هل يدفعه امبيكي خطوة للأمام؟! ++ تقرير: ماهر ابوجوخ- سوسن محجوب ++ كوتيشن (...) هكذا ستستفيد الحكومة والمعارضة من موقف امبيكي الجديد ++ في العمل الصحفي والإعلامي توجد قاعدة مشهورة تقول: "إذا عض كلب شخص فهذا ليس خبرا ولكن إذا عض شخص ما كلبا فذلك هو الخبر" ويبدو أن تلك المقولة انطبقت على وقائع زيارة رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى الرئيس الجنوب الافريقي السابق ثابو امبيكي للخرطوم ولقائه برئيس الجمهورية المشير عمر البشير فالأنظار التي كانت مصوبة تجاه مباحثات الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال وجدت أن الأمر تجاوز الطرفين ليشمل دعوة الحوار التي أطلقها البشير للحوار مع كافة الأحزاب السياسية. ++ مباحثات امبيكي التي أجراها بالخرطوم يوم امس مع البشير التي تطرقت لثلاثة محاور (العلاقة مع دولة جنوب السودان، دعوة الحكومة للحوار الشامل بين القوى السياسية والمفاوضات مع الحركة الشعبية قطاع الشمال) جذب المحور الثاني اهتمام ممثلي الأجهزة الإعلامية باعتبار أن خلاصتها جاءت مساندة للتوجهات الحكومية الحالية المنادية بالدعوة لحوار شامل مع كافة المكونات السياسية وتوحيد رؤاها وبناء علاقات بينها وتصور مشترك لمستقبل الحكومة خاصة. الجديد هو إعلان امبيكي دعمه ومساندته لتلك الدعوة ومضيه خطوة بإعلانه العودة للخرطوم مجدداً خلال اليومين القادمين لمقابلة عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بغرض التفاكر والتباحث حول تلك الدعوة التي وجهها البشير ويبدو أنه استهل مساء أمس تلك التحركات بعقده اجتماعاً مع رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي. لا وساطة أما مساعد رئيس الجمهورية، رئيس الوفد الحكومي المفاوض بأديس أببا البرفسيور ابراهيم غندور فقد أوضح في تصريحات صحفية أن البشير طلب من امبيكي "الإسراع في عملية السلام" وعدم إضاعة الوقت في قضايا جانبية وأن طريق المشاركة في الحوار الشامل ليس في اتفاقيات ثنائية ولكن في اتفاق شامل يجمع عليه كل السياسيين السودانيين يستوجب وقف إطلاق النار واتفاق شامل لوقف القتال وإنهاء القضية ليكون قطاع الشمال فاعلاً سياسياً من بين الفاعلين السياسيين في السودان. في ذات الوقت نفى غندور توسط امبيكي بينهم وبين القوى السياسية باعتبار أن هناك إجماعا على قضية الحوار بينهم وبين القوى السياسية مشيراً إلى أن تلك اللقاءات تمت بطلب من بعضها لمناقشة بعض القضايا وتباين وجهات نظرها وأردف: "لا نحتاج لوساطة بيننا وبين القوى السياسية". تطمين الفرقاء الموقف الأخير لأمبيكي وإعلانه مساندة إجراءات الحوار يصب بشكل عام في مصلحة جميع الأطراف، فبالنسبة للحكومة يمنح تحركها الأخير بالحوار مع القوى السياسية سندا إقليميا مهما مما سيعطيها شكلا أكبر من المصداقية ويزيل المخاوف والهواجس والظنون التي تبديها بعض الأطراف السياسية وتوجسها من مشاركتها في حوار ينفرد بها (الوطني)، وفي ذات الوقت فإنه يفتح المجال أمام موقفها التفاوضي في مباحثات أديس أببا والقاضي بالإقرار بالحاجة لمباحثات شاملة تبدأ بالتوصل لمعالجة لوضعية المنطقتين. أما القوى السياسية المعارضة بالداخل تحديداً فإن موقف امبيكي وإعلانه الشروع في إجراء مباحثات مباشرة مع بعض الأحزاب السياسية يزيح عنها مخاوف تكرار كابوس مفاوضات اتفاق السلام الشامل التي تم استيعابها في النسب المخصصة للقوى السياسية دون إشراك لها، أما الأمر الثاني المهم لها فهو تطمينها بوجود عين خارجية تراقب التطورات وتمثل ضمانة لأي اتفاق مستقبلي يمكن التوصل إليه. حل الشفرة تبدو الحركة الشعبية قطاع الشمال أيضاً ضمن المستفيدين من هذا التحول الجديد إذ سيعفيها من أي حرج أو قيود تجاه حلفائها وسيمكنها من التقدم خطوات للأمام تجاه معالجة الأوضاع الإنسانية والأمنية بالمنطقتين بعدما ضمنت إقرار الحل الشامل وبالتالي عدم ترتب أي أضرار على جبهة حلفائها وفي ذات الوقت إمكانية معالجة الأوضاع الإنسانية للمواطنين الموجودين في مناطق وجودها. بالنسبة للآلية الإفريقية رفيعة المستوى بقيادة أمبيكي فإن تلك الخطوة أشبه بحل شفرة عقدة المفاوضات بين وفدي الحكومة والحركة باعتبارها تمثل نقطة وسطى بين الطرفين مما يفتح الطريق أمام التوصل لاتفاق في الجولة القادمة يحقق في حده الأدني وقف العدائيات وتوصيل الإغاثة والمساعدات للمتضررين، أما على المدى المتوسط فهو تعبيد الطريق أمام إقرار منهج لمعالجة شاملة تشارك فيه الأطراف السياسية السودانية يعيد السلام والاستقرار. لا يمكن إغماط أهمية كبرى يوليها الأفارقة عموما وأمبيكي على وجه الخصوص لأي تحولات إيجابية في مضمار المباحثات بين الفرقاء السودانيين وتفاؤلهم بإمكانية التوصل لحل شامل ينهي الأزمة السودانية ويفضي لخلق دولة ديمقراطية ومستقرة خالية من النزاعات باعتبارها تأكيد على مقدرة الأفارقة ومؤسستهم الإقليمية على إعادة الاستقرار لدول قارتهم عبر آلياتهم وجهودهم الذاتية.