بقلم / عبد الرحيم المبارك علي الى منزل .. أبو رنات ! فى اليوم الختامي لزيارة غرب كردفان توجه نقيب المحامين الأستاذ/ الطيب هارون علي والوفد المرافق له فى العاشرة صباحا الى منزل المرحوم محمد أحمد أبو رنات الذى يقع جوار محلية النهود وكان يشغل منصب قاضي القضاة وهنا أريد أن أسجل ملاحظة مهمة وهي أن منزل أبو رنات فى بنيانه تاريخ يفتح صدره لأصحاب الأقلام .. والتقينا حفيده ، وسط حضور وكيل النقيب فى النهود الأستاذ / أحمد محمد الحسن مع عدد من القيادات فى المحلية ومن ثم سجلت ( الكاميرا ) الوفد فى صالون به صالة طويلة داخل المنزل .. تزين جدرانه لوحات من النادر أن نجد مثيلا لها إلا فى المتاحف الكبرى ! بعد أن قطعنا الممر الطويل .. وقفنا أمام غرفة تتجسد فيها قصة بدر الزمان وملخصها ( أن الذى يريد أن يبني بيتا إما أن يحفر له ساس او يبحث عن ساس قديم ) وهى الغرفة المتفرعة من صالون العدالة .. وكان فى هذا المكان يجلس قاضي القضاة ومجموعة من كبار القضاة والمحامين .. والمفكرين .. والأدباء .. وقد استطاعوا حفر الساس الذى تخرج فيه أجيال من القضاة أصبحوا ملء السمع والبصر .. وكان أبو رنات باحثا منقبا فى العلوم وإن شئت قل موسوعة فى العلوم القانونية لم يكن محصورا فى الدراسات السودانية فحسب بل كان منفتحا على التراث الإنساني فاطلع على الفكر العالمي وقد ساعده فى ذلك إجادته للغة الإنجليزية التى كان يتحدث بها كما العربية تماماً .. حتى قال عنه اللورد دينق فى مجلة العدل والقانون التى يصدرها مجلس اللوردات البرلماني إن هنالك نجوما زواهر ساهمت فى تطور القانون الإنجليزي العام فى دول اللمونولين وأذكر منهم السيد/ ابو رنات أول رئيس قضاء سوداني والذى أرى أنه أميز قاضٍ حقق القانون الإنجليزي العام واستوعب فى سائر الدول التى استعمرتها بريطانيا. قلت فى نفسي وأنا ألاحق أخبار وسيرة هذا الرجل القامة .. هل من المعقول ونحن نعيش فى عصر العلم والفكر واكتشاف الإنسان للذرة وبحثه عما وراء المجهول أن يعيش فى مجتمعنا رجل مثل (ابو رنات) يتحدث طلائع جيل الإنجليز الذين قامت على أكتافهم بريطانية العظمى على أنه أميز قاضٍ ساهم فى تطوير القانون الإنجليزى فى ذلك الوقت ونحن نجهل ذلك ؟! كيف لمثل هذا الإهمال أن يضرب تاريخنا؟ إننا نسوق هذا الأمر لجمهور الكتاب ونطلب من الهيئة القضائية أن تعمل على مؤسسة باسم أبو رنات للمحافظة على هذا الإرث التاريخي العظيم ونسأل الله لها التوفيق. وإننا على ثقة تامة من أن هذه المادة سوف تشكل إضافة حقيقية للمكتبة السودانية . هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته