ربطتني الذكرى والشجن والعشق بمدينة القضارف من خلال ثلاثة أعوام قضيتها هناك حيث عملت بإدارة المرور, وامتدت العلاقات بيني و بين فئات مختلفة من المجتمع هناك, وظلت هذه العلاقات موجودة ومتواصلة رغم ابتعادي عنها لسنواتٍ طويلة إذعاناً لمتطلبات الوظيفة العامة, وكجزء من اهتماماتي الأدبية بشعر البطانة سألت مرةً شيخ العرب عوض الكريم محمد حمد أبوسن ناظر الشكرية هناك عن موقع القضارف في هذا الشعر الشعبي الأصيل, فقال إن أحد شعراء البطانة يصف تقلبات الأحوال التي تعتري مواسم الزراعة في القضارف وجسّد ذلك في الأبيات التالية: في سوق القضارف كم قدل بي عولي .... وكم عنف رقاب عقيدات لولي.... عاكسني الدهر أداني فوق صنقوري.... ركبني الحمار حتى الحمار مو هولي.... كما أن شاعر البطانة المعروف الحاردلو رمز الى رحلته من القضارف الى الصباغ بأبياتٍ جميلة ورائعة فقال مخاطباً ناقته الصهباء طالباً منها الاسراع الى ديار المحبوبة قائلاً: الدرب انشحط واللوص جبالو اتناطن.... والبندر فوانيسو البوقدن ماتن.... بنوتاً هضاليم الخلا البنجاطن.... أسرع قودع أمسيت أنا والمواعيد فاتن.... ما دعاني لهذه الخاطرة النفرات التي تنتظم الولايات بقيادة ولاتها وكبار مسئوليها من خلال نداءٍ عام يُقدم لأبناء الولاية لتجتمع جهودهم جميعاً لخدمة ولاياتهم , والقناعة في ذلك أنه ليس في مقدور الحكومة مركزية كانت أم ولائية قيادة التنمية بهذا الحجم الكبير ولابد من الجهود الشعبية المساندة لمسعى الحكومات , وهنا ألحظ غياباً لمدينتي القضارف , قضارف الخير عوافي , قضروف سعد, وهذا الغياب لا يسر صديق ولا حبيب, وبالطبع لا يسر أصحاب المطامير وسلة غذاء السودان, وبوصلة السودان الأولى في الزراعة الأولى, والفكرة لماذا لا يتبنى أبناء القضارف نفرة في الداخل والخارج للنهوض بتلك المدينة العزيزة على نفوسنا جميعاً, من يعرف ويسمع عن ماضي القضارف من إنتاج الذرة والسمسم وعن العائد قديماً من سوق المحصول ومشروع الرهد الزراعي لا يرضى ولا يقبل بهذه الكبوة التي يتردى فيها القضارف, ويا أهل القضارف ما حكّ جلدك مثل ظفرك . محمد علي عبد الجابر السجل المدني