امرأة بطعم مختلف ولون مختلف، تعرف تماماً كيف تجسد كل شيء في آنٍ واحد، منذ أن جاءت بي الدنيا بين أحضانها لم أستطع أن أحمل منها ما يكفي من الحب، لأن كل وقتي كان مع أبي، كنت بحسب رأيها (بت أبوي) وهو السبب الرئيسي في ضياعي كما كانت تقول عندما تتساءل مغاضبة كيف لفتاة مثلي أن تحمل كل هذا الفكر الغريب، وكيف لفتاة أن ترافق والدها إلى كل مكان، بل كيف لفتاة مثلي أن تذهب في رمضان إلى ديوان العمدة يوسف.. وحتى وقت ليس بالبعيد كثيراً؟!.. أحب أن أناديها دائماً (بت عمر) رغم موافقتها هي واعتراض أبي، بالنسبة لها أنا مُتعبة وعنيدة، وبالنسبة لي هي عشق لا يأتي إلا بعد طول عذاب، لم أستطع أن آخذ من صفاتها أي شيء لا الحب ولا الحنان ولا الهدوء ولا ابتسامتها المرحة ولا حتى القليل القليل من (لونها الأبيض)، دائمة القلق علينا جميعاً وعليّ أنا بشكل متطرف، دعواتها لي بالهداية ترافقني أينما حللت، منذ القدم مليئة بالفرح والأمل والآن ورغم كل ما جرى ما زالت تمسك بزمام الأمل وإن غابت شمس الفرح بالنسبة لها، أنا وهي تشاركنا عشق رجل واحد؛ زوجها وأبي، هو بالنسبة لها شريك عمر بأكمله. كان زوجاً كما يجب وأباً كما يجب وأخاً كما يجب، وصهراً كما يجب، وأنا بالنسبة لي العالم بأسره، وبعد أن غيبه الموت عنا لم نستطع أن نتشارك الحزن معاً، فقد كان أكبر من الوصف والقول والاتفاق، فهي ترى أن حياتي توقفت عند قبر أبي لأني أذهب إليه كلما عصف بي الحنين واشتد رمق الاشتياق، هي لا ترتضي مثل هذا الفعل وأنا لم أرتضِ أن تلتحف السواد منذ رحيل أبي وإلى الآن، ورغم كل شيء توشحت بثياب الصبر والتحفت تلابيب الجلد بعد رحيله، ورغماً عنها ما زلت أراها بين عينيها وفي أدمعها التي تحاول مراراً منعها من الظهور.. (فقط تقبلي مني بعض هذا العشق بعد طول انتظار وطول موت واحتراق). أمي متعك الله بالصحة والعافية والصبر..