ولما كانت الأنثى عقل وفكر كنت أنا أبحث عن كيان تعبت لأجل تكوينه سنوات عدداً خبأتُ بداخلي إحساسي والكثير من الأشياء الجميلة التي جعلتها لأجل رجل واحد فقط، وحين كان لي نبض لم أكن أعي أن للحب صلاة لا بد من تأديتها دون وقت، ولأن العشق يولد في حضرة الموت، حملتك بداخلي نطفة للفرح، وبسمة تلوح بثغري كلما حانت مواسم الجزع، وقد كنت لي في العين دمعة لا تطأ الخد إلا في حضور أهازيج السعادة، وحين أخرجتك مني كنت جنيناً مكتمل العشق. وحين كانت الأنوثة تُخير بين حياة ودفن وعقل وقلب وفكر وجمال وشرف وموت؛ كنت أنا أضع الحدود الفاصلة لزمن تضاربت فيه روئ الصواب والمنكر والمستحيل والممكن، وتباينت أشكال الأعراف والشرع، وغدت بعيدة وغريبة، وفي ليلة عرسي لم أرتدِ الأبيض!، لِمَ؟ لأنني لم أستطع أن أضع على حطام جسدي لوناً للنقاء والطهارة يرتديه الكل لحظة حج طلباً للمغفرة، فقط أريد العذر منك وحدك لأنك قد قلتها لي عالياً قبل الآن: كل شخص يشارك في السعادة والحزن، وأنا أريد أن أشاركك عقوبتي، فالحياة عقوبة، وربما لن تكون حياتي كاملة معك، ولكنها ستكون حياة على الأقل. قلت ذلك على الرغم من طيور الظلام التي كانت تحلق من حولك، أما أنا لم يكن لي مطلق العنان لأضع نصاب الخيار بين أحبة طال عليهم أمد الاحتراق شوقاً، وأبناء عمومة نفدوا صبراً، إني راحلة لا محالة نفسي تحدثني هذه الأيام، أريد أن أستيقظ على صوت آخر غير صوت عقلي وقلبي، الذي يبحث عن الحب لسنين، ولكن الحب الذي يغير القدر يقف اليوم محروماً هو لم يستطع فعل شيء لأن الغضب دائماً بداخلي لا يتركني، الحب فقط من يذهب، ولأجل ذلك اتركني يا رفيق العمر، فأنا لم أعد أجديك نفعاً، بعد أن حل بي خراب الروح، ودب في الجسد عنفوان الرحيل، ولتعلم أني بفعلي هذا أجعل منك قراناً يتلى إلى يوم القيامة، ونزراً يستحق الإيفاء ما دامت تنبض أذرع الحياة.