الملاحظة الأبرز كانت في غياب وزير خارجية جنوب السودان نيال دينق نيال بسبب سفره إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. الرئيس سلفاكير عقب مراسم الاستقبال الرسمية، لم ينسَ عادة دأب عليها كلما زار الخرطوم، بانحنائه لتحية العلم السوداني، معيداً بذلك شريطاً من الحنين والذكريات التي لم تمحها السنوات العجاف بين البلدين. جلسة مُغلقة.. ووفود شاملة الرئيسان البشير وضيفه سلفا استهلّا المباحثات بجلسة مُغلقة بينهما، ليظلّ ما دار بالداخل قيد من حضروه بلا تسريبات. عقب الجلسة المُغلقة انخرط وفدا البلدين في المباحثات الرسمية حيث ضم الوفد الحكومي، وزير الدفاع، والخارجية والإعلام والرعاية والضمان الاجتماعي، ووزير للنفط والمعادن، ووزير ديوان الحكم الاتحادي، ومدير جهاز الأمن والمخابرات. فيما ضم وفد سلفا استيفن وندو المراجع العام، وحاكم ولاية الوحدة جوزيف منتيل، ووزير الرعاية الاجتماعية اوت دينق، ووزير الكهرباء د.ضيو ماطوك، وزير النفط ايزكيال لول، اونيوتي اديقو وزير الزراعة، وريتشارد كيمولا وزير الشؤون الفيدرالية، ووزير الإعلام مايكل ماكواي، وزير مجلس الوزراء مارتن إيليا، والمستشار الرئاسي للشؤون الأمنية توت قلواك. طبيعة الوفدين تعد مؤشراً واضحاً للملفات والموضوعات التي تطرَّقت إليها مباحثات الطرفين. ماذا قال وزير الخارجية عن زيارة وفد الجنوب؟ وزير الخارجية السفير الدرديري محمد أحمد، أكد للصحافيين بمطار الخرطوم، أن رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت وصل إلى البلاد تلبية لدعوة من الرئيس البشير، للمشاركة في الاحتفال الذي أقيم بالقصر الجمهوري بمناسبة توقيع اتفاقية تنشيط سلام جنوب السودان. وأوضح الدرديري، أنه سيتم خلال الاحتفال تكريم الرئيس سلفاكير ميارديت ود.رياك مشار، تقديراً للجهود التي بذلاها، مما مكَّن الوساطة السودانية من النجاح في تحقيق المصالحة في وقت وجيز، بالإضافة إلى تقديمهما وقدما الكثير من التنازلات التي جعلت السلام أمراً متاحاً، وساهما في تسريع الخطى لتوقيع اتفاق السلام. الدرديري كشف عن أن الرئيس سلفاكير سيجري خلال الزيارة لقاءات مع الرئيس البشير ود.رياك مشار، ومجموعة سوا بقيادة قابريال شامسون ولام أكول ولقاء مع مجموعة المعتقلين السابقين بقيادة دينق ألور وبعض الأحزاب المعارضة الأخرى. ولفت وزير الخارجية إلى أن الرئيس سلفاكير سيلتقي مع القادة الجنوبيين للتشاور حول أنجع السبل لوضع اتفاقية السلام موضع التنفيذ والنظر في إمكانية الاتفاق على حكومة الفترة الانتقالية التي ستدخل حيز التنفيذ بعد 8 أشهر، وخلق أجواء ودية تساعد في تنفيذ الترتيبات الخاصة بإيقاف إطلاق النار وتجاوز أي خروقات أو إشكالات قد تظهر في وقت آخر. وزير إعلام الجنوب.. عرض الموقف من جانبه اعتبر المتحدث باسم حكومة الجنوب ووزير الإعلام مايكل ماكوي، أن اليوم يوم عظيم بالنسبة لشعب جنوب السودان والشعب السوداني الكريم بمناسبة التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في جنوب السودان، مشيراً إلى أن التوقيع يعني اهتمام السودان بأخيه الصغير جنوب السودان على الرغم من الانفصال، أي أن العلاقات بينهما قوية وأزلية، وأضاف: نحن دوماً نقول إن الذي حصل لم يكن انفصالاً بين الشعبين وإنما نحن شعب واحد في دولتين، فلذلك حكومة السودان بقيادة البشير تولت هذه المهمة من أجل تحقيق السلام في جنوب السودان، وبالفعل وفقت في مهمتها، لذلك الشكر يرجع للرئيس البشير وزملائه في الحكومة والشعب السوداني على كرمهم الفياض على الأيام التي قضيناها في الخرطوم وبلغت 81 يوماً. وجد مايكل طلب حكومته من السودان بالاستمرار في مساعدة الجنوب لتذليل الصعاب والعقبات التي ربما تقابلهم لدى تنفيذ الاتفاق، الذي جاءوا، حكومةً ومعارضةً، للاحتفال به في الخرطوم، ما يعني البداية الحقيقية للتنفيذ. وأكد وزير إعلام الجنوب، أنه في القريب العاجل سيعود السلام لجنوب السودان، وتعود العلاقات بين البلدين كما كانت وتعود المياه إلى مجاريها، وأضاف: لذلك نحن نشكر كل من ساهم في إيجاد السلام لجنوب السودان، وفي هذه المناسبة لا ننسى أن نشكر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتحويله الملف إلى السودان، ونشكر أيضاً إيقاد، واستدرك: ولكن الفضل يعود لحكومة السودان برئاسة البشير لأن السلام لا يتحقق إلا إذا كان الوسيط يعرف الأطراف المُتنازعة لذلك استطاعت حكومة السودان أن تُحقِّق لنا السلام في فترة وجيزة جداً، معتبراً إحالة ملف الجنوب إلى السودان بركة من بركات السماء، وأضاف: لأنه لولا ذلك لبقينا في أديس أبابا نتعارك حتى الآن، متمنياً أن تمضي العلاقات بين الخرطوموجوبا من قوية إلى أقوى وتعود إلى مجاريها. وكشف مايكل عن أنه على الرغم من توقيع اتفاق السلام، إلا أن هناك عناصر لم تسمع بأخبار التوقيع لعدم وجود اتصالات، والأمر الثاني أن الاتفاقية تتحدث عن الترتيبات الأمنية، وهذه تتطلب أن تحدد الأطراف مواقعها وعدد قواتها العسكرية وتسليحها، وأضاف: بعض القوات المعارضة والمسلحة ليس لها مكان معين ولذلك حاولوا أن يجدوا لنفسهم موقعاً في جنوب السودان استعداداً لورشة الترتيبات الأمنية، لذلك هذه المخالفات ليست جديدة، مشدداً على أن الأوضاع بشكل عام مستقرة استقراراً تاماً، مؤكداً أن إيقاف إطلاق النار مفعوله سارٍ، وبدأ مفعوله على الرغم من الآلية التي يجب أن تراقب إيقاف إطلاق النار لم تتكون حتى الآن، ولكن الأطراف ما تزال ملتزمة بإيقاف إطلاق النار. وأشار وزير إعلام الجنوب إلى أنه فيما يتعلق بتكوين مجلس الدفاع المشترك وغيره من الآليات الخاصة بالترتبيات الأمنية، فإنها يجب أن تتكون قبل بداية الفترة ما قبل الفترة الانتقالية ب 15 يوماً ولم تنته. معلناً أن الرئيس سلفاكير سيجتمع بكل أطراف المعارضة حتى يناقش عضويتها في هذه الآليات، ويصدر منها قراراً بتكوين هذه الآليات وخلال يومين ستتكون كل آليات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل. وكشف ماكوي عن اتصال هاتفي لسلفاكير مع مشار، بالإضافة إلى قادة المعارضة، وطالبهم بأن يزوروا جوبا للاحتفال في جوبا بالتوقيع وبعدها بإمكانهم الرجوع لأماكنهم التي جاءوا منها إلى حين تكوين حكومة الوحدة الوطنية، واستدرك: لكن لم يصلنا رد منهم وسمعنا فقط من بعض الأجهزة الإعلامية أن مشار رفض، وهناك آخرون يقولون إنه وافق، ولكن اجتماعنا معهم سيحدد موقفهم النهائي من الحضور أو عدمه. ما بعد المباحثات.. تفاصيل تكريم رئاسي وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد أكد عقب المباحثات المشتركة، أن الرئيسين والوزراء عقدوا جلسة مباحثات، وأن البشير أكد أن هذه الزيارة تأتي احتفالاً بالتوقيع على الاتفاقية، مشدداً على أن السودان وجنوب السودان شعب واحد في دولتين، مشيراً إلى أن كل هذه العوامل ساعدت السودان في نجاحه في الوساطة وتجاوز المعضلات. ونقل الدرديري عن الرئيس سلفاكير تأكيداته بأن الاتفاقية التي وقعت في السودان ستنفذ فصلاً فصلاً، مُرحّباً بتأكيد الخرطوم في الوقوف على مرحلة تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن الرئيس الجنوب السوداني أكد على أهمية التواصل بين الحكومتين وتعزيز الثقة والعمل من أجل مستقبل مشرق. وفي السياق، منح الرئيس البشير الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت قلادة الشرف، فيما منح زعيم المعارضة دكتور رياك مشار وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، فيما منح نجمة الإنجاز لكل من وزير الخارجية ومدير جهاز الأمن ووزير الدفاع، بالإضافة إلى وسام النيلين من الطبقة الأولى لكُلٍّ من مدير الاستخبارات السابق جمال الدين محمد عمر والسفير جمال الشيخ والسفيرة نجوى قدح الدم.