هو رجل اليوم حين التقاها كانت الحياة تستعد لتمهيد طرق الفرح، منذ أن تلاقت الأعين تحت ظل أشعة الشمس كان القدر يخط بيديه أهازيج فكر جديد يستعد لاستقبال أوان البقاء على ترف أنغام الموسيقى. قرر حينها أن يضع بين يديها قلباً خارت قواه من التنقل بين صفحات ماضٍ يأبى إلا أن يتجدد مع صبيحة كل فجر، ولم ينسَ أن يقول لنفسه في خضم كل ذلك إن أنهار الحزن كانت تعبر إلى الوجود بشكل متجدد، كان مفصل القول والمشاعر التي اندفعت بقوة أن يمنحها اسمه مقابل كل تلك الأحلام التي رآها وهي تتحقق بين عينيها، لم يمسك بتلابيب التردد كثيراً هو أراد صنع القرار إما هي أو اللاحياة. حمل نصب عينيه المثل القائل من حق كل رجل أن يحارب من أجل أنثاه، حتى أن كان الشق الآخر من طرف الحرب هي ذاتها، فأحياناً المرأة لها تلك القدرة على إحياء فضيلة الموت وقتل النفس شريطة أن لا تتنازل عن كبريائها، وكم من ضحية عشق ضُرِّجت دماؤها في سبيل إعلاء قيم النفس، وكم من قطرة ندى سقطت على إسفلت المدينة وهي تحاول حثيثاً التعبير عن فعل الحب. جاء بها إليه بكل تلك العبارات التي ما فتئ يذكرها قبل الآن، اطفأ مباهج الصمت وأغلق كل الأصوات التي تضج بعقله وتقول لا، فقط ذهب إليها ليخبرها أنه اختارها هكذا أنثى مكتملة الوجدان، ولكنه ترك لها خيار التعلق بالخيال أو اللاخيال. كان عليها أن تختار بين حلم بعيد المنال وواقع من الممكن أن يكون قريبا لدرجة التقاطه باليدين. أخبرها أن لا مكان للرفض حين نطلق للمشاعر حرية الاختيار، فحياتنا لا تحتاج لحسابات الدفاتر والأقلام بل هي تحتاج للإحساس شريطة أن يكون مقترناً بالمنطق اللامتناهي للعاطفة، وأن يكون كالماء لا بد منه وكالهواء لا بد أن يتمدد بداخل الرئة حتى تدب الحياة في أنحاء النفس. قال لها ذات مساء: إذا اقترنت بعدد رمال الكون نساء لن يغنيني ذلك عن جوارك، ولو تجولت المراقص من حولي لن تكفيني ابتسامة أنتزعها منك في لحظة حزن، ولو تجمع متاع الدنيا بين يدي امرأة لن يعود عليَّ بالنفع. كان عليها أن تختار بين الصدق أو اللاصدق، كيف لا وهو قد أحب قبل الآن ووهب اسمه ونفسه لأخرى، كانت إجابة السؤال هي التي تحمل عنوان الأعوام التي ستأتي، وهل يعشق الرجل لأكثر من مرة أم هو فقط رجل من ماء؟.