أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبرت ماردوخ .. زعيم امبراطورية الشر الإعلامية..! (1)
نشر في السوداني يوم 29 - 05 - 2014

روبرت ماردوخ ملياردير وناشر أسترالي المولد، أمريكي الجنسية، اعتبرته مجلة التايم الأمريكية من بين المائة شخصية الأكثر في العالم.. ولأن الإعلام نصف المعركة، وهي النظرية التي أتقنها كهنة السياسة في الغرب منذ زمن بعيد، وتفطن لها القليلون من الطرف الآخر المعني بتحمل الأعباء الإجرامية، الموسوم بالإرهاب في وقت متأخر، فقد كان مردوخ بإمراطوريته الإعلامية هو المسؤول عن إدارة نصف معركة الأمريكيين في حروبهم في العالم وخاصة ضد العرب والمسلمين.
ومجلة (تايم) ليست الوحيدة التي اعتبرت مردوخ أحد الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم، فقد جاء في تقرير لصحيفة (كريستيان سياينس مونتور) عن أكثر الرجال تأثيرا في عالم اليوم.. وكان التقرير يتحدث- ليس عن المنصب أو الثروة- بل عن الاكثر نفوذ وتأثيرا في حياة الناس بصرف النظر عن الوسيلة التي يملكها.. وأتى في رأس القائمة مؤسس شركة ميكروسوفت بيل جيتس، وهذه المرة ليس كأكثر الرجال ثراء على وجه الأرض بل كأكثرهم تأثيرا في حياة الناس من خلال البرامج التي تنتجها شركته. أما في المركز الثاني فأتى إمبراطور الإعلام اليهودي روبرت مردوخ في حين أتى المستثمر الأمريكي ومضارب البورصة (سورس) في المركز الثالث يليه رئيس الوزراء الإيطالي السابق بيرلسكوني في المركز الرابع.
وبالنسبة لروبرت مردوخ- كما يقول التقرير- يأتي نفوذه من خلال امتلاكه لعدد هائل من أجهزة الإعلام العالمية.. فهذا الرجل (الاسترالي المولد الأمريكي الجنسية) بدأ حياته بجريدة متواضعة ورثها عن أبيه تدعى ميلبورن هيرالد..
وكانت الصحيفة تعاني من مصاعب مالية جمة فقرر نشر(صورة خلاعية) بشكل يومي على صفحتها الثالثة كآخر أمل لزيادة المبيعات. وبسرعة حققت فكرته نجاحا خارقا لدرجة تمكن عام1935 من شراء صحيفة ضخمة تدعى اديلاند نيوز.
وماهي إلا سنوات قليلة حتى نشر أول صحيفة تظهر على مستوى القارة دعاها (الاسترالية).. وبعد غياب طويل عاد في الثمانينيات إلى استراليا واشترى كامل المجموعة الصحفية التي اشترت منه سابقا جريدة والده وأسس فيها قاعدة لقنوات البث الفضائي موجهة لآسيا!.
وكان مردوخ بدءا من السبعينيات- قد وسع نشاطاته إلى نيوزلندا وسائر انحاء بريطانيا وأمريكا وهونغ كونغ والصين (ثم لبقية العالم) حيث قام بشراء وتأسيس صحف ومحطات فضائية فأصبح الملك غير المتوج للإعلام الدولي.
ولروبرت مردوخ أيدلوجية سياسة فاضحة سخرها لخدمة بني جلدته الأمر الذي جعل (الإعلاميين المحترمين) يقدمون استقالتهم فور شرائه للصحف التي يعملون فيها. ونظرة سريعة على ممتلكاته الإعلامية تجعلنا نتساءل إن كان مجرد واجهة لمخطط صهيوني عالمي تمت حياكته ببراعة، فهو مثلا يملك ثلث الصحافة البريطانية (التي يستقر ثلثها الثاني بيد يهود آخرين).
كما يملك شبكة قنوات سكاي وستار وفوكس التي تصل إلى قارات العالم الست- بالإضافة لشركة هاربر كولنز أكبر دار نشر في العالم من حيث الحجم والمبيعات!.
وفي أواخر السبعينيات دخل مردوخ السوق الأمريكية بقوة فأسس جريدة الناشونال ستار وامتلك النيويورك بوست والنيويورك مجزين وفليج فويس وصحيفة بوسطن هيرالد وشيكاغو تايمز.
وفي الولايات المتحدة أيضا اشترى استديوهات القرن العشرين لإنتاج الأقلام ومجموعة محطات ميترو ميديا التلفزيونية واسس محطة فوكس الإخبارية وعدة شركات محلية.
ولضمان موقع له في آسيا اشترى أعظم صحفها (ساوث تشاينا) كما دخل بقوة إلى سوق الأقمار الآسيوية من خلال وجوه هندية وصينية ويابانية لمحطات ستار وسكاي وفوكس.
هذه الممتلكات الإعلامية جعلت لروبرت مردوخ تأثيرا خارقا على مراكز الرأي الشعبي والعالمي وجعلته واحدا من أغنى أغنياء العالم. وهو يعد نموذجا للإعلامى اليهودي الذي يدخل كل بيت باللغة المحلية والثقافة المناسبة.
ومشكلة روبرت موردوخ ليست في تبنيه لأيديولوجية متطرفة في ميولها، ولو كان الأمر يقتصر على ذلك لكان الملياردير العجوز أقل خطرا، وإنما في الحقد الذي يغلف هذه الأيديولوجية تجاه الآخر، واستغلاله الإعلام كوسيلة ينفث من خلالها الأحقاد دون هوادة.
في بريطانيا، اتهمت صحيفة (سوشيالست ووركر) الصحف التي يمتلكها مردوخ- والمعروفة بموالاتها الشديدة لليهود- بشن حملات إعلامية شرسة تستهدف تشويه صورة الأقلية المسلمة هناك، مؤكدة كذب الاتهامات التي تروجها تلك الصحف عن المسلمين.
ورأت (سوشيالست ووركر): أن هذه الصحف تتعمد مهاجمة مسلمي بريطانيا والتحامل عليهم، من خلال اختلاق قصص عارية من الصحة، فضلا عن التعتيم على انتهاكات الشرطة بحق المسلمين هنالك. وعلقت الصحيفة على مانشرته تلك الصحف من حوادث واخبار مختلقة تشوه صورة المسلمين، مثل قيام بعض المسلمين بأنشطة إرهابية، وتخويف بعض الجنود البريطانيين داخل ثكناتهم العسكرية تليفونيا، وإطلاق سيل من الاتهامات للشاب المسلم (محمد عبد القهار) الذي ثبتت براءته من الإعداد لهجوم مسلح.
ونقلت (سوشيالست) عن صحيفة (الصن) المملوكة لموردوخ، قولها حول قصة مختلقة بشأن رسائل مزعومة نسبت إلى مسلمين، بعددها الصادر يوم السابع من أكتوبر عام2006م.
واشتملت على بعض الكلمات، قائلة: (إذا كانت هناك كلمات قبيحة، فاعلم أنها لم تأت إلا من المسلمين.) وقد تبين- فيما بعد- أن القصة (مفبركة). إذ أكدت شرطة مقاطعة (ثاميس فالي) عدم وجود دليل على أن المسلمين متورطين في القضية، قائلة: (لم نتلق أية تهديدات من مسلمين أو أناس يدعون أنهم مسلمون).
وفي هذا السياق قالت (سوشيالست ووكر): إن معظم صحف موردوخ، وعلى رأسها (ويندسور إكسبريس) وبعض المواقع الأخرى، شوهت صورة الشاب المسلم محمد عبد القهار الذي أطلقت عليه الشرطة البريطانية النار خلال اقتحام منزله بمدينة (فورست غيت) جنوب لندن. حيث زعمت (ويندسور أكسبريس) أن المكان الذي يقيم فيه عبد القهار هو مصنع للقنابل، على الرغم من إطلاق الشرطة سراحه وأخاه لعدم ثبوت أي دليل على إدانته. ومع ذلك واصلت الصحيفة تشويه صورة محمد واتهمته بارتكاب عدد من الجرائم.
