تعتبر صناعة زيوت الطعام من الصناعات الاستراتيجية في السودان حيث تحقق بامتياز ثلاثة من الأهداف الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية في السودان وهي تشغيل العمالة بكثافة، وتحقيق عوائد صادر مقدرة، وتحقيق الأمن الغذائي في سلعة استهلاكية رئيسة. تعتمد صناعة الزيوت في السودان على استخلاص الزيوت من الحبوب التالية: بذرة القطن، الفول السوداني، السمسم، زهرة الشمس. وقد بدأت صناعة الزيوت في السودان في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي حين أنشئت المعاصر التقليدية في مناطق إنتاج السمسم والفول لإنتاج الزيت وبعد قيام مشروع الجزيرة استغلت بذرة القطن كأحد الحبوب الزيتية. التقنية المستخدمة في استخلاص الزيوت حالياً هي العصر الميكانيكي – بواسطة المكابس الحلزونية – وهي الشائعة والأعم في هذا القطاع، حيث حوالي (220) مصنعاً من جملة المصانع القائمة – وهى حوالي (223) – يتم فيها الاستخلاص بهذه الطريقة، وثلاثة فقط منها لها المقدرة على الاستخلاص عن طريق المذيبات العضوية الذي يسبقه استخلاص أولي عن طريق العصر الميكانيكي. إن عوامل القوة والفرص المتاحة للاقتصاد السوداني في هذا القطاع تشمل: مساحات الأراضي الشاسعة المتاحة لزراعة الحبوب الزيتية، وتوفر المياه من كافة مصادرها، والموقع الجغرافي والمناخ المتنوع والمتميز المؤهل للإنتاج الزراعي للحبوب الزيتية المختلفة. إن الموقع الجغرافي للسودان والذي يتوسط السوق الأفريقي والعربي، والاتفاقات التجارية الثنائيه والإقليمية مثل الكوميسا والمنطقة العربية الكبرى، وفرص السودان لتركيز الاستثمارات العربية من أجل توطين صناعة الزيوت بغرض إمداد الدول العربية والدول المجاورة بالزيوت النباتية، والاستخدامات الجديدة للزيوت النباتية في الوقود الحيوي بالإضافة للاستخدامات الصناعية والطبية، فضلاً عن الطلب المتنامي على الأعلاف بكافة أنواعها في الأسواق المجاورة كالسعودية والإمارات ومصر وغيرها، كل هذا يجعل للحبوب الزيتية قيمة اقتصادية وتصديرية عالية جداً تبرر قيام وزارة أو مجلس أعلى بمرتبة وزارة خاصة بهذه السلعة. مثلما خصصنا وزارة للبترول ومثلما تخصص الفلبين وزارة أو مجلساً أعلى للمطاط وماليزيا مجلساً أعلى لنخيل الزيت. وسوف تعكف هذه الوزارة أو المجلس على معالجة عوامل الضعف الحالية في هذا القطاع وتشمل: عدم الاستغلال الأمثل للمساحات المتوفرة لزراعة المحاصيل الزيتية، ضعف إنتاجية المحاصيل الزيتية في القطاعين المروي والمطري، ضعف إنتاج البذور المحسنة وخاصة الفول السوداني، ضعف استخدام التقانات المناسبة في صناعة الزيوت النباتية، عدم تطبيق مواصفات التصنيع الجيد ( (GMP، عدم تطبيق المواصفات السودانية للزيوت النباتية وعدم تطبيق مواصفات التعبئة، ضعف البنيات التحتية من حيث انعدام الطرق والمخازن في مواقع الإنتاج الزراعي وضعف النقل التخصصي، تعدد الرسوم والجبايات على الحبوب الزيتية، السياسات التمويلية غير المشجعة للاستثمار الصناعي مع ارتفاع تكلفة التمويل ومحدودية وضعف التمويل الرأسمالي متوسط وطويل الأجل، ارتفاع تكلفة الترحيل الداخلي للحبوب الزيتية والمنتجات. كما ستعكف الوزارة المقترحة أو المجلس الأعلى المقترح على معالجة مشكلة ارتفاع تكلفة الإنتاج الصناعي (مياه – كهرباء – عمالة - مدخلات)، وعدم ثبات سياسات الاستثمار والضرائب والرسوم المفروضة خاصة المتعلقة بالمراسيم الولائية، وعدم وجود الإحصاءات الدقيقة والمعلومات التي يمكن أن يعتمد عليها ويعمل بها، وضعف معالجات مشكلة الأفلاتوكسن، وضعف استغلال قشر الفول السوداني وقشر زهرة الشمس، وضعف التمويل الممنوح للمراكز البحثية المتخصصة بما يقعدها عن أداء دورها. إن معالجة عوامل الضعف هذه وجميعها مقدور عليها سوف يحدث نهضة كبيرة جداً في هذا القطاع ليصبح قائداً ورائداً للنهضة الاقتصادية في السودان مع شقيقه قطاع السكر. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته