: وصلت المعاناة حداً شاملا وهى بالتأكيد مظاهر لأزمة الوطن بكامله ، حيث الكثيرون يعتبرون ولاية الخرطوم هى سودان مصغر مع بعض الفوارق فى التشبيه ، الخرطوم تحتضن فى أوقات الذروة ثلث سكان السودان ، وتستأثر باستهلاك 60% من التوليد الكهربائى و 80% من المستشفيات والأطباء وتحظى فوق ذلك باكبر كتلة من أساتذه الجامعات والمتعلمين وبها المؤسسات والوزارات الاتحادية وتحتضن الزعامات السياسية الحاكمة والمعارضة باستثناء زعامات الحركات المسلحة ، وتتحرك فيها يوميا أكبر كتله نقدية فى البلاد ، الخرطوم رغم هذه الامكانيات النسبية مقارنة مع بقية الولايات فهى تحظى باكبر عدد من الفقراء ، هذه الخرطوم تعانى أزمة فى مياه الشرب ، مشكلة فى المواصلات ، كارثة صحية وبيئية ، هذه الخرطوم تشتكى وتئن تحت وطأة انقسام سياسى حاد وانقسام اجتماعى ، الخرطوم تغطى أنفها من رائحة الفساد والاعتداء على المال العام بشكل لم يسبق له مثيل ، وفقا لتقرير المراجع العام فقد زادت نسبة الاعتداء على المال العام لتصل الى 268% عن العام السابق وذلك فى الفترة من 1/9/2011م وحتى 31/8/2012 م، وتوزعت حالات الاعتداء على المال العام ليكون نصيب الولاية 78% والمستوى المحلى 22% ، و يمكن القول ان ماحدث من تصرفات عدوانية تجاه المال العام يتجاوز كونه فسادا وتعدياً على المال العام ليصل إلى مرحلة الاستهتار ويتجاوز كونه اهداراً وتبديداً وتجاوزات ليمكن وصفه بانه جرائم تتعدى ضياع المال الى التسبب فى كل المشاكل والأزمات التى تعانى منها الولاية على الاخص والبلاد بشكل أعم ،مؤسسة واحدة هى الضرائب تحصلت على ايرادات بلغت " 213,274,541" جنيهاً تم توريدها بالكامل و اظهرت دفاتر وزارة المالية استلام "197,802,229" جنيها فقط بفارق "15,773,213" جنيها ، واشتملت أبرز المخالفات فى تجاوز قانون الشراء والتعاقد واللوائح الصادرة بموجبه ومخالفة قانون الاعتماد المالى حيث بلغت التجاوزات فى بند الاعانات نسبة بلغت "2980 % " بسداد مبلغ "297" مليونا فى بنود غير ملزمة لحكومة الولاية كحوافز محتملة لمنتجين غير معروفين كذلك كيف يمكن للمتوفين من الشهداء " رحمهم الله " ان يترقوا ويحفزوا ويستلفوا ، بالرغم من صدور قرارات سابقة بتحويل كشوفاتهم الى المعاشات على ان تلتزم الحكومة بسداد مستحقاتهم، وقد نص القرار على انهم مسؤولية الحكومة الاتحادية ولاشأن لولاية الخرطوم بهم مما يلقى بظلال من الشك على الرواية برمتها ولايفيد هنا ما قال به السيد وزير مالية الولاية والاحتجاج بالقرار الجمهورى الصادر فى هذا الشأن والقاضى بمعاملة الشهداء معاملة الاحياء ، لان هذا القرار أعقبته قرارات وقوانين حددت الشهداء النظاميين وكيفية التعامل معهم والمتطوعين ونسبه النظاميين مثل الدفاع الشعبى لم تحدد لهم مخصصات صراحة الا فى تعديلات قانون القوات المسلحة 2013م وهو قرار لم يعتمده السيد رئيس الجمهورية وهو بالتالى ليس نافذا حاليا بينما التقرير خصص للتجاوزات لسنه2011/2012 ، وتأتى توجيهات السيد مدير عام وزارة المالية بولاية الخرطوم " السودانى 9 يوليو 2013 العدد 2711" حول العام 2010م وهو مالم يتطرق اليه تقرير السيد المراجع العام وربما لايمانع السيد الوزير فى الاتفاق معنا فى ان التوضيحات التى تفضل بها هى شكلية ولاتمس جوهر القضية وهى أن هناك اعتداء على المال العام زادت بنسبة 71% باعترافه هو وهى نسبة مخيفة ، المعروف وحسب قانون المراجعة القومية المستند على الدستور ان يقدم المراجع العام تقريره للاجهزة التشريعية ، غريب ان تتصدى جهات بعينها مسها الامر الى تصويب وتصحيح معلومات استقاها المراجع من دفاترها وسجلاتها ، الجهة الوحيدة المختصة بتقرير المراجع العام هى الاجهزة التشريعية ومن حقها اجازته او رفضه، المراجع العام يرسل كل المعلومات والبيانات التى تجمعها فرق المراجعة للجهة المعنية ولايضمنها تقريره الا بعد ورود ملاحظات تلك الجهات و بعد ذلك تخضع للوسائل المهنية والفنية التى تصاغ بها نتائج المراجعة ، فالتجاوزات ، التعدى ،الاعتداء ، الإهمال ،الاهدار ، التبديد ، الاختلاس و خيانة الامانة لكل منها توصيف و طرق اثبات و عقوبات ولا ينفع التلاعب بالمفردات و الايحاء كأن يكون التعدى هو الاعتداء. الأزمات تعصف بالولاية من كل جانب والمجلس التشريعى للولاية كأنه لايسمع ولايرى وكأن ما يجرى لايعنيه،هذا المجلس الزاهد فى شئون مواطنيه يلغى جلسته المخصصة لمناقشة تقرير المراجع العام ليناقش أمرا خارج جدول الاعمال يقدمه رئيس لجنة تطوير المسجد السيد بدر الدين طه، وهو مشروع لتطوير الجامع الكبير بتكلفة 27 مليون دولار، و هو موضوع نسبى الاهمية فهذا المسجد ظل على حاله عشرات السنين يؤمه المصلون دون احتجاج او تذمر من حالته ، لكن المواطنين وفى كل يوم و ساعة يجأرون بالشكوى من تردى الخدمات و انعدامها، وانفلات غير مسبوق فى الأسعار بمناسبة الشهر الكريم والوالي يلاحق كيس الصائم الذى تم بيعه للعاملين بغير ماوجه بأسعار لاتقل عن أسعار السوق، و طوراً يلاحق بصاته يحدث هذا فى الوقت الذى يموت فيه الفقراء جوعا ، والمرضى من الاطفال والنساء لايجدون علاجا ، واعداد الفقراء فى ازدياد وتقول الاحصاءات ان ما يزيد على نصف سكان الولاية « 60% » هم من الفقراء ، ان الذى يحدث يتعدى الفشل فى ادارة الولاية ، الى الاصرار على الفشل ، يتعدى اهدار الموارد الشحيحة اصلاً الى تدمير مصادر الموارد ، متى يتحرك مجلس الولاية التشريعى لانقاذ ما يمكن انقاذه ؟؟