اكتسب المؤتمر الوطني خبرة كبيرة من عمل تلك اللجنة، وذلك أن بعض ممن مثلوا أمامها عرفوا بشراستهم مثل أسامة علي توفيق الذي شكك في عدم قانونية اللجنة، أما العميد (م) صلاح الدين كرار فكشف عن حداثة عهد أحد أعضاء اللجنة بالحزب، بينما العميد (ود إبراهيم) سخر من إخضاعه للمحاسبة لتوقيعه على مذكرة بينما حاول القيام بانقلاب ولم يسأل عنه. فيما اتهم د. فضل الله أحمد عبد الله أحد أعضاء اللجنة بأنه واحد من أسباب أزمات البلاد. ورغم تلك المواجهة الخشنة في اللجنة إلا أنه رب ضارة نافعة حيث أقر المكتب القيادي للحزب لائحة لجان المراقبة والمحاسبة الولائية في 2014م وفي العام الماضي كشف مقرر مجلس شورى الوطني محمد طاهر أوشام ،عن إصدار توجيه للولايات بتفعيل لائحة الانضباط والمحاسبة لحسم أي خلافات حول الأطر التنظيمية، بعدها خفت بريق اللجنة المركزية ربما لعدم وجود حالة تستحق المحاسبة، فاسندت مؤقتاً لأمين التنظيم السابق د. فيصل حسن إبراهيم، ولم يطرأ جديد بشأنها ليقوم الحزب قبل نحو أسبوعين بترتيب أوضاعها مجدداً وتسمية المكتب القيادي للدكتور الحاج آدم يوسف رئيساً لها. ما وراء القرار أمس الثلاثاء أعلن نائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود عن اعتزامهم تفعيل المراقبة والمحاسبة لأجهزة وهياكل الحزب، من خلال لجنة الحاج أدم، وعزا ذلك إلى التحديات التنظيمية الراهنة.. استبق الحزب بخطوته ماهو متوقع مع انتخابات 2020م، كما أن الحزب بتفعيله للجنة سيجنب ولايات أخرى سيف الإطاحة بالتشريعي، وأن ما جري في الجزيرة لَ(عِبرة)، ليطالب إبراهيم محمود عضوية حزبه بضرورة التعاون لجعل حاكمية المؤسسات مقدمة على الأفراد، خصوصا في المرحلة المقبلة التي ستشهد إعادة البناء بالولايات. جاء اختيار د. الحاج وأزمة ولاية الجزيرة كانت في أوجها قبل أن يقطع رئيس الحزب، رئيس الجمهورية المشير عمر البشير(دابر) الأزمة بحل المجلس التشريعي.. ولكن بشكل عام فاللجنة تعتبر في ظاهرها مثلها ولجان الطوافات، الانتخابات، وغيرها من اللجان الكبيرة التي يشكلها الحزب، بيد أنها اكتسبت أهميتها من رئيسها د. الحاج الذي يمتلك خبرة كبيرة في العمل التنظيمي، من القواعد منذ كان مسئولا عن اللجان الشعبية في سني الإنقاذ الأولى فضلاً عن امتلاكه ذخيرة معلوماتية هائلة عن الحزب بالولايات التي عمل بعدد منها، علاوة على صرامته وإيمانه غير المحدود بأن الحزب يعلو ولا يُعلى عليه وله مقولة راسخة : (ليس لأي قيادي في الحزب والدولة قيمة دون المؤتمر الوطني)، بل أنه لدى استضافته ذات مرة في برنامج بقناة الخرطوم، دعا وسائل الإعلام لتوخي الدقة في إطلاق لفظ قيادي على أناس قال إنهم لا يحملون صفة القيادة لا موقعاً ولا شخصية ولا هيبة. بندول نافع برز التفلت والخروج عن الأطر التنظيمية وبشكل لافت داخل أروقة المؤتمر الوطني إبان انتخابات العام 2010م، التي شهدت صراعاً شرسا خاصة عند انتخابات الولاة، حيث طغى الولاء ل (القبلية) على حساب (المؤسسية) وتنامى تيار (الشللية) على حساب (الجماعية) وبرز (الاستقطاب)، فوق (الاستيعاب). وقتها اضطر نائب رئيس الحزب د. نافع على نافع للتدخل بشكل شخصي لمحاسبة المتفلتين ووقف نزيف فقدان الحزب لهيبته ووقاره وفي محاولة منه لتعديل النتيجة ومن ثم ترجيح الكفة لجأ إلى (البندول)، وأطلق تصريحه الشهير (الزعلان بنديهو بندول)، ولكن مع اقتراب انتخابات 2010م أحس نافع أن (بندوله) أقل تأثيراً لإزالة صداع المتفلتين الذي كاد يشق رأس الحزب لنصفين، فلجأ للترهيب بشكل مستتر من خلال إرسال وفود مركزية لبعض الولايات كان أبرزها الوفد الذي قاده البروفيسور إبراهيم غندور وصلاح عبد الله (قوش) إلى الجزيرة لإسكات القيادي الشرس عبد الباقي علي، والوفد الذي طار إلى كسلا بقيادة الوزير حينها كمال عبد اللطيف وجاء برئيس التشريعي أحمد حامد موسى الذي كان قد دخل في صراع مع الوالي محمد يوسف. وثيقة الإصلاح وجد الوطني أنسب فرصة لإخماد نيران التفلت – ولنقل إسكات الأصوات المغاضبة – أو الجهيرة والتي لها رأي في مسيرة وأداء الحزب أن يلجأ للتقويم من الداخل بإصدار وثيقة الإصلاح والتي أظهرت هي الأخرى متفلتين مما دفع الحزب للتحدث وقتها عن وجود من وصفهم بأصحاب الأجندة الذين لا يريدون لعملية الإصلاح أن تنتظم الحزب والحكومة وقطع بأنه لن يتهاون في حسم خلافات أعضائه عبر مؤسسات الحزب. لجان المحاسبة في الأحزاب لجان المحاسبة والضبط بالأحزاب محل خلاف شديد أبرزها بحزب الأمة القومي وكان قد اتهمها القيادي بالحزب د. ابراهيم الأمين بأنها معطلة وعزا ذلك لخلل تنظيمي بالحزب بأن فيه مؤسسات ولا توجد فيه مؤسسية، وكشف في حوار صحفي بالزميلة (الصيحة) أن مبارك الفاضل عندما طلب من اللجنة محاسبته رفضت، وقالت هذه فتنة، واعتبر ذلك خللاً. وكذلك الخلاف الذي نشب بين نائب رئيس الحزب الفريق إبراهيم صديق والناطقة باسم الحزب وقتها سارة نقد الله وأعلن صديق جاهزيته للمحاسبة لكن قال يجب أن تشمل الجميع. وقد سبق لحزب الأمة أن احتكم لمجلس الأحزاب الذي اقر بحق الهيئة المركزية للحزب بمحاسبة الأمين العام والمكتب السياسي باعتبارها أجهزة منتخبة. لكن اشهر قرار محاسبة كان للجنة المحاسبة والانضباط بالحزب الاتحادي الديمقراطي عندما فصلت القيادية والوزيرة السابقة إشراقة سيد محمود وآخرين في فبراير من العام الماضي، والذي اشعل نيران الصراعات بالحزب لأكثر من عام.