تقرير:فاطمة رابح: يختزل خبراء أمنيون وقف العدائيات بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق الذي دعت له الحركة الشعبية امس الاول في انها محاولة تكتيكية ماكرة وخبيثة ذات اهداف مغايرة للدوافع الإنسانية ، بينما يري خبراء سياسيون ان الحركة الشعبية تضمر في نيتها استقطاب المجتمع الدولي للوقوف الي جانبها حال لجوئها لاية ضربات عسكرية يمكن ان تفاقم الأزمة الإنسانية، ويعتقدون ان الخلاف بين الخصوم سياسي في جوهره يمكن ان يحسم بالحوار السلمي بدلا عن البندقية غير ان المؤتمر الوطني الحزب الحاكم يشير الي ان اعلان الحركة الشعبية مثابة تجهيل للشعب السوداني، بل نصحها بان توقف العداء وتسأل نفسها عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان ان كانت صادقة . ففي ذات الوقت الذي نقل فيه مكتب الأمين العام للحركة الشعبية «ياسر عرمان أن القائد العام لقوات الجيش الشعبي الفريق «مالك عقار» أصدر بياناً وجه فيه جيش الحركة في مناطق جنوب كردفان، جبال النوبة والنيل الأزرق بوقف العدائيات لمدة شهر لدواعي إنسانية، وأمر قوات الجيش الشعبي بمساعدة المواطنين المتأثرين بالسيول والأمطار في مناطق تواجدهم، قللت القوات المسلحة طبقا للناطق الرسمي العقيد الصوارمي خالد سعد من اعلانها باعتبار ان قطاع الشمال قوة عسكرية علي الارض تفتقر للمقدرة للقيام باية اعمال عسكرية واجراء لاقيمة له، بينما اعربت الحكومة عن ترحيبها بذلك الاعلان من طرف واحد ووصفته ببادرة حسن النية وقالت انها سترد التحية بأفضل منها حسب مارشح في وسائل الاعلام امس . و يعتقد محللون سياسيون ان مبادرة الحركة الرامية لوقف اطلاق النار بالمحاولة التكتيكية السياسية كالمناورة في انها تريد السلام وهي التي استغلت وجودها في مؤتمر جنيف الذي دعا اليه مركز «الحوار الإنساني» غير الحكومي لاطلاق هذه المبادرة مؤخرا . وتتمحور مضامين الخلاف بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قطاع الشمال في اصرار كل طرف وتمسكه برؤيته التفاوضية القاصدة لاحلال سلام، وبينما تريد الحكومة ان تحصر المفاوضات في قضيتي المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الازرق» تصر الحركة الشعبية علي الحل الشامل للقضية السودانية وهيكلة سلطة المركز وهو ما ادي الي انفضاض جلسات اديس ابابا في جولتها الاولي ولم تستأنف حتي اليوم رغما عن مجهودات الوساطة الافريقية المشتركة في عملية رأب الصدع بينهما برئاسة ثامبو امبيكي كما انه مازال يواصل المساعي لاحلال السلام كما ان مصادرنا اشارت الي ان الحركة لم تكن راضية عن المؤتمر الدولي بقضية دارفور تحت رعاية الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في مدينة أروشا ، حينما ابدي زعماء الفصائل المسلحة المعارضة في الاقليم بدء المفاوضات مع الحكومة لانها تري ان الحلول الجزئية غير مجدية رغما عن وصفها للبيان الختامي بانه كان موفقا. في هذا السياق يعتقد المحلل السياسي والخبير المدني حافظ اسماعيل ان دعوة الحركة الشعبية تحمل حزمة من المضامين والرسائل اجملها في المناورة السياسية التي تؤكد رغبتها في السلام وكسب المجتمع الدولي الي صفها اذا حدثت تداعيات عسكرية وتفاقمت الأزمة السياسية ان لم تستجب لها الحكومة، لكن عضوا وفد التفاوض للحكومة اللواء مركزو كوكو قال ان الرئيس البشير اعلن في وقت سابق وقف العدائيات من خلال انعقاد مؤتمر الادارة الاهلية منذ العام الماضي وان الحركة لم تستجب مبديا امله في ان تكون مدة الشهر هذه تمهد الارضية لمحادثات جادة بينما يخشي المحلل السياسي حافظ اسماعيل من ان تصاعد الحركة الشعبية عملياتها العسكرية في ظل التماسها الرفض من جانب الحكومة وهو ما يعقد المسألة بصورة اكبر امام لجنة الوساطة الافريقية وتقريب وجهات النظر بينهما لكنه يشير الي ان الجهود مازالت متواصلة ، ويحض الحكومة في ان تستغل هذا الظرف لصالح معالجة المشاكل واحلال السلام، الي جانب تعزيز الثقة خاصة وان السودان اصبح ليس بالاولوية المهمة في نظر المجتمع الدولي نسبة لتطورات الاوضاع التي يشهدها المحيط الاقليمي حسبما يشير . وفي المقابل يري الخبير الامني حسن بيومي ان المواقف العدائية تظل ثابتة عند الحركة الشعبية لكنها تحاول تغيير التكتيكات بحيث انها ربما تريد التشوين لعمليات عسكرية من خلال دعوتها بوقف اطلاق النار مع الاخذ في الاعتبار حسن النوايا ايضا، ويضيف ان الاغاثة تعتبر مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها وانه ليس من شأن او اختصاصات الحركة ان تهتم بذلك ، وهنا يشير حافظ ان المبادرة تأتي في سياق متفق حوله خاص بالمبادرة الثلاثية من قبل والمقدمة من الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية، بشأن توصيل المساعدات الإنسانية للمتأثرين من الحرب في الولايتين. بيد ان بيومي يري انها مسؤولية الحكومة وحدها فهي التي تأتي بالدعم حتي لو من الجن الاحمر علي حد قوله، ويضيف ان دعوة الحركة تحمل بين ثناياها مكرا وخبثا لاحراج الحكومة امام الاخرين واظهار الوجه القبيح لها امامهم مشيرا الي ان المعينات الإنسانية التي تحملها بعض المنظمات الإنسانية ذات اهداف واغراض تحت غطاء العمل الإنساني وليس جلها تحمل شرابا ومأكلا وقال ان القوات المسلحة مؤكد انها توفرت لديها معلومات تضر بالسلامة والامن واسباب مقنعه تحملها للرفض بهذا الشكل. كما ان القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي يري ساخرا من اطلاق الحركة الشعبية لدعوتها باعتبار انها تضمر تمويهيات وتجهيل للشعب السوداني من خلال ادعائها بانها تريد وقف اطلاق النار وانما الحقيقة هي عكس ماتقول ومزيدا من القتل والتشريد للإنسان ونصحها بان تلتزم بوقف العدائيات في وجه اهلها وان تكف عن ملاحقتهم بالسلاح وطردهم من مساكنهم علما بأن المقربين اولي بالمعروف علي حد قوله ، واستطرد ثانية «من خلي عادتو قلت سعادتو»واستغرب عبدالعاطي خلال حديثة ل«الصحافة »امس عبر الهاتف في ان اول رصاصة تطلقها الحركة الشعبية تصيب اهلها ، وطالبها بأن تسأل نفسها اولا عن الانتهاكات التي ارتكبتها بصورة بشعة في حق الإنسانية التي لم تنقلها العدسات الاعلامية ولم تشاهدها الأعين البشرية .