منحت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في ايران الفرصة في الرئاسة هذه المرة للمرشح حسن روحاني الذي اتسم خطابه السياسي والرئاسي بالوسطية والموضوعية رغم ان السلطة في الجمهورية الإسلامية ليست كلها بيد رئيس الجمهورية وانما للمرشد الأعلى كلمته وقراراته وتوجيهاته التي ربما كانت تعلو على غيرها. ومع ذلك فان المؤشرات والافادات التي صدرت عن الرئيس الجديد تقول بأن روحاً جديداً في السياسة الخارجية والاقتصاد وعلاقات الجوار والوسطية المذهبية سيكون ملموساً ومن ضرورات المرحلة.. ذلك ان مرحلة الرئيس السابق (نجاد) قد كانت لها من السلبيات على الشعب الايراني وغيره الكثير وان كانت أسباب ذلك كله ودواعيه معروفة. ومنها بالنسبة إلى الدول الغربية: انهيار نظام شاه ايران في مفتتح عام 1979م واحلال الجمهورية الاسلامية بقيادة الامام الخميني محله ثم أحداث الحادي عشر من سبتمبر-ايلول 2001م والمشروع النووي الايراني والعلاقات المتوترة بين الجمهورية الإسلامية وجوارها الخليجي الذي يشكل مركز اهتمام اقتصادياا وأمنيا كبيرا لتلك الدول - أي الدول الغربية التي ألقت بكل ما لديها من وسائل ضغط ومقاطعة على ايران. وأما بالنسبة إلى دول الجوار الخليجية فان أمنها المجتمعي واستقرارها يشكلان عنصراً كبيراً من عناصر العلاقة بين الطرفين. وهنا يشار إلى الخلافات المذهبية وتقاطع المصالح. ثم جاءت الحرب في العراق والانتفاضة في سوريا واليمن قبل ذلك بمضاعفاتها لتزيد الطين بلة.. وقد تداخلت بالأمر الخلافات العقدية والمذهبية. الرئيس روحاني في أول مؤتمر صحفي له وقد كان محضوراً من كل أجهزة الإعلام ووسائطه العربية والأجنبية أبدى استعداداً للانفتاح والتفاهم عالمياً وعربياً، وان لم يتخلَ بطبيعة الحال عن مشروع ايران النووي السلمي ولا دعمه للرئيس السوري بشار الأسد. ولكنه أكد الحل السوري دون تدخل خارجي كما أكد علاقات حسن الجوار وتبادل المصالح والمنافع والعلاقات الدينية بين ايران والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول المنطقة.. ممثلة في جامعة الدول العربية والمنظمات الاسلامية الأخرى. وهذا كله برأينا لن يكون ممكناً بغير تجاوز الخلافات المذهبية والتدخلات في الشؤون الداخلية الشيء الذي بدأ يتمثل ويتجسد في تعاطي حزب الله اللبناني بالشأن السوري على نحو واضح وصريح.. ما أساء للحزب نفسه وأفقده الصورة التي كان يتمتع بها في أذهان الكثيرين وذاكرتهم وهو يخوض حربه يومئذ ضد الدولة العبرية - اسرائيل. وغني عن القول والذكر ان الروح الجديدة التي سيضفيها الرئيس الايراني الجديد (حسن روحاني) على الحكم تحتاج إلى تفاهم ومراجعة مع السيد المرشد الأعلى للثورة الاسلامية وجهات أخرى لا ريب ليتسنى له من بعد انفاذ سياساته ووعوده التي أطلقها في حملته الانتخابية وبعد ان صار رئيساً لجمهورية ايران الإسلامية. ولابد ان هذا كله وارد في أجندة وبرنامج عمل الرجل الذي له خبرته وثقة شعبه وناخبيه به. ومن ثم ليس أمامنا كمراقبين ومتطلعين إلى ما يتوقع من تغيير ومستجدات في المنطقة والعلاقات الدولية والاثنية والأمنية إلا أن ننتظر لأكثر من (مائة يوم) وهي سُنة امريكية وبدعة اعتراضية مصرية وسودانية، لنرى ما هو الجديد في سياسة الرئيس روحاني الذي يجعلنا نتجاوز وننسى ما أصاب العلاقات الدولية والاقليمية من تصدعات ابان حقبة الرئيس السابق - أحمد نجاد.