ربما لم يكن متوقعا ان تكون لوحة (خلق آدم) التي رسمها مايكل انجلو اشهر رواد عصر النهضة ان تكون ضمن المقررات الدراسية لتلاميذ الصف السادس بالسودان، وعندما اصبح الامر واقعا زلزلت اللوحة اركان وزارة التربية والتعليم، وقدم وزير التربية والتعليم ومدير المركز القومي للمناهج استقالاتهما، فاللوحة التي وجدت انتقادات واسعة في السودان واعتبرها مجمع الفقة اساءة للذات الالهية، وانتقد كتاب التاريخ للصف السادس بحجة انه صور الدين الاسلامي دين للارهاب وحرم تدرسيه، وبعد ان ذرف ائمة المساجد الدموع وارسل البعض تهديدات بالقتل للقراي، اصدر رئيس الوزراء قرارا بتجميد العمل بالمنهج الجديد. أمس الاول كون رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لجنة قومية لمراجعة المناهج علي ان ترفع تقريرها بعد اسبوعين، اومهمة اللجنة التاكد من ان كل مادة تم اعدادها بواسطة لجنة مختصة، وتساهم بفاعلية في تحقيق أهداف التعليم الجيد، وللتأكد بأن المنهج الجديد التزم بمعايير المهنية والقومية وانه قابل للتدريس. خبراء تربويون اعتبروا ان قرار رئيس الوزراء بتعطيل المنهج الجديد غير مدروس وعاطفي ناتج عن ضغط من جهات لا ترغب في التغيير الجذري للتعليم. آخرون وصفوه بالمضطرب فيما يختص بالمناهج وانه (ماسك العصا من النص)، فهو لا يريد ان يغضب القراي، كما انه لا يريد فتح باب للهجوم علي حكومته من قبل رجال الدين والمواطنين الرافضين تدريس المنهج لابنائهم، وقالوا يوجد رفض واسع لهذا المقرر ولا يمكن ان يأتي حمدوك براي آخر ويقول انه ستتم مراجعته، واضافوا : اللجنة ستصدر قرارا بتدريس المنهج الجديد، وسيبرر حمدوك بأن القرار للجنة وليس رأيه شخصيا. الخبير التربوي محمد كوكو اعتبر ان رأي رئيس الوزراء حول المناهج غير واضح، مشيرا الى انه بعد قرار تجميد العمل بمنهج القراي تم توزيع الكتب في بعض المدارس، ووصف الامر بانه مؤامرة تتم في الخفاء، وقال ان استقالة القراي ووزير التربية والتعليم ليست صحيحة بل (لعبة) وتمثيلية (بايخة) –حد تعبيره- لاسكات الراي العام، واضاف : نحن نريد مناهج بعيدة عن الادلجة. كوكو قال ان اللجنة القومية التي كونها حمدوك لمراجعة المنهج، ستطالب بإرجاع منهج القراي الذي اثار غضب السودانيين، مشيرا الى ان المنهج تمت طباعته دون مراجعة. وكان وزير التربية والتعليم قال في تصريح صحفي ان كتاب التاريخ للصف السادس الابتدائي تمت طباعته بسرعة دون مراجعته، واضاف : الكتاب فيه ضعف غير مقبول، ووبتضمين الصحة الجسدية والجنسية في المناهج الجديدة، واعتبر ذلك من المواضيع المسكوت عنها. خطوات تغيير المنهج : وزارة التربية والتعليم اوضحت ان الغرض من تغيير المنهج هو اجل تعليم عام يخدم المجتمع الجديد الذي ينادي بالحرية والعدالة والمساواة وسيادة حكم القانون، فضلا عن الاعتراف بالآخر ومجتمع ينسجم مع العالم من حوله، وقال لا يمكن المحافظة علي نظام التعليم الذي ورثناه من النظام المُباد وكان نظاما مستبدا وفاسدا. الخبير التربوي محمد كوكو اوضح في تصريح ل(السوداني) ان عملية تطوير المناهج تمر ب8 خطوات، مشيرا الى انه لا بد من تهيئة الراي العام لعملية التطوير ومن ثم يتم وضع خطة لتغييره، ولا فتا الي دور الاعلام في توضيح سلبيات المنهج القديم، وقال ان التغيير يتم بعد مؤتمر قوي يضم اولياء الامور والسياسيين والخبراء، وبعدها يتم تجريب المنهج في مدارس معينة وبعد معالجة الاخطاء تتم طباعته وتوزيعه في المدارس ومن ثم يتم مراقبته من قبل المعلمين لاكتشاف الاخطاء التي لم تنتبه لها اللجنة، قاطعا بأن ماقام به القراي هو اساءة للذات الالهية وحذف لبعض الآيات القرآنية وليس تطوير للمنهج، وتساءل فهل يتم تطوير المنهج بهذه الطريقة ؟ مشيرا الى ان المنهج يجب الا يمس عقيدة الامة حتي لا يكون مثار جدل، ويجب تطوير العلوم القابلة للتطوير. التمسك بوزير التربية رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك التقى امس الاول بلجنة المعلمين، بهدف ابعاد الوزارة من المحاصصات السياسية في التشكيل الحكومي الجديد، وقال عضو اللجنة بشير نايل ان الاجتماع توصل الى تنفيذ لجنة المعلمين بشأن التعليم والتي تشتمل على ابقاء البروفسير محمد الامين التوم في موقعه في التشكيل القادم، بجانب اصدار قرارات علي خلفية توصيات لجنة التشوهات المكونة لمراجعة المرتبات. رئيس لجنة المعلمين بالانابة قمرية عمر اكدت في تصريح ل(السوداني) وجود 12 مطلبا للجنة يجعلها تتمسك ببقاء وزير التربية والتعليم في التشكيل الوزاري القادم، وقالت مايهمنا إبعاد الوزارة عن المحاصصات السياسية، وقالت ان بروفسير الامين التوم رجل كفء وهو اضافة للتعليم. قمرية اشارت الى ان وزارات التربية والتعليم وزارة ترضيات ومحاصصات، مؤكدة ان هذا ليس في صالح التعليم، ولا يمكن ان تكون وزارة التربية وحقل للتجارب، وقالت ان الوزارة حسب التقسيم الاخير كانت من نصيب الجبهة الثورية، لكن نريدها وزارة مهنية خارج المحاصصة، واضافت " ماعندنا مشكلة مع الثورية وكانوا معنا في خندق واحد ضد الانقاذ "، لافته الى ان رئيس الوزراء توافق مع لجنة المعلمين حول رؤيتهم بأن لا تخضع الوزارة للمحاصصات حمدوك توافق معنا حول رؤيتنا بانها لا تخضح للمحاصصات، لكنه لم يعطنا رأيا واضحا حول بقاء الوزير، مستدركة : الامر ليس بيده ولكن هناك اطرافا اخرى. قمرية اشارت الى ان مؤتمرات اصحاب المصلحة الذي تسلم توصياته بروفسير التوم، وقالت لا بد من اعطائه فرصة لتنفيذ المخرجات من بينها قومية ومجانية والزامية التعليم،وتأهيل المعلمين وحقوقهم وتحقيق الرضاء الوظيفي، وايلاء التعليم الفني اهتماما، مشيرة الى التوصية بعودة المدارس القومية تم عمل برنامج خاص لمادتي العلوم والرياضيات وسيتم تنفيذه العام الحالي ليكون التحصيل في هاتين المادتين افضل من الاعوام السابقة. تخدير الرأي العام : مدير المركز القومي للمناهج د.عمر القراي اعتبر انصار الثورة المضادة ينتقدون المنهج الجديد للابقاء علي المنهج القديم، وقال ان ثورة ديسمبر اقتلعت النظام السابق وابعدته بالتالي هم مرفوضون ومنهجهم مرفوض، واضاف: لا يمكن ان الارقاء على المنهج الذي وضعه للتمكين نظام حكم ل30 سنة قال نحن لم نأت لفرض رأي معين بل لنتعاون من اجل وضع منهج ممتاز، ورفض تكفيره من بعض ائمة المساجد وقال انهم مهووسين ولا علاقة لهم بالمناهج. عضو هيئة علماء السودان السابق د.ابراهيم الكاروري وصف في تصريح ل(السوداني) قرارات حمدوك حول المناهج بمناورة السياسية وليس العلمية، ومحاولة منه لانقاذ مقرر القراي، معتبرا ان قرار رئيس الوزراء الاول بتجميد العمل بالمناهج بمثابة تخدير للراي العام وامتصاص لغضب المواطنين. الكاروري اكد ان الهجوم سيعود مرة اخرى لمنهج القراي اذا قررت اللجنة القومية التي كونها حمدوك امس الاول العمل بالمنهج الجديد، ودعا الى توحيد المنابر في مثل هذه القضايا، وقال قضية المناهج اصبحت كانها صراع بين طرفين، مشيرا الى ان القراي وصف ائمة المساجد الذين هاجموه بالمنافقين والمهووسين وقال هذا كلام غير مسؤول، وقال ان المنابر هي الاستفتاء الحقيقي واوضح غضب ورفض المواطنين علي المنهج الجديد.