عضو المكتب السياسي حزب الأمة الترجمة علم أم فن؟ يقيم مجلس الصداقة الشعبية العالمية أمسيات ثقافية من ضمن فعالياته المتنوعة وقد استضاف سعادة السيد/ نزيه عاشور سفير الجمهورية اللبنانية لدى السودان في محاضرة حول موضوع (الترجمة.. علم أم فن؟) كان في موضوع المحاضرة تحديا كبيرا فالترجمة بين اللغات المختلفة ليست عملية سهلة ولا يستطيع أى شخص أن يقوم بهذا العمل حتى وإن كان يجيد اكثر من لغة بل هنالك شروط أخرى عديدة. لقد كان حضور الندوة نوعيا بوجود بعض أصحاب السعادة السفراء العرب وبعض المتخصصين والمهتمين باللغة العربية والادب العربي وموضوع الترجمة بين اللغة العربية وغيرها من اللغات خصوصا الترجمة إلى اللغة العربية. استهل الاستاذ صلاح الازهري الحفل بكلمات رشيقة مرحبا بالحضور الكريم وشكر اهتمامهم بالموضوع الفكري المهم. ثم تحدث الاديب الكبير د. عبد الماجد عبد الباسط نائب الامين العام لمجلس الصداقة الشعبية وقدم نبذة قصيرة عن المجلس، دلف بعدها الى الحديث عن لبنان وعن حضارة لبنان المتأصلة منذ آلاف السنين ثم انتقل في تقديمه لصاحب المحاضرة، ذكر أن سعادة السفير الاستاذ نزيه عاشور تخرج من كلية اللغة العربية بالجامعة اللبنانية ببيروت يجيد اللغات العربية والفرنسية والانجليزية ويتحدث اللغات الاسبانية والايطالية والالمانية والهولندية والفارسية والماليزية. هذا يعنى أنه موسوعة لغات وكلها لغات حية ومنتشرة على مستوى العالم ومن يدري – فان السيد السفير خلال فترة عمله بالسودان فقد يتعلم بعض اللغات المحلية السودانية بل ربما حتى لغة الدينكا مما جعل الجميع يبتسمون ويضحكون لهذه الملاحظة الظريفة. إن محاضرنا سعادة السفير اللبناني نزيه عاشور ليس فقط فقيها في اللغة العربية أو موسوعة لغات حية فهو أيضا شاعر ملهم وله ديوان شعري رائع. بدأ السفير اللبناني نزيه عاشور محاضرته القيمة بالحديث عن لبنان لبنان الجميل والعظيم شعبا ووطنا وعن الدور الذي حاول بل دأب دائما على أن يلعبه. لقد عمل لبنان دائما على أن يكون الجسد القوي والفاعل الذي يربط بين العرب والغرب بل أن لبنان كان دائما الجسد الحي بين الثقافة العربية والثقافات الاوربية المتقدمة والمتنوعة. ظل لبنان يجسد الحياة بين جميع الناس بالرغم من أي اختلافات أو تباين قد يكون بينهم. إن شعب لبنان يتكون من جميع الاديان والطوائف والعقائد والمشارب السياسية والتطلعات والثقافات وليكون نموذجا لديمقراطية حقيقية يستمتع بها جميع ابناء الشعب اللبناني بعدالة وحرية. بالاضافة الى ذلك فإن لبنان كان دائما ملاذا آمنا لكل من أجبرته الظروف أو المشاكل السياسية على أن يترك بلده ويبحث عن بلد آخر يقيم فيