محمد سعيد شلى جمعتنى جلسة اجتماعية بنفر كريم من أبناء أمدرمان والذين تمحورت (ونستهم ) حول أمدرمان القديمة بشخوصها ومعالمها المميزة ..دار الرياضة وقفشات جمهورها وانتفاء الحواجز الطبقية بينهم فتجد الوزير والخفير والضابط الرفيع الرتبة والعسكري ( النفر ) .. ولاتذكر العاصمة الوطنية إلا وتذكر معها قهوة يوسف الفكي ذلك المعلم الذى أصبح أثرا بعد عين والذى كانت تقصده الشريحة( الراقية )من المجتمع والذى كان يحرص صاحبه طيب الله ثراه وأبناؤه على خدمة الرواد بأنفسهم.. ولعمرى ذلك المسلك الحضاري متقدم و يحمل فى طياته جملة من المعانى والدلالات.. وكان الزبون وبمجرد جلوسه يأتى أحد العاملين اليه فيحدد الزبون طلبه دون الحاجة للتنبيه عن طريق ( التصفيق ) بل يقال إن التصفيق كان محظورا فى تلك القهوة التى أصبحت أثرا بعد عين .. يشاع أن أحد الانقلابات التى كانت تخطط للاطاحة بنظام الرئيس الأسبق نميري كان يلتقى المشاركون فيها وكنوع من التمويه بقهوة يوسف الفكي ..وأشتهرت أمدرمان بظرفائها منهم كمال سينا الذى يتداول (الأمدرمانيون) قفشاته .. وتعكس واحدة من تلك قفشاته عن مدى تعلقه وحبه المفرط لمدينته عندما قال لايمكن أن يتخيل الجنة بدون أمدرمان.. يحكى أن أم كمال سينا وكغيرها من الأمهات كانت تحذره من رفقاء السوء والعدوانيين .. وعندما سمعت بصبي عفريت أسمه سينا ولم تكن تعلم أن سينا لقب أطلق على أبنها كمال , قالت له محذرة ( أوعك ياكمال تلعب مع ولد شيطان أسمو سينا ) فعرف أن أمه لاتعلم أن ذلك الشيطان هو إبنها كمال بلحمه ودمه .. وعرجت ونسة أبناء أمدرمان لأحمد داؤود الظريف الذى إشتهر برقته وحرصه على المجاملات الاجتماعية ولم يكن ( يفوته ) مأتم فى المدينة .. توفي رجل وذهب الجميع للمقابر وكانت الدهشة أن أحمد داؤود لم يكن موجودا .. ولكن وقبل إنتهاء مراسم الدفن أتى أحمد داؤود مسرعا, فسأله الناس عن السبب, فرد بنفس متقطع بأنه تأخر لمشاركته فى ( حرق ) هندي مات من هنود أمدرمان .. يعنى أن مجاملاته لم تكن قاصرة على السودانيين والمسلمين فقط .. يرحمه الله .. وأحسن الأستاذ شوقى بدرى صنعا عندما وثق لأمدرمان فى كتابه – حكاوى أمدرمان –ولم يترك شاردة أو واردة عن العاصمة الوطنية إلا وتناولها بأسلوب شيق وجذاب .