في بداية التسعينيات، لمع نجم عازف الأورغ عبدالعال صلاح، ذلك العازف الذي اشتهر بأنه أفضل من يجيد تقديم الفنانين و(صناعتهم) بالرغم من رفض عدد كبير من الفنانين للاعتراف بذلك أولئك الذين صنعهم عبد العال، ف(اصطنعوا) الغباء، وقابلوا الجميل بالنكران والخذلان. سنوات مرت، ليختفي عبد العال تدريجياً من الساحة ويظهر آخرون منهم أيمن الربع، ذلك العازف الذي وجد من الصيت ما لم يجده عبد العال نفسه، وذلك لظهوره بشكل جديد وتقديمه ل(صولات الزنق) في قالب درامي أكسبها الكثير من الزخم. بعد الربع توالت الأسماء، فظهر نيجيري والذي لم يصمد طويلاً على القمة وذلك بعد أن انهى (طاسو) خدماته وأحاله إلى (المعاش الإجباري)، لنعيش اليوم في (زمن طاسو)، هذا الزمن الغريب والعجيب الذي جعل (المعازيم) يحملون في الحفلات (الكراسي) و(الحمير) و(الكلاب) تعبيراً عن سعادتهم و(طربهم العظيم) .! وقبل أن نلوم (طاسو)، يجب أن نواجه أنفسنا بالحقيقة، وهي أن مجتمعنا هو من صار اليوم يمنح (صكوك الشهرة) بلا معايير أو تدقيق، والدليل هو انتشار صولات (طاسو) في كل مكان، في (الركشة) والسيارات الخاصة والمكتبات وحتى (صوالين الحلاقة)، ذلك (الاستقبال والتجاوب الشعبي) الذي حول (طاسو) من مجرد عازف (متمرد) إلى (أسطورة موسيقية) جديدة.! في دول العالم المتقدمة، يتم اعتماد المواهب الحقيقية التي تضيف إلى البلد، وتتم رعاية تلك المواهب حتى تضمن الدولة (تسويقها) للعالم وبالتالي اكتساب عنصر (التأثير)، أما نحن، فلا نلقي بالاً للعالم ولا للتأثير، ونحتفل بالغريب والعجيب، بينما مواهبنا الحقيقية تموت في صمت، ويموت معها في كل صباح جديد أملنا في الخروج بأغنياتنا وموسيقانا للعالمية. قبيل الختام: اليوم (طاسو)… وغداً سيظهر عازف جديد لن يرهق نفسه كثيراً في تجهيز نفسه قبل الوقوف أمام الجمهور، فقط يكفيه ارتداء (كاب صارخ اللون) وبضعة (سلاسل) والتزود ب(صولات ماجنة) قادرة على تفتيت (كتل الذوق الرصين). شربكة أخيرة: قديماً كنا نقول إن كل (زمن وليهو ناسو)…أما اليوم فكل زمن وليهو (طاسو)… وما بين (الناس) و(الطاس) بتنا بحاجة ماسة لتفعيل حاسة (الإحساس).!