، وشكك في ان يكون المؤتمر الوطني يحاول التغطية على اخطائه ،ويقول «نحن لسنا ملائكة اننا نخطئ ونصيب ومن يدعي الحق المطلق فهو باطل مطلق» ، واعلن انهم عند اكتشافهم اي اخطاء يسارعون الى تصحيحها فورا ،وابان انهم لا يتهمون احدا جزافا ،مشيرا الى انهم لا يعممون الجريمة على الكل وانما من ارتكب جريمة التخابر مع العدو سيجد عقابا شخصيا وليس جماعيا. نائب رئيس حزب الامة فضل الله برمة ناصر، قال ان الخط الذي بدأه امس المؤتمر الوطني هو من الخطأ بمكان ، مشيرا الى ان الوقت الان هو لحظة لجمع صف الامة ،وقال انه الوقت المناسب ليتنازل الناس عن مصالحهم الشخصية من اجل الوطن ،مؤكدا ان مصلحة الوطن فوق الجميع ، ويرد فضل الله برمة على العبارات « المؤلمة » التي تحدث بها نافع قائلا : « الرجال ما بيمسكوهم بالعصا بل بالكلمة الطيبة » ،مشيرا الى انها تخلق مرارات واعتبر القيادي بحزب الامة ان « جرح الكلمة اكثر ايلاما من السلاح » ،مضيفا ان التلويح بالتهديد لن يجدي نفعا ،وقال ان الحقائق تظل حقائق ،فالحقيقة هى الحرب بين ابناء الوطن الواحد ،ويرى برمة ناصر ان الحل الامثل هو الجلوس مع بعض ،مضيفا ان من ينتصر هو خاسر في الوقت نفسه لان الجميع هم ابناء الوطن . ويلفت الى نزاع الجنوب الذي استمر «50» عاما من الحرب لم يحسمه السلاح وانما الجلوس للتفاوض والحوار ، ودعا مسئولي الحكومة الى التصرف كرجال دولة والجلوس مع الجميع . واعتبر فضل الله ان تلك التصريحات تصب النار في الزيت، داعيا الى ايجاد مخرج لكل مشكلات البلاد بالجلوس والنقاش حولها، مضيفا « كل شخص يراجع حساباته ونفسه فالبلد بلدنا ومحتاجة لجهود الجميع » ، وختم فضل الله برمة ناصر حديثه باهداء بيت من الشعر الى نافع علي نافع يقول فيه : قومي هم الذين قتلوا اميمة اخي .. ان عفوت لاعفون جللا .. واذا رميت يصيبني سهمي » على ان المحلل السياسي بروفسور الطيب زين العابدين يقول ان حكومة المؤتمر الوطني في ورطة ،مشيرا الى انه بات يلجأ الى عملية استفزاز المعارضة والضغط الاعلامي عليها ، ورأى ان المؤتمر الوطني لجأ الى الهجوم على المعارضة بعد ان عجز في استقطاب احزاب المعارضة لتعمل لصالح اوراقه ،وربط زين العابدين في حديثه ل«الصحافة» بين التسريبات التي اشارت الى قرب مشاركة مريم الصادق في الحكومة التي لم تصدر عن حزب الامة ،وهو الجهة الوحيدة التي يمكنها ان تؤكد تلك الشائعات او تنفيها . ويرى زين العابدين ان المؤتمر الوطني يحاول تغطية اخطائه الكبيرة ، واعتبر ان الهجوم على المعارضة لا قيمه له من الناحية السياسية ،لان الوطني لم يحقق انجازاً سياسياً يحسب له سوى اتفاقه مع عقار، الذي وأد قبل مولده ،ويتوقع بروفسور العلوم السياسية بالجامعات السودانية ان يفتح هجوم نافع على المعارضة باب ردود من المعارضة .