محمد سعيد شلي ربط الحصول على الكهرباء بسداد فاتورة الماء أشبه بربط تأشيرة الخروج للمغتربين بسداد الضرائب والزكاة ..الخ وهذا الربط يفسره المواطن بأنه من وسائل إحكام الحصار حوله.. لم أذهب يوما لشراء الكهرباء إلا وكنت شاهد عيان لنقاش حاد بين مواطن وموظفات الشركة بسبب الربط بين الفاتورتين .. سمعت مواطنا في ( آخر خناقة ) يصف موظفة بالغتاتة فضحك الحضور لذلك الوصف بما فيهم الموظفة المسكينة وهي خادم المأمور والتي وضعتها الوظيفة في – فوهة المدفع – رغم أن مسئوليتها محددة في النقر على لوحة المفاتيح وقراءة البيانات الواردة أمامها في الجهاز وإخطار المواطن بما يعنيه منها وتحصيل القيمة المطلوبة ..فالتوترات التي تخرج بنفس حار أمام نوافذ التعامل مع الجمهور هي إسقاط تلقائي لمشاكل الناس ومعاناتهم في سبيل لقمة العيش وكما يقولون إن وراء كل وجه هناك مشكلة ماBehind any face there is a problem ,. جعلت لقمة العيش البعض يمارس – الغتاتة – حتى على أطفاله ..حدثنى احدهم بأنه في طريق عودته من العمل للبيت يتوقف عند مخبز ليشتري رغيفا لوجبتي الغداء والعشاء لكنه يحرص كل الحرص أن – يدس – رغيف العشاء في مخبأ سري يتعذر لأطفاله اكتشافه حتى بقمر صناعي على حد قوله وأن ذلك المخبأ لا تعرفه حتى زوجته والتي وصفها بالطابور الخامس فأن عرفت المخبأ (سترسب ) المعلومة للأطفال وإذا عرف الأطفال مكان الرغيف ( لن يخلوا فيه نفاخ النار ) ..وسياسة المخبأ السري التي يمارسها الرجل ليست قاصرة على – الخبز الحافي – لكنها مطبقة على الطماطم والعجور وكل ما يؤكل دون طهي .. والخبز الحافي الذي أورده كوصف في هذه المقالة , اسم لرواية شهيرة للأديب المغربي محمد شكري وسبق لكاتب هذه الأوراق أن أفرد لهذه الرواية مقالة نشرت تحت هذا العنوان ..ذلك المواطن الذي يمارس سياسة المخبأ السري ترشيدا وضبطا لاستهلاك أسرته يعد ( محظوظا جدا ) مقارنة بآخرين يعانون الأمرين في سبيل تدبير رغيف وجبة واحدة .. ومن أشهر قصص الغتاتة التي يمارسها ذلك الرجل مع أطفاله قصة تحكي عن مجموعة كانوا على سفر فمروا في طريقهم على غابة فأصاب فرع شجرة عين الرجل الذي يتقدمهم , كتم الرجل الأمر ولم ينبه رفاقه الذين يمشون خلفه لتجنب ذلك الفرع فأصاب الفرع الرجل الثاني ولم ينبه بدوره البقية وتكرر السيناريو مع الثالث والرابع وكان الجميع ضحية ذلك الفرع بسبب الغتاتة .. وحلة الملاح ذلك الهاجس الذي يؤرق غالبية السودانيين ليست بمشكلة في بلاد كثيرة فدولة مثل الهند يبلغ عدد سكانها قرابة 900 مليون نسمة لا يعاني مواطنوها من مشكلة في الطعام ورأيت أطفال الشوارع في مدينة بنقلور عاصمة ولاية كرناتاكا الهندية يحصلون وبكل سهولة على ما يسد رمقهم من الطعام وبسعر رمزي من قدور يضعها الباعة أمام محلاتهم .. يقدم الأكل على طبق مصنوع من صفق الموز ويتكون عادة من الأرز والعدس الذي يسمونه - دال - إضافة لأنواع الخضروات الأخرى ..والمعروف أن الهند من البلاد التي يكثر فيها النباتيون Vegetarians وهناك بالطبع الأثر الواضح للديانة الهندوسية في هذا الجانب فأتباعها يمتنعون من أكل اللحوم ..توجد مطاعم في تلك البلاد متخصصة في الأطعمة النباتية دون غيرها ولا تستخدم الدهن الحيواني حتى في الطهي ويعد الهنود من أكثر الشعوب استخداما للبهارات Spices وهناك أكلات تصنع فقط من هذه البهارات ..والنباتيون أقل عرضة للسمنة والإصابة بالحصاة الصفراوية والتهابات المفاصل والسرطانات وتآكل الأسنان ..ولكن المختصون في هذا المجال ينصحون بالغذاء المتوازن الذي يحتوي على جميع العناصر الغذائية وبكميات تتناسب مع الاحتياجات اليومية للإنسان ولا يوجد غذاء في الطبيعة يحتوي على جميع العناصر الغذائية ومن ثم فان عملية التوازن الغذائي تعتمد على دمج مجموعة من الأغذية مع بعضها البعض لسد النواقص في قيمتها الغذائية ..