أن يكون هناك خلاف بين أحزاب وحركات بل وكل مكونات قوى الحرية والتغيير فإن هذا مع ضرره على سير الفترة الانتقالية لكنه ليس بالأمر الذي يثير كثير قلق والمقلق حقا أن يكون هناك خلاف بين المكون العسكري وخلفه الجيش وبقية القوات النظامية والمكون المدني وتحته الحاضنة السياسية للحكومة مصدر القلق ما يمكن أن يصل له هذا الخلاف في ظل إمكانيات أي طرف من أدوات الصراع فالمكون العسكري يستمد قوته من جيش طويل وعريض وعريق إضافة إلى بقية القوات النظامية المستهدفة بالتجريد من مواردها المالية والمكون المدني يستند على أحزاب تحترف العمل المعارض وصناعة التوترات خاصة قوى اليسار لقد وضع الطرفان نفسيهما أمام مواجهة من الصعب تلافيها وتفاديها خاصة بعد تبادل الاتهامات بالفشل وبالسيطرة على المال العام وحتى إن سكت الطرفان عن هذه الاتهامات عبر تفاهمات قادمة فسوف لن يسكت عنها الإعلام وستظل حاضرة عند كل مناسبة واحيانا بلا مناسبة. يزيد من حدة المواجهة الحالية الأوضاع الاقتصادية التي أصبحت تتعقد كل ساعة وليس كل يوم ولا مخرج منها لأي طرف إلا بتأكيد اتهامه للآخر سواء أكان بالفشل أم بالسيطرة على موارد الدولة. من ينتصر في المواجهة القائمة ليس هو من يملك القوى العسكرية أو المقدرة التنظيمية وإنما ينتصر من يستطيع أن يكسب الشارع إليه والشارع فقط هو الذي يغلب كفة طرف على آخر لذا كان خطاب كل طرف مرسل بعناية إلى بريد الشارع . المكون العسكري يحاول استثمار العلاقة التاريخية بين الجيش والشعب لعزل حكومة قوى الحرية والتغيير وهزيمتها وتحاول قوى الحرية والتغيير من جانبها استثمار المناخ الثوري بتصوير الجيش مغتصبا للثورة والثروة والسلطة. الشارع نفسه ليس كلا متماسكا وإنما هو تياران أفئدة بعضه مع المكون العسكري والجيش من خلفه وهو التيار الذي ينتظر الجيش قيادته للشارع ومن ثم الاستجابة له بالإطاحة بالشريك المشاكس وتيار تأمل قوى الحرية والتغيير أن تنتصر به على المكون العسكري والجيش وعلى التيار المدنى الآخر! خارجيا أيضا ينقسم العالم من حولنا الى تيارين كل منهما سيعمل على نصرة الفريق الذي يحقق أهدافه ومصالحه من خلال تشكيل السودان الذي يريد. أخطر ما في الأمر أن تنقسم القوات النظامية على نفسها في هذه المواجهة فتصبح هناك قوة مدنية وعسكرية في جانب وقوة عسكرية ومدنية مواجهة في الجانب الآخر ! في الآخر يكسب من يكسب الشارع.