ورغم تبرئة الرجل من الاتهامات المنسوبة إليه، نشرت الصحف اليمينية تلك القصة الملفقة كدليل على ما تزعمه (التطرف الإسلامي) السائد في بريطانيا.
وأثبت التفتيش الدقيق لبيت محمد عدم وجود مايدل على أية متفجرات أو أسلحة كما كان مزعوما. وتعجبت (سوشيالست ووركر) من استمرار حملات التشويه رغم ثبوت براءة المسلمين، مؤكدة أنها حملات منظمة تستهدف المسلمين داخل المجتمع البريطاني الذي يعيش فيه نحو8,1 مليون مسلم، أي مايعادل نحو2.7% من إجمالي عدد السكان البالغ حوإلى 60,6 مليون نسمة.
وفي الولايات المتحدة، انحاز موردوخ انحيازا صارخا لإدارة جورج بوش والحزب الجمهوري.. فقبل أسابيع من ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة- التي انتهت بإعلان فوز بوش الابن- ثبتت (فوكس نيوز) إشارة ضوئية صوتية في الاستوديو، لكى تعلن من خلالها، أن اليوم هو اليوم الذي يسبق إعادة انتخاب جورج دبليو بوش رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
وخلال اجتياح العراق في العام 2003م من قبل الإدارة الأمريكية، فإن صحف موردوخ ومحطاته وشبكاته التي كان يملكها في الولايات المتحدة وخارجها، وقفت جميعا إلى جانب الغزو الأمريكي للعراق.
وكانت صحيفة (التايمز) البريطانية هي الوحيدة تقريبا من بين الصحف الدولية الجادة التي أشادت بخطاب جورج بوش مساء الإثنين 23الثالث والعشرين من يونيو وعام 2002 المتعلق بمستقبل الشرق الأوسط، بينما انتقدته كافة الصحف الأوروبية، وهنا يتضح بشكل جلي كيف يكون تغريد هذه الصحافة خارج السرب بدوافع خفية.
وهو ما كافأه عليه بوش فيما بعد، إذ تدخل البيت الأبيض لدى أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من أجل التوصل إلى (تسوية) سمحت بتشريع عمليات التملك الضخمة التي حققتها مجموعة (نيوز كورب) في الولايات المتحدة. وأتاحت هذه التسوية المجال أمام الشركة الواحدة لامتلاك وسائل إعلام عدة مختلفة، إضافة إلى أكبر محطات التلفزة، وأوسع الصحف انتشارا في السوق الأمريكية.
وقد سعى موردوخ مؤخرا إلى التغطية على هذا الانحياز الصارخ، عبر استضافته لحفل جمع التبرعات لصالح حملة هيلاري كلينتون. وهي الخطوة التي أصابت الكثير من الجمهوريين والديمقراطيين، على السواء، بالذهول الذي بلغ حد الصدمة، حيث يعتبرون أن السيدة كلينتون- المفترض انتماؤها للديمقراطيين- حصلت على دعم واحد من الاركان الرئيسة ل(الجناح اليميني المتشدد) في أميركا.
ولا يعتبر التحالف بين كلينتون وموردوخ جديدا كليا، حيث اتجه الاثنان نحو تحقيق انفراجة في العلاقات بينهما منذ العام2000م، عندما فازت قرينة الرئيس السابق بعضوية مجلس الشيوخ، بعد حملة تضمنت كثيرا من الدعم الذي قدمته صحيفة (نيويورك بوست)- إحدى الصحف المملوكة لموردوخ- لهيلاري.
والواقع أن موظفي (موردوخ) عادة مايقومون ببث معلومات مغلوطة، عبر التلميح وطرق أخرى غير مباشرة- حسب المراقبين- إذ يتلقى الصحافيون العاملون لدى شبكاته ومحطاته، صباح كل يوم، مذكرات داخلية هي بمثابة توجيهات لتعليقاتهم على الأحداث والمجريات.
وتبرز مواقفه ومعالجاته للقضايا كيف أن موردوخ يتعامل مع الأحداث والاخبار كما لو كانت بضاعة يجب تسييسها وتسويقها بشكل مؤثر ومريح في وقت واحد، مهما كان الثمن الأخلاقي لها، وهو ما استخدمه في كثير من المواقف حيث يقوم مثلا بتحويل فضيحة أخلاقية بطلها شخصية شهيرة الى قضية ذات بعد سياسي يمكنه أن يستخدمها كسلاح لعدو هذه الشخصية، ومن يدفع اكثر يحصل على مايريد.
