حسبما أوردت وكالة السودان للأنباء (سونا) أمس الأول فقد وافقت جمهورية الصين الشعبية على مقترح السودان بفتح حساب خاص لحكومة السودان باليوان الصيني لدى البنوك الصينية. على أن تدرس جهات الاختصاص بالبلدين آليات تنفيذ المقترح في أقرب وقت ممكن. فما هي مدلولات وانعكاسات هذا المقترح، فيما لو تم تنفيذه، على الاقتصاد السوداني؟ تعتبر الصين أهم شريك تجاري للسودان في الوقت الحالي. وهي تمثل لوحدها حوالي 20% من حجم التبادل التجاري الخارجي للسودان. وبما أن عدداً كبيراً من السلع الصينية ترد للسودان من طرف ثالث أي عن طريق اعادة التصدير من خلال موانئ دولة الامارات العربية المتحدة ودول أخرى فإن حجم التبادل الحقيقي مع الصين قد يتجاوز 50% من مجمل التبادل التجاري السوداني الخارجي. وفقاً للأرقام الرسمية فقد بلغ حجم التبادل التجاري المباشر مع الصين خلال الربع الأول من العام 2014 مبلغ 1.4 مليار دولار. حيث صدرنا للصين مواد نفطية وجلودا وامبازا وسمسما وصمغا وحيوانات حية بحوالي 900 مليون دولار. بينما استوردنا منها آلآت ومعدات وكيماويات ووسائل نقل ومنسوجات ومواد غذائية بمبلغ 400 مليون دولار. في ظاهر الأمر يبدو الميزان التجاري مائل لمصلحة السودان بقيمة 500 مليون دولار، غير أن التبادل التجاري الذي يتم عبر طرف ثالث يقلب الكفة فعلياً لصالح الصين، فعلى سبيل المثال بلغت مستورداتنا من الامارات خلال الربع الأول من العام 2014 241 مليون دولار جلها منسوجات ووسائل نقل وآلات ومعدات وكيماويات مصدرها الأصلي جمهورية الصين. بينما بلغت صادراتنا للامارات خلال نفس الفترة 370 مليون دولار يمثل الذهب حوالي 90% منها. معنى هذا أن جل صادراتنا من الذهب يتم استخدامها لاستيراد سلع صينية المنشأ. الأصل في التبادل التجاري بين الدول أن يتم بعملات قابلة للتحويل اليوان الصيني ليس من بينها. غير أن ظروف الاقتصاد السوداني الحالية، والحصار الاقتصادي الجائر المفروض عليه، تجعله يلجأ لحلول غير تقليدية. قد يكون من ضمن أهداف فتح حساب خاص للحكومة السودانية باليوان الصيني في البنوك الصينية استخدام اليوان في التبادل التجاري مع الصين. أن هذا الاسلوب تكمن فائدته في تخفيف الضغط على سعر الصرف داخلياً وتمكين بنك السودان المركزي من تكوين احتياطات تكفي لاستيراد الاحتياجات الاساسية من القمح والادوية والمواد البترولية. وفي نفس الوقت قد يساعد الاجراء في تحويل التعامل لبلد المنشأ مباشرة، وهي الصين، مما يتيح تنفيذ الاتفاق المتعلق بفحص الواردات من الصين بواسطة السلطات الصينية. والتأكد من مطابقتها للمواصفات المتفق عليها بين البلدين. أما عيوب هذا الاتفاق فتنحصر في تعميق تبعية الاقتصاد السوداني للاقتصاد الصيني. وهو ما قد يكون مضراً باقتصادنا على المدى الطويل. لذا ينصح بأن يطبق لفترة مؤقتة فقط وتحت اشتراطات واضحة تراعي المصلحة العليا للوطن. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته