مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد ل(السوداني): هناك بطء شديد في تنفيذ اتفاقية الشرق حوار: عبدالقادر باكاش دخل مساعد رئيس الجمهورية ورئيس مؤتمر البجا موسى محمد أحمد القصر الجمهوري بموجب اتفاق الشرق، وطوال فترة تواجده هناك اثار اداؤه الكثير من التساؤلات حول فعاليته وحول سير تنفيذ اتفاقية الشرق، وقد شكك البعض في التفاته لقضايا الشرق معتبرين أن ما يهمه هو كرسيه في القصر أكثر من اي شيء آخر، موسى رد بهدوء على جميع التساؤلات وكأنه كان يتوقعها فإلى إفاداته: * ما هو ابرز انجاز قمتم به منذ دخولك للقصر الجمهوري مساعداً لرئيس الجمهورية؟ انا اعتقد أن ما حققته الاتفاقية ليس سهلاً يكفي انها اوقفت اوار الحرب ولم تُطلق طلقة واحدة في شرق السودان منذ توقيع اتفاقية الشرق، علاوة على ذلك ما تحقق من تنمية واستقرار بما فيها تلك الانجازات التي قام بها المؤتمر الوطني في شرق السودان وهو نتاج لاتفاقية الشرق التي أنا طرف رئيسي فيها. وللذين يعلمون فهذا مكسب كبير لكل السودان وللذين لا يعلمون عليهم أن يدركوا أن هذا لم يجئ من فراغ وللمؤتمر الوطني أن يضع ذلك في حسبانه. * ما هي المهام المسنودة لك في القصر الجمهوري كمساعد للرئيس؟ ولماذا يتم تكليفكم برئاسة لجنة المدينة الرياضية بدلاً عن لجنة إنفاذ امداد بورتسودان بمياه من النيل مثلاً؟ اولاً طبيعة مهامنا هي موقوفة على التكاليف التي تصدر من الأخ رئيس الجمهورية لأنه ليست لدينا مهام دستورية. ثانياً تكليفنا بالمدينة الرياضية لا يعني عزلنا عن قضايا شرق السودان فهي مشروع قومي ووطني وتأريخي كبير ولو ساهمنا فيه وتمكّنا من تقديم ووضع بصمات فيها هو مكسب لنا ويحسب لاهل الشرق لأنه يعتبر اسهاما وطنيا في قضية وطنية لكن لا يعني تكليفنا باللجنة العليا بالمدينة الرياضية هو أن نسخر لها كل جهودنا ووقتنا لها وحدها، هموم الشرق حاضرة عندنا وتشغل بالنا، صحيح نحن لم نتبنَّ قضية امداد بورتسودان بمياه من نهر النيل نسبة لانها قضية لها اطرافها التي تهتم بها وتتابعها لكن لا مانع لدينا من مناقشتها والدفع بها نحو الأمام لان المياه هي عصب الحياة وولاية البحر الاحمر في اشد حاجة اليها. * زرتم اخيراً المملكة المتحدة والتقيتم بأبناء البجا المعارضين للحكومة ولم تعلنوا عن نتائجها، ماهي ابرز القضايا التي ناقشتموها؟ وماهي مخرجات ذلك الاجتماع؟ نعم الزيارة كانت ذات شقين شق رسمي يتمثل في متابعة مخرجات مؤتمر المانحين لأن للملكة المتحدة دورا والتزامات في مؤتمر المانحين الذي عقد بالكويت العام الماضي فكلنا حريصون على الوقوف على مدى التزام الحكومة البريطانية وايضا بالجانب الرسمي كان هناك أشياء اخرى تتمثل في الوقوف على المناشط الرياضية والاستفادة من تجربة المملكة فنياً وادارياً وايضاً التقينا بالمبعوث الخاص للشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية وناقشنا معهم مختلف القضايا وكان لديهم احتجاج على قرار الحكومة بطرد بعض المنظمات العاملة في شرق السودان، اتفقنا معهم على مناقشة قضية طرد المنظمات بالجلوس مع الجهات ذات الاختصاصهنا هناك وإن شاء الله سيكون هناك تواصل بيننا والحكومة البريطانية , اما بخصوص الجانب التنظيمي الحزبي فقد عقدنا لقاءً مفتوحاً في شكل تنوير كان جيدا ومحضورا وقد ناقشنا فيه كيفية الوصول إلى رؤى توافقية بين كل القوى السياسية دونما يكون هناك إبعاد او إقصاء لأحد وكان هناك عدد من المقترحات والآراء والافكار وجدت التجاوب ايضاً التقينا بشكل خاص بأبناء شرق السودان بمختلف مكوناتهم قدمنا لهم تنويرا عن سير الاتفاقية والعقبات التي واجهتنا وعن الاوضاع في البلاد عموماً وشرق السودان خصوصاً وتفاكرنا في كيفية صياغة رؤى موحدة حتى تكتمل الجهود. صحيح كان من بينهم من يرى أن الاتفاقية غير مجدية ولم تفد الشرق ويجب عدم المواصلة فيها الا أن الذين يرون عكس ذلك كانوا الاغلبية. عموماً استمعنا لكل الآراء المؤيدة والمعارضة للاتفاقية واتفقنا على تكوين لجنة مشتركة تبحث نقاط الاختلاف والاتفاق وتبلور رؤية لتفادي وتجاوز وحل المشكلات التنظيمية البسيطة. نحن من جانبنا اعربنا عن اتفاقنا معهم على أن هناك بطءً شديداً في تنفيذ الاتفاقية لدرجة أن الجزء الاكبر فيها لم ينفذ رغم مرور اكثر من ست سنوات على توقيعها لكن هناك اسباب كثيرة ادت إلى ذلك يجب عدم اغفالها. * هناك تسريبات تقول إن ثمة ضغوطات مورست عليكم من قبل مكاتب الحزب بالخارج بالخروج من الحكومة وفض الشراكة مع المؤتمر الوطني على غرار ما فعله..؟ مسألة فض الشراكة او الخروج من الحكومة ليست حلا للمشكلة بل تعميق لها، التحدي الذي أمامنا هو كيف نسعى بشكل جاد لتنفيذ واستكمال ما تبقى من بنود الاتفاقية، حتى المؤتمر الاخير بالخرطوم كلف اللجنة المركزية للحزب بدراسة خيارات التنفيذ وأن تكون هناك خطوات تتم مع شريكنا المؤتمر الوطني في هذه المسألة. وبالفعل تمت الخطوات حيث تم تسليم مخرجات المؤتمر العام الثالث لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير وللنائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وكذلك تمت صياغة مذكرة ضافية وبصورة مفصلة عن البنود التي لم تنفذ من الاتفاقية خلال السنوات الست الماضية تم تسليمها للمؤتمر الوطني وفصلنا الحلول المقترحة للتنفيذ في مراحل ونتوقع تنفيذ ما تبقى. * ما هي ابرز القضايا التي لم تنفذ؟ قضايا كثيرة جداً انا لا استطيع حصرها لك في هذه السانحة منها قضية الخدمة المدنية لم تنفذ والترتيبات الامنية لم تنفذ بشكل نهائي ايضا ملف الثروة كذلك لم ينفذ , تنص الاتفاقية على أن تدفع الحكومة لصندوق تنمية واعادة اعمار شرق السودان مبلغ (600) مليون دولار خلال خمس سنوات انقضت خمس سنوات ولم تدفع وزارة المالية حتى الآن سوى 75 مليون دولار فقط وهذا يوضح بجلاء أن نسبة تنفيذ الاتفاقية ضعيفة جداً علماً بأن ما سردته مجرد نماذج وهناك العديد من البنود لا تزال عالقة دون تنفيذ في الملف السياسي وفي الخدمات وفي السياسات العامة وغيرها. كيف تُقيِّمون عمل الصندوق خلال الفترة منذ تأسيسه في بداية 2008م وحتى اليوم؟ وهل احتجاجكم وتحفظكم حياله قائمان ام انجلت الازمة التي رصدناها في الفترات السابقة؟ اولاً لا يوجد في الكون شيء كامل دون نقصان، بهذا الفهم الصندوق لا يخلو من مشاكل كغيره من بنود الاتفاقية وبه العديد من الجوانب فيها قصور لكن في المقابل الصندوق لم تتوفر له كل الامكانات اللازمة فكما ذكرت لكل من قبل الصندوق لم يحصل منذ تأسيسه سوى على 75 مليون دولار رغم أن الاتفاقية تنص على أن تدفع المالية الاتحادية (600) مليون دولار للصندوق خلال خمس سنوات. هل وصلت المبالغ التي تبرع بها المانحون في مؤتمر الكويت للصندوق؟ جزء منها وصل وهي المنحة الكويتية وهي (60) مليون دولار والآن بدأت المشروعات الممولة منها والبقية جار العمل في توفيرها. من الذي يرسم سياسات الصندوق؟ توجد لجنة مكونة من طرفي الاتفاقية ترسم سياسات الصندوق وتحدد المشروعات المراد تنفيذها وتدرس احتياجات الولايات ونحن مشاركون فيه مشاركة معقولة ونحرص على تطوير لوائحه وقوانينه. وما هي خطواتكم في حل مشاكل المقاتلين المسرحين من جيشكم بعد توقيع الاتفاقية؟ جهودنا متواصلة في حل كل قضايا المسرحين ونتابع حالياً عملية دمجهم في المجتمع عبر توظيفهم في ولاياتهم. وبالفعل تم توظيف (16) في ولاية القضارف و(30) بولاية البحر الاحمر وجار توظيف عدد اكبر بولاية كسلا خلال يناير المقبل. * البعض يفسر استمراركم في المشاركة في الحكومة رغم اقراركم بتعطل العديد من بنود اتفاقكم بالتهافت على السلطة وتنصلكم عن قضايا مواطنيكم! نعم البعض يعتقد اننا ضعفاء أمام السلطة لكن نحن نرى أن في ذلك اجحافاً في حقنا، كما ينم عن قصر نظر هؤلاء وعدم اداركهم لمآلات الوضع في شرق السودان حال إقدامنا على مواقف كهذه في التعاطي وفي حل قضايانا. ولو نظروا للاتفاقية وما حققته من استقرار لما فسروا تسامينا عن الصغائر بالضعف, نحن حريصون على التعبير عن مواقفنا بطرق وتعابير مرنة وحكيمة ونعتقد أننا اوفينا بالتزاماتنا القانونية والاخلاقية والوطنية تجاه السودان بشكل كامل الآن الكرة في ملعب المؤتمر الوطني، وسكوتنا وصبرنا وتحملنا يجب أن يفسره حسن نية للتعاون وحرصا على التنفيذ السلس لنصوص الإتفاقية. * وماذا عن القضايا التي وعدتم بمناقشتها مع الحكومة من الداخل والتي قبلتم عدم تضمينها في الاتفاقية كقضية شهداء بورتسودان يناير 2005م وكقضية المناطق المحتلة بحلايب والفشقة؟ منذ دخولنا في الحكومة لم نترك قضية وعدنا بمناقشتها فكل القضايا تم تداولها والاعلان عن مواقفنا حولها فور مشاركتنا في الحكومة , هذه القضايا نطرقها بشكل مستمر حتى في الحوارات الخاصة بيننا كحزب والمؤتمر الوطني كشركاء في حكومة واحدة ظللنا نطرقها لكن لم نتمكن في الوصول إلى حل نهائي بشأنها ورؤيتنا ومواقفنا واضحة في هذه القضايا ومعلومة لدى الحكومة. * التعبير عن مواقفكم يبدو أنه لم يتعد بعد نقاشات الغرف المغلقة؟ -مقاطعاً- بالمناسبة نحن مواقفنا مواقف ثابتة ومشهودة سعينا في الوصول إلى حلول سلمية وحل قضايانا بعيداً عن المنابر الصاخبة لا يعني اننا ليست لدينا مواقف شاخصة في التعبير عن قضايانا نحن نعتقد اننا نختلف عن كثير من القوى السياسية. * بما تختلفون؟ نختلف في رؤانا في معالجة القضايا الوطنية, نختلف كذلك في طريقة طرح القضايا, وفي اسلوب تناولنا في الوصول إلى المعالجات، نهجنا هو نهج مبني على فهم ورؤى واستراتجية، نحن لا نتعامل مع قضايانا بعاطفية او شخصنة وانما نتعامل وننظر للقضايا بعمق. * هذا هو ما يجعلكم لا تفكرون في تعليق مشاركتكم في الحكومة لإرغامها على تنفيذ اتفاقكم المعطل؟ نحن يا اخي لا نتخذ خطوات او مواقف من اجل الضغط او للمراوغة انما مواقفنا عندما نقرر أن نتخذ موقفا تأكد انه موقف حاسم ونهائي ويكون في الوقت المناسب. * اين انتم من مناقشات الاحزاب للدستور خاصة اتفاقية اسمرا التي نصت على تضمين الاتفاقية في الدستور؟ نحن سلمنا رؤيتنا للدستور للاخوة في المؤتمر الوطني ونعتقد أن هذا الدستور يأتي في مرحلة مفصلية وهذا الدستور سيمنح الفرصة للمؤتمر الوطني للعب دور كبير في امتصاص سلبيات الدساتير الماضية واصلاح الاعوجاجات التي تسببت فيها الدساتير السابقة من ظلم الاقاليم ومصادرة ثرواتها واستغلالها استغلالاً سلبياً، إذ لم يسبق أن شارك الشعب السوداني مشاركة حقيقية في صياغة الدساتير، الآن سنحت الفرصة ليقدم المؤتمر الوطني للسودان دستورا يلبي طموحات الشعب ويحوز على قبوله والتوافق عليه. انا احذر من انه اذا تم الدستور القادم بذات عقليات وآليات الدستور السابق فعلى السودان السلام , تجربة الحكم الوطني افرزت عدم استقرار أمني وسياسي ويجب أن نتعلم من التجربة السابقة ولا نكرر الاخطاء السابقة التي اقعدتنا عن اللحاق بركب المضي في سبل السلام والاستقرار والنماء , يجب أن نعترف بانه تم نسف النسيج الاجتماعي ونشوء احتقانات وضغائن عديدة، الآن نحتاج (60) سنة لترميم ما خربناه بأيدينا خلال ال (60) سنة الماضية من عمر السودان. رسالتي يجب إشراك كل الأحزاب المعارضة والموالية للحكومة ويجب إشراك حتى الحركات المسلحة الحاملة للسلاح لتحقيق الإجماع على الدستور القادم والتوافق عليه من قبل كل السودانيين.