:: بزاوية السبت الفائت، وفي إطار الدهشة بحكم البراءة الصادر لصالح أزهري التيجاني والطيب مختار، قلت فيما قلت: (اعتباراً من أحكام البراءة هذه، ليس من العدل - ولا العقل - أن يصرف هذا الشعب على ديوان المراجعة القومي، بل نقترح تحويل مباني الديوان - المجاورة النيل- إلى فندق خمس نجوم)..وغضب البعض بالديوان وحزن بمظان أن هذا الاقتراح الساخر يقلل من شأن مهام الديوان وكذلك يبخس جهد المراجعين.. ولكن (لا)، فالاقتراح بمثابة دعوة لسلطات الدولة بعدم تجاوز تقارير المراجع العام (بالسهولة دي)، إذ هي تقارير مهنية وصادرة عن جهة مهنية، وكذلك معترف بها رسمياً وشعبياً، ولذلك يجب التعامل معها بمنتهى ( الجدية)..!! :: هذا أو(أصلاً ماف داعي ليها)، وخاصة حين يتحول حال تلك التقارير المحاسبية في المحاكم إلى ما يشبه حال (التقارير الصحفية)، بحيث يُشطب اتهامها ويُرفض وقائعها ويُبرأ أبطالها خلال جلسة أو ثلاث قضائية، أو كما حدث لمحتوى تقرير (قضية الأوقاف)..وما حدث لقضية الأوقاف بالمحكمة يجب أن يُخضع للدراسة والتحليل والنقاش، فالمراجع العام الذي قدم حيثيات الاتهام ووثائقها ليس مجرد (مواطن أو صحفي)، ولذلك شطب الاتهام كان ولا يزال وسيظل (مدهشاً).. ولذلك طالبت الحكومة بالاستفادة من مباني الديوان والمراجعين في (مهام فندقية)، طالما تحولت تقاريرهم المهنية - ذات الجهد المبذول - إلى حزمة وريقات قابلة للشطب والنفي ( بالسهولة دي)..!! :: المهم، مبروك لأزهري والطيب، و(نشوف غيرها)..وكالة السودان للأنباء، ومختصرها سونا، ساهمت في تأسيس شركة مسماة بالراسلات بما تقدر (98%) من الأسهم، ثم تم تأسيس شركة أخرى من هذه الشركة مسماة (الراسلات لينكس)، وهي شركة خاصة بعدد (2000سهم)، يمتلك فيها دفع الله الحاج يوسف (1500 سهم)، والخبير الوطني ربيع عبد العاطي (500 سهم).. نكرر (500 سهم) وليس (1800 دولار)، إذ هذا متوسط دخل الفرد في السودان، حسب إفادته الشهيرة..وكان ربيع وقت تأسيس شركته - جوة سونا - مديراً لوكالة سونا حسب تعريف المراجع العام .. ويقول المراجع العام أيضا إن الراسلات لينكس تورد لسونا سنوياً (100.000 جنيه)، ولكنها شركة غير خاضعة للمراجعة، وإن العلاقة بين الراسلات والراسلات لينكس (غير واضحة)، بحيث يُمكن تقييم الوضع بين الشركتين..( يعني الحكاية غامضة)، حسب وصف تقرير المراجع ..!! :: ولكن ما يُدهش المراجع العام هو أن شركة الراسلات تؤدي مهام هي - في الأصل - من صميم مهام وكالة سونا.. ومع ذلك، تتحمل وكالة سونا كل تكاليف عمل شركة الراسلات..يعني بالبلدي : (راسلات الخاصة تشتغل وسونا العامة تدفع)، حسب تقرير المراجع..ثم الأدهى والأمر، لوكالة سونا العامة موارد ذاتية، مثل عائد منبر سونا الدوري، أي (موارد عامة)، وبالبلدي كده (أموال عامة)..ومع ذلك، يتم توريد تلك الأموال العامة في حساب شركة الراسلات..لماذا؟، الله أعلم ثم أصحاب الراسلات و(مدير سونا طبعاً).. وثمة أسئلة في خضم هذه الوقائع الموثقة في تقرير المراجع العام : لماذا تأسيس الشركات الخاصة في قلب الهيئات العامة؟، ولماذا تؤدي تلك الشركات مهام الهيئات العامة؟، ولماذا تتحمل الهيئات العامة تكاليف عمل الشركات؟، ثم السؤال الجوهري : كيف؟، ولماذا تكون العلاقات بين الشركات الخاصة والهيئات الحكومية غامضة لحد وصفها ( غير واضحة)، أو كما يقول المراجع العام نصاً؟..تقريباً، تلك هي الأسئلة المشروعة التي تستدعي تدخل جهات محاسبية، لنقول لأبطال القضية في حال البراءة (مبروك أيضاً)..!!