7 أيام في لندن ثمار المعارف وروعة الصحبة ضياء الدين بلال من المقاطعة للتفاعل سبعة أيام قضيناها بالعاصمة البريطانية لندن، الدعوة والتنظيم والترتيب تم بتنسيق تام بين المجلس البريطاني بالخرطوم والسفارة البريطانية ومؤسسة تومسون الإعلامية ومجلس الصحافة والمطبوعات السوداني. الغرض من الزيارة الوقوف على تجارب وخبرات المؤسسات الإعلامية العريقة، في المملكة البريطانية، ومقابلة مسؤولين بريطانيين ممسكين بملف السودان بالخارجية البريطانية، وبرلمانيين مهتمين بالشأن السوداني. الزيارة كشفت بوضوح اهتمام بريطانيا بإعادة صلاتها القديمة بمؤسسات المجتمع السوداني الأكاديمية والإعلامية، والخروج من مربع المقاطعة الحادة والبرود الجاف، إلى حالة التفاعل الإيجابي، دون أن تكون السياسة العامل الرئيسي في تحديد مسار العلاقات والصلات. البرنامج اشتمل على محاضرة رئيسية بمؤسسة تومسون عن المؤسسات الإعلامية البريطانية، والتطورات التي مرت بها، والتحديات التي تواجهها في ظل ثورة المعلومات ووسائط الإعلام الجديد، والتهديد الملحِّ للصحافة الورقية من قبل صحافة الإنترنت والموبايل، وكيف بإمكان المؤسسات الإعلامية النجاح في تحويل التحديات إلى فرص. في مباني الديلي تلغراف كان ضمن البرنامج الموضوع، زيارة مؤسسات عريقة مثل صحيفة الديلي تلغراف، وهي صحيفة يومية محافظة تصدر في بريطانيا، صدر العدد الأول لها في عام 1855م، مقرها في لندن. وتضم الصحيفة 1200 محرر، وطوال صدورها لم يتغير لوغو الصحيفة سوى 15 مرة فقط، وهي تمتلك مبنى بالغ الفخامة، وتقانة متقدمة في تقديم خدمات إعلامية متطورة عبر موقع الصحيفة على الإنترنت، وهي في تنافس شرس مع الغاردين والتايمز. وزرنا صحيفة الفاينانشال تايمز، وهي صحيفة يومية صباحية بريطانية، تتحدث عن الأعمال التجارية الدولية، وتصدر تلك الصحيفة من لندن، ويتم طباعتها في 24 مدينة حول العالم. البي بي سي عبق سوداني ومن أهم الزيارات كانت زيارة هيئة الإذاعة البريطانية، بكل ما فيها من عراقة ورصانة، وأقسام متعددة. زُرنا القسم الأفريقي بكل أقسامه الفرعية الناطقة بالإنجليزية والسواحلية ولغة الهوسا، وقضينا ساعات ممتعة بالقسم العربي مع مقدمي البرامج والقيادات التحريرية. كنا سعداء بالسيرة العطرة التي تركها كبار الإعلاميين السودانيين في أروقة البي بي سي، والتقينا بالمذيعة السودانية المتمكنة رشا كشان رئيس تحرير أهم برامج (بي بي سي إكسترا) بالقسم العربي، والأستاذة حليمة عبد الرحمن الصحفية المتميزة سابقاً بمجلة (سودان ناو)، وعدد آخر من الإعلاميين العرب الذين لهم حب وافر للشعب السوداني، وجميعهم تحدثوا لنا عن حزنهم على توقف بث البي بي سي على ال (إف أم) في السودان، وقالوا إن السودان يعد الدولة الأولى في العالم، من حيث قاعدة الاستماع للبي بي سي العربية. خارطة السودان القديم في مباني البي بي سي، وفي القسم الأفريقي، لفت نظر الوفد الإعلامي السوداني خارطة أفريقيا على شكلها القديم، والسودان على وحدته الماضية قبل انفصال الجنوب، وملف دولتي السودان بالخارجية هو شخص واحد، ولا يتم الحديث عن السودان إلا مقروناً بدولة الجنوب! ممنوع التصوير! تفاجأ الإعلاميون بالإجراءات المشددة التي تتخذ لمنع التصوير داخل أغلب الأماكن التي قمنا بزيارتها حتى في المؤسسات الإعلامية، وفي مباني البرلمان. وتمت مطالبة بعض الزملاء بمحو الصور التي قاموا بالتقاطها! كمين السفير! أقام سفير السودان ببريطانيا عبد الله الأزرق مأدبة غداء سودانية على شرف الوفد، ضمت إلى جانب الإعلاميين المشير عبد الرحمن سوار الدهب، الذي كان في زيارة للعاصمة البريطانية، والدكتور أمين حسن عمر الذي أدار حوارات مكثفة مع رموز حكومية وبرلمانية بريطانية. مجلس ما بعد الغداء تناول عدداً من هموم وقضايا الشأن السوداني، وتم التقاط صورة جماعية، قال الأزرق مازحاً إن الغرض من الصورة الاحتفاظ بها كمستند يقدم للسلطات البريطانية، حال شروع أحد الزائرين في تقديم طلب لجوء سياسي، كما فعل أحد الصحفيين قبل أيام، حيث تناول الغداء بمنزل السفير في حفل تكريم، ثم قرر الهروب من الوفد والالتجاء للسلطات البريطانية!! تناغم وانسجام تألق الأساتذة سيف الدين البشير والدكتور خالد التجاني وعادل الباز في المناقشات التي تمت بمباني الخارجية البريطانية والبرلمان. وعلى طريقة السهل الممتنع قاد السفير العبيد المروح الوفد بسلاسلة واقتدار، وكان الجميع على أعلى درجات التناغم والانسجام. سرقة مزمل! تعاطف الوفد مع الزميل الأستاذ مزمل أبو القاسم رئيس تحرير اليوم التالي، حينما تلقى خبر سرقة منزله بحي الهدى ببحري، حيث تعرض لسرقة فادحة، تعامل معها الرجل بصبر وثبات. الجميع كانوا سعداء بالتعرف عن قرب على شخصية مزمل في أبعادها غير الرياضية، والإعجاب بثقافته وظرفه. وجه آخر! الأستاذ عبد الرحمن الأمين رئيس تحرير القرار كان فاكهة الرحلة بقفشاته الطازجة وتعليقاته الساخرة، وكذلك الأستاذ الصادق الرزيقي رئيس تحرير الانتباهة بأدبه الجم وثقافته الواسعة، ومبدع البرامج التلفزيونية الأستاذ الشفيع عبد العزيز. كانت الأغاني الرائعة من الزمن القديم أبو داؤود ووردي وصالح الضي، تعطر مشوار الطريق من فندق استراند إلى مباني مؤسسة تومسون. وأمير البرامج الإذاعية الأستاذ/ الزبير عثمان أحمد كان بهدوئه ورزانته يعطي مجالس المناقشات عبقاً صوفياً. رحلة السبعة أيام جمعت بين ثمار المعارف ومتعة الصحبة وطيب المعشر.