مساء أول أمس خرجت رسالة غاضبة من رئاسة الجمهورية عممت على وسائل الإعلام حيث أرسلت رسائل تحذيرية للصحف من تناول قضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية، وانتقدت تناول بعض وسائل الإعلام بصورة متكررة قضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية بوجه سالب وهادم يعرض سلامة الوطن للأذى ويضعف تماسكه ويفتت قوامه. وأضافت رئاسة الجمهورية في بيان "تناولت بعض وسائل الإعلام والصحافة بصورة متكررة قضايا الامن القومي والشؤون العسكرية والعدلية بوجه سالب وهادم يعرض سلامة الوطن للأذى ويضعف تماسكه ويفتت قوامه"، واعتبرت ذلك تجاوزاًً للخط الأحمر الذي تلتزمه كل الدول الحريصة والمسؤولة منعاً للتفريط وتجاوزه والإخلال بالأمن والسلامة والحصانة الوطنية"، ومضى قائلاًً "كما تناولت أجهزة الإعلام تناولاًً سالباً وشاطحاً يمس أشخاصاً وأفراداًً يحاكمون إعلامياً دون التثبت بالبينات والوثائق مما يعتبر تشهيراً واستباقاً مخلاً يحدث تأثيرات يجب أن تنأى عن أحداثها الصحافة والإعلام".. الخطوط الحمراء عند تفكيك هذا الخطاب سنجده حدد ثلاث قضايا تعتبر خطوطاً حمراء لا يسمح بتجاوزها من قبل وسائل الإعلام وهي "قضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية" واعتبر البيان أن الصحافة تجاوزت الخطوط الحمراء فيها. بعد قرار الرئيس البشير بإزالة القيود عن العملية الصحفية عملت الصحف على الاستفادة من هذه المساحة حيث فتحت ملفات متعلقة بالفساد خاصة أن الأمر وصل لجهات عدلية. الصحف أيضاً نشرت أخباراً تتعلق بسياسيين انتقدوا قوات الدعم السريع خاصة وأن الصحف تعودت أنه في حال القوات المسلحة لا تنشر أي خبر دون الرجوع للناطق الرسمي للجيش، ولكن في حال هذه القوات أصبحت بعض الصحف تنشر كل الأخبار والانتقادات. ويبدو أن هنالك ثمناً لتجاوز تلك الخطوط.. دفعته صحيفة (الصيحة) حيث علق نشاطها بالأمس، وقال رئيس مجلس ادارتها الطيب مصطفى في تعليق مقتضب ل(السوداني): "خشمي فيهو موية ولا تعليق". ميثاق شرف السخط على الأداء الصحفي امتد أمس ليصل قبة البرلمان حيث اعتبر عدد من النواب أن الصحف قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، حيث قال النائب البرلماني الفاتح محمد سعيد إن ما يثار في الصحف يمثل تشكيكاً في الديمقراطية متهماً إياها بتكبير حجم القضايا السالبة مما يؤثر ذلك على شكل السودان الداخلي والخارجي، مطالباً البرلمان بتبني مشروع ميثاق شرف إعلامي تلتزم به كل الوسائط الإعلامية وتحديداً الصحافة، مضيفاً يجب أن تكون لدينا صحافة استقصائية من الدرجة الأولى وأن يكون تناول الإعلام لكل القضايا تحت ذلك الميثاق الشرفي الذي دعا له، كما طالب أيضاً بضبط الإعلام الداخلي حتى يقدم السودان بالصورة الحقيقة له. تحمل الانتقاد فيما يرى الخبير الإعلامي محمود النو أن الصحف خلال الفترة الماضية مارست الحرية التي منحت لها بشكل فوضوي وفتحت ملفات دون وضع الحسابات وتأثير ذلك على الرأي العام وسط المواطن العادي، وأضاف في تعليقه ل(السوداني) أن هنالك تناولاً سالباً حتى لقضايا في المحاكم والتحقيق وهذا يؤثر على سير العدالة، وهذا جعل النيابات تصدر العديد من قرارات وقف النشر لتلافي هذا الأمر. فيما يرى الكاتب الصحفي فيصل محمد صالح أن الحكومة وحزبها من الواضح لم يستطيعا تحمل المساحة البسيطة التي أتيحت للإعلام لكي يتحرك فيها، وتضايقا من فتح ملفات الفساد والمناقشات المفتوحة للأوضاع السياسية ومتطلبات الحوار الوطني، لهذا يبحثان عن وسائل لعودة الرقابة. وحول الخطوط الحمراء التي وضعت ويجب عدم تجاوزها يقول فيصل في حديث ل(السوداني): في البلد قوانين كافية لتحدد الخطوط الحمراء وما يمس الأمن القومي، بل هي متعسفة بشكل كبير، وليست هناك حاجة لعودة الإجراءات الاستثنائية؛ وهناك دستور يحدد مجالات حرية الإعلام وهناك قوانين لتحاكم من يسيء لشخص أو جهة بأخبار كاذبة أو ملفقة أو بتشويه السمعة وعلى المتضرر اللجوء إليها. على صعيد اخر؛ قال بيان لإدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني إن صحيفة (الصيحة) انتهجت طريقاً يركز على الرمي بالاتهامات والتجريم بالشبهات بعيداًً عن الاستقصاء المهني الذي يثبت أن المتهم برئء حتى تثبت إدانته. وأكد الجهاز أنه لا نكوص عن الحريات ولا اهتزاز في القناعة بقيمة وأهمية دور الصحافة في الرقابة والتقويم وكشف الممارسات الفاسدة ونقد الأداء التنفيذي والتعبير عن هموم وقضايا ونبض المجتمع. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته