قبل أيام أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستوفر مساعدات غذائية لمليون سوداني، وتأتي الخطوة بعد إعلان الأممالمتحدة في السودان أن نحو ثلث السكان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بحلول العام المقبل، مما يعد أعلى مستوى للاحتياجات خلال عقد من الزمن في السودان.. وعلقت واشنطن وبلدان غربية ومؤسسات تمويل دولية مساعداتها للسودان بعد انقلاب قاده رئيس مجلس السيادة، البرهان، ضد حكومة انتقال مدني في أكتوبر من العام قبل الماضي. لكن ثمة أسئلة مهمة حول توقيت خطوة مساعدات واشنطن، وهل هي بداية لاستئناف التعاون مع السودان؟ الغوث الإنساني. ويرى الباحث السياسي، د. الحاج حمد، أن التعاون بين الخرطوموواشنطن لم ينقطع في المجال "الإنساني" فقد ظلت المعونة الأمريكية تمول العديد من منظمات المجتمع المدني العالمية ووكالات الأممالمتحده العاملة في مجال الغوث الإنساني، خاصة في دارفور. وذلك عبر الإسهام في تمويل النداء الإنساني الذي تنسقه "أوشا" وهي الذراع الإنساني التابعة للأمم المتحدة لتنسيق وجذب الموارد لتمويل الاحتياجات لهذا القطاع لكل السودان، ويمضي حمد في حديثه ل"السوداني" بأن خطوة إدارة بايدن لا علاقة لها بأي خطوة سياسية أو مؤشر لعودة المساعدات المالية التي علقتها واشنطن بعد الانقلاب في أكتوبر من العام قبل المنصرم، يوضح د.حمد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ظلت وطوال عهد الإنقاذ يقدمونها عبر وكالات الأممالمتحدة في السودان، ويلفت حمد بل وفي عدد من السنوات كانت أمريكا هي أكبر المانحين لمساعدات الغوث الإنساني، لكن المساعدات التنموية فهي المتوقفة لأنها مرتبطة بالسياسة، ونوع الحكومة في السودان. حاجة عاجلة ودعت وكالات الأممالمتحدة العاملة في مجال الغوث الإنساني في السودان الجهات المانحة إلى دعم خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 التي تم إطلاقها في الرابع عشر من ديسمبر الجاري لتلبية الاحتياجات العاجلة والحاسمة ل(12.5) مليون من الأشخاص الأكثر ضعفاً في البلاد. وقالت منسقة الأممالمتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، خاردياتا لو ندياي، إن الخطة التي تتطلب (1.7) مليار دولار أمريكي هي نتيجة مشاورات وجهود استمرت لأشهر "للأشخاص الأكثر ضعفاً في البلاد. وتشير التقديرات إلى أن حوالي (15.8) مليون شخص، أي ما يقرب من ثلث سكان السودان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، مما يمثل أعلى مستوى للاحتياجات خلال عقد من الزمان. مجرد إغاثة وفى المقابل يرى مسؤول حكومي رفيع فضل حجب هويته ل"السودانى" أن واشنطن لم توقف دعمها المتعلق بالأنشطة الإنسانية فى السودان بعد إجراءات الفريق البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر في العام 2021، حيث ظلت تدعم أنشطة منظمات المجتمع المدني ووكالات الأممالمتحدة في السودان خاصة التي تعمل في المناطق ذات الهشاشة مثل دارفور، ويوضح المسؤول ذاته أن أمريكا تقوم بالنهج نفسه في كل الدول التي لديها خلافات حول أنظمتها الحاكمة، وتعتبر هذا النهج يعزز من مواقفها الإنسانية ولا علاقة له بأي مواقف سياسية، ويمضي إلى أن مسار المشاريع التنموية هو الذي يرتبط بالموقف من الحكومات والأنظمة، ويتم عبر مؤسساتها التشريعية والبرلمانية، ويلفت إلى أن واشنطن سبق أن أعلنت في الأشهر السابقة أنها سوف تستأنف دعمها لعمليات محددة، وتعنى بها المشروعات الإنسانية وليس من بينها دعمها لمشروع ثمرات مثلاً أو تمويل أي مشروعات تنموية، وبالتالي ليست هناك أي علاقة بمثل هذه المساعدات، وأي عملية سياسية تجري في السودان الآن. معونة سابقة وفي وقت سابق من العام الماضي، شهد تقديم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أكثر من (88) مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية للسودان الذي وصفته الوكالة حينها بأنه ما يزال يعاني من الآثار المدمرة للعنف وانعدام الأمن الغذائي والصدمات المناخية، بما في ذلك الفيضان. وقالت في بيان أنذاك "تمّ تأمين هذا التمويل بعد سحب الرصيد الكامل لصندوق بيل إيمرسون الإنساني، وجاء ذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة الأمريكية التي تقدّم (670) مليون دولار إضافية كمساعدات غذائية للاستجابة للمستويات العالية وغير المسبوقة لانعدام الأمن الغذائي الحاد حول العالمية". وتابع البيان: "تدعم الحكومة الأمريكية بهذا التمويل برنامجَ الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لتقديم المساعدة الغذائية، بما في ذلك الذرة الرفيعة والبازلاء الصفراء، كما تدعم منظمة اليونيسف لتقديم المساعدة التغذوية لما يقرب من (1.2) مليون شخص من المتضررين من الأزمة في جميع أنحاء السودان. وأضاف البيان أن "أكثر من (371) مليون دولار من المساعدات الإنسانية للسودان، بما في ذلك أكثر من (348) مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. تواصل الولاياتالمتحدة الوقوف إلى جانب شعب السودان في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تفاقم الأزمات والنزوح الداخلي المتعاظم". وغض النظر عن الطبيعة الإنسانية في المساعدات الامريكية حالياً، إلا أن يناير من العام السابق، شهد إعلان واشنطون أنه لا مساعدات ستُقدم للسودان بدون حكومة مدنية تعبر عن إرادة الشعب. وقتها أكدت السفارة الأمريكية في الخرطوم أن واشنطن لن تستأنف عملية تقديم المساعدات المعلقة قبل وجود حكومة مدنية على رأس السلطة في البلاد. وشدد مساعد وزير الخارجية والمبعوث الخاص على أن "الولاياتالمتحدة لن تستأنف إرسال المساعدات المالية المعلقة للحكومة السودانية قبل انتهاء العنف وعودة الحكومة المدنية التي تعبر عن إرادة الشعب السوداني لحكم البلاد".