وكان موردوخ قد أدرك أن اختلال القيم الاخلاقية في المجتمع الغربي بسبب ضعف الوازع الديني، وانتشار المذاهب الفلسفية المتحررة التي تشكك في كل شيء هو المدخل الذي ينفذ منه إلى الرأي العام: فليس هناك رادع أخلاقي يمنع معالجة موضوعات الجنس بشكل فج، وليس هناك من يعترض على نشل الصور الإباحية واكثر هذه الصحف هي التي سخرت من الفضيلة والأخلاقية وحتى الدين.
وفي إطار تحريف التغطيات الإخبارية التي تنتهجها صحف ومحطات موردوخ بشكل مستمر، القى الفيلم والوثائقي (الخداع) حرب روبرت موردخوخ على الصحافة) الذي أنتجه المخرج الأمريكي روبرت جرينوالد ذو التوجهات الليبرالية- الضوء على فظاعة هذه الممارسات الشائنة.
ويهاجم الفيلم قناة (فوكس نيوز) ودعمها اليمين الأمريكي، كما يلقي الضوء على الخطر الماثل في إدارة مثل هذه الشركات للمؤسسات الإخبارية الكبرى، ويثير فيلم (الخداع) الكثير من التساؤلات حول مبادئ التغطية الإعلامية، ففي غضون ساعة وربع الساعة، يفكك- واستنادا إلى شهادات موظفين سابقين في (فوكس نيوز)- أساليب المحطة التلفزيونية الأمريكية في التحريف والخداع.
يقول مخرج ( الخداع) روبرت جرينوالد: (إن فيلم الحقيقة الكاملة عن حرب العراق، يظهر أن إدارة بوش لم تكن أمينة في عرض الأسباب التي دفعتها لخوض الحرب، وهو ما أثار شكوكا استطاع الكثير من منتجي الأفلام إثارتها بينما عجز الصحفيون عن ذلك. ويضيف في مقابلة مع شبكة ال(بي بي سي): إن هذا الفيلم يبلغ المرء بمن يصوت له، ومن لا يعطيه صوته.. إنه يقول للمشاهدين هاهي الاسباب التي دفعتنا لخوض الحرب، وهاهو الدليل على أنها لم تكن أسبابا مقنعة... إن مايعرضه الفيلم حقائق وليس مجرد رأي).
الفيلم الوثائقي الذي لاقى قبولا ومصداقية كبيرين بين الأمريكيين، وصفته مجلة (ماريان) الأسبوعية الفرنسية، بأنه الفيلم الذي ينبغي عرضه في المدارس والمعاهد كافة، وخاصة معاهد الصحافة. ففيه تلخيص (مركز) لكل ما يتعين على الصحافي أن يتجنبه: الغش، التضليل، إخفاء الحقيقة، خوض حملة سياسية لصالح طرف سياسي دون آخر، تحريف أقوال الخصوم.
تستثمر مجموعة مردوخ داخل إسرائيل من خلال شركة NDS NEWS
Datacom، التي تعمل في مجال التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، وقد ارتفع عدد العاملين في هذه الشركة من 20شخصيا إلى 600 خلال 10 أعوام، طبقا لما نشرته صحيفة (جيروزاليم بوست) إذ يحصل موردوخ على تسهيلات ضرائبية كبيرة في الدولة الصهيونية.
وحول الدعم الإعلامي (الموردوخي) لإسرائيل، أرجع الصحفي، جاسون دينز، في مقال نشره بصحيفة (ميديا جارديان) في الخامس من نوفمبر عام 2001، حول أسباب استقالة (سام كيللي) مراسل صحيفة (التايمز) في أفريقيا، أرجع الاسباب إلى الرقابة الصارمة المفروضة على تقاريره حول قضية الشرق الاوسط، على اعتبار أن تقاريره موالية للعرب.
فإدارة التحرير الموالية بالكامل لإسرائيل ترفض تماما نشر أي موضوعات تتحدث عن عمليات الاغتيال الإسرائيلية المتعمدة أو العمليات التي يكون ضحيتها أطفالا، أو العمليات التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين، وقد غضب مديرو شبكة موردوخ بشدة لأن مراسل الصحيفة أجرى حوارا مع وحدة من الجيش الإسرائيلي متهمة بقتل صبي فلسطيني.
كما أن صداقة موردوخ لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أريل شارون والاستثمارات الضخمة التي يمولها الأول في إسرائيل، وحرصه عليها، تقف حائلا دون نشر التقارير كاملة كما هي.
ويضيف جاسون دينيز: (إن مثل هذه العلاقة بين روبرت موردوخ ورئيس الوزراء الإسرائيلي تنعكس على سياسيي التحرير في صحيفة التايمز.. فالحرب الكلامية بين طرفي النزاع في الشرق الأوسط لها دورها الحاسم في توجيه الرأي العام). ويتابع نقلا عن كيللي: (من الصعب أن تجد صديقا قويا لإسرائيل يمكنه التأثير على الرأي العام بنفس قوة صحيفة مثل التايمز).
وجاء نشر هذه الاعترافات، بعد أيام قليلة من إعلان الصحفي البريطاني المعروف ومراسل صحيفة (اندبندنت) روبرت فيسك أن (وسائل الإعلام الغربية خضعت للضغوط الإسرائيلية في تقاريرها المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي أثناء انتفاضة الأقصى).
ولا يتردد رؤساء تحرير الصحف (الموردوخية) في اتهام أي كاتب او معلق يتعاطف مع الحق العربي في الصراع مع إسرائيل بأنه معاد للسامية، وهي التهمة التي من الممكن أن تنهي حياة هذا الكاتب المتهم عمليا، وتجعله يفكر جديا في البحث عن مورد رزق آخر غير الكتابة أو الصحافة.
فقد اتهم رئيسا تحرير صحيفتي (هيرالد صن) وكوريير ميل) محرر صحيفة New statesman (بيتر ويبليي) بأنه معاد للسامية لمجرد أنه نشر مقالا شرح فيه أسباب دعم حكومة توني بلير للحكومة الإسرائيلية، وهاجم هذا الدعم، وقد رفض ويبللي هذا الاتهام، ودافع عن موقفه في مقال آخر، موضحا أنه لم يتعرض في مقاله لما يمكن أن يوصف بالعداء للسامية، ولكنه في الوقت نفسه أكد على أن هذا الهجوم عليه ليس إلا للحفاظ على مصالح موردوخ في إسرائيل.
وماردوخ يمتلك إمبراطورية إعلامية بدأت في استراليا بمجلة عادية ورثها عن والده، وتمكن من دفعها إلى النجاح، وامتدت في بداية الثمانينات إلى بريطانية لتشمل صحيفة (نيوز أف ذي وولد) و (مجلة صن).
ورغم ان هاتين الصحيفتين كانتا تعانيان من متاعب مادية عند عرضهما للبيع إلا أن ماردوخ تمكن من تحويلهما إلى صحيفتين رائجتين توزعان الملايين عن طريق زيادة جرعة الإثارة فيهما بشكل أثار أعصاب المجتمع البريطاني المحافظ. وعندما قرر ماردوخ شراء صحيفة (التايمز) اللندنية، وشقيقتها (الصنداي تايمز) حدثت حركة تمرد بين المحررين، وهددوا بتقديم استقالات جماعية، وقالوا إنهم يخشون أن يحول ماردوخ صحيفتهما اللتين تميزتا بالرصانة إلى نسخة سياسية من (نيوز أف ذي ورلد) و(الصن).
وتدخلت الحكومة البريطانية في ذلك الحين إلى جانب المحررين، وجرى الاتفاق مع ماردوخ على ألا يتدخل في سياسة الجريدتين وأسلوب عملهما إذا شاء أن تؤول ملكيتهما إليه، فوافق على ذلك. وقبل مدة ضم إلى أمبراطوريته الإعلامية صحيفة وول ستريت جورنال التي تعتبر من أكثر الصحف نفوذا في أمريكا.
ويخشى محررو الوول ستريت أن يحدث لجريدتهم ماحدث للتاميز والصنداي تايمز اللتين لم تسلما، رغم تعهد ماردوخ بعدم التدخل في سياستهما، من لمسات الإثارة، والانحياز الكامل نحو المحافظة المتطرفة ليس بمعناها الذي كنا نعرفه حتى الأمس القريب، وإنما بالمعنى الذي يسود حاليا في الولايات المتحدة وتدعمه شبكة فوكس التلفزيونية التي يمتلكها ماردوخ.
ولعلنا نذكر أنه بعد أن أبرم ماردوخ صفقة التايمز بقليل، نشرت الصنداي تايمز مقالا ذكرت فيه أنها عثرت على مذكرات هتلر، وأنها دفعت مبلغا كبيرا من المال مقابل الحصول على حقوق نشر هذه المذكرات، ليكتشف القراء بعد ذلك أن المذكرات مزيفة ولاعلاقة لها بهتلر، وقد كتبها المحتال العالمي كوزاد كاجو.
وفي نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات امتدت أصابع ماردوخ إلى الولايات المتحدة، فاشترى مجلة التايم وشبكة فوكس التلفزيونية وحول شبكة فوكس إلى معقل إعلامي للمحافظين الجدد، ومنذ بدء هذه الشبكة في العمل بدأ الامريكيون يلاحظون توجها إعلاميا يداعب أكثر الغرائز تخلفا في نفوسهم، ولا يتورع عن إخفاء الحقائق، وترويج الأكاذيب، وتجاهل الرأي الآخر تماما، وقبل مدة حضر ماردوخ حفل عشاء في مجلس الشيوخ بدعوة من الأعضاء الليبراليين، وفي المناقشات التي دارت بينه وبين الاعضاء قيل له: إن شبكته التلفزيونية تمنح مايعادل374 ساعة بث في برامجها لأنصار الاتجاه المحافظ، وتسمح لهم بتشويه الحقائق ونشر أكاذيبهم كما يريدون، في مقابل خمس ساعات فقط لأنصار الاتجاه الليبرالي، تتبعها عادة تعليقات ساخرة على ماجاء في هذه الساعات الخمس.
وقد استمع ماردوخ ببرود أعصاب إلى تعليقات مضيفيه أعضاء مجلس الشيوخ، ولكنه خرج من الحفل وهو مصمم على عدم قبول دعوة مماثلة في المستقبل.
وبروبرت مردوخ، ولد في ملبورن باستراليا عام 1931م من أب وأم أسكوتلنديين.
يتحكم بمجموعة شايرمان وشايرهولدر ورئيس مجلس إدارة المجموعة الإعلامية الأكبر NewS COrPORation ليس صحيحا مايشاع عن أن مردوخ يهودي، فلا هو عضو في إيباك ولا يهودي الديانة، لكنه من أهم دعائم إسرائيل الإعلامية في العالم.
بدأ مردوخ مسيرته في الصحف المحلية والتلفزيونات الأسترالية ثم ما لبث أن تمدد الوحش إلى بريطانيا وأميركا حيث بسط سيطرته على صناعة الأقلام والإعلام الفضائي وحتى شبكات الإنترنت.
وبعد أن أحكم سيطرته على السوق الإعلامية في أستراليا قام بتوسيع نشاطه، وتحول عام 1969م إلى بريطانيا، حيث اشترى أولا صحيفة الأسبوعية التي كان يصل حجم توزيعها إلى 6,2 ملايين نسخة، ثم قام بتغيير سياستها التحريرية اعتمادا على الموضوعات الجنسية، والتركيز على العناوين ذات الحجم الكبير. بعد عدة أسابيع اشترى صحيفة (The Sun) بنصف مليون جنيه إسترليني بعد أن شارفت على الإفلاس، فخفض عدد العاملين به، ثم مالبث أن قلب سياستها التحريرية رأسا على عقب، واستحدث في الصحيفة ركنا يوميا ثابتا لصورة فتاة عارية، وركز على أخبار الفضائح وما يحدث في المجتمع المخملي، فارتفعت مبيعات الصحيفتين في وقت قصير ليحقق مردوخ أرباحا طائلة ويسطير على سوق الإعلام البريطاني.
أما النقلة الكبرى ضمن سيطرته على الرأي العام البريطاني فكانت مع مرور مجموعة صحف (The Times)- أعرق الصحف البريطانية- بأزمة مالية حادة، وأعرض المستثمرون عن إنقاذها تخوفا من الغموض الذي يلف مستقبلها بعد تراجع مبيعاتها بشكل ملحوظ، ووقوع مشاكل مع عمال الطباعة والنقابات. إلا أن هذه المخاوف لم تمنع مردوخ من التركيز على المجموعة، لما تمثله من أهمية في عالم الصحافة وثقل في دنيا السياسة، ويبدو أنه كان قد حضر خطة جديدة لتحول خسارتها إلى أرباح، فخاض في سبيل ذلك معارك استخدم فيها كافة أسلحته، حتى حظي بتأييد رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك (مارجريت تاتشر) التي وافقت له بصفة استثنائية على شراء المجموعة، بالرغم من أن قانون الاحتكارات البريطاني يمنع هيمنة شخص واحد على كل هذا العدد من الصحف، ومع ذلك يسيطر مردوخ على 40% من الصحافة البريطانية.
كما قلص مردوخ عدد العاملين في مجموعة The Times، وواجه نقابة عمال الطباعة بحركة استفزازية، حيث قام بطرد آلاف العمال دون سابق إنذار، متنكرا بذلك لبعض الافكار اليسارية التي أعجب بها في مطلع الخمسينيات واشاد بها كثيرا، ولكنه على غير المعتاد حافظ على الطابع المحافظ للصحيفة وملحقاتها.
قام مردوخ بالانتقال إلى أميركا عام 1973م حيث قام بالسيطرة على صحيفة سان انطوني وإكسبرس ومن ثم أسس صحيفة ستار وسوبرماركت تابلويد. لكن خطوته الكبرى كانت في عام 1976 بالسيطرة على صحيفة نيويورك بوست. عام 1982م أصبح مردوخ مواطنا أميركيا ماسمح له بالاستثمار في محطات التلفزة.
وفي 1978م اشترى في أستراليا صحيفتي الهيرالد والويكلي تايمز. وفي عام 1991م وقعت شركة مردوخ الأسترالية في أزمة مديونية فقام ببيع بعض الجرائد الأميركية التي أسسها منتصف الثمانينيات، وكانت معظم هذه الخسائر سببها الشبكة الفضائية الإعلامية سكاي (sky television) التي سببت الكثير من الخسائر في بدايتها مادفع مردوخ إلى الضغط عبر علاقاته على مؤسسة البث الفضائي البريطانية لقبول الاندماج مع مؤسسته فتمت عملية الاندماج في ظل مؤسسة جديدة سميت BskyB ومنذ ذلك الوقت تسيطر هذه الشركة على التجارة التلفزيونية البريطانية: BriTish pay- tv marke.
بعد هذه الخطوة واستيلائه على شبكة البرامج الأرضية التلفزيونية المدفوعة استطاع احتكار حق بث ونقل مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم الانكليزية وبيع نسبة كبيرة من الإعلانات، فأدى ذلك إلى زيادة عدد المشتركين في الشبكة بنسبة مليون مشاهد، ثم أقدم على خطوة جريئة لجذب أكبر عدد من المشاركين حين ابتكر فكرة توزيع أجهزة التشفير مجانا على المشتركين الجدد، وقفز بعددهم إلى أرقام لم تكن الشركة تحلم بها من قبل، فوصل عدد المشتركين إلى 7ملايين.
يملك الإمبراطور الإعلامي مردوخ عدة صحف محافظة مثل النيويورك بوست الأميركية والتايمز والصن الإنجليزية ويسطير على شبكة فوكس نيوز المتطرفة وينزع مردوخ بحسب شهادته الخاصة إلى اتجاه موال لإسرائيل وداعم لها ومن جهة أخرى معاد لفرنسا ومحارب لنفوذها وهو مايلاحظ في حملات وسائله الإعلامية على فرنسا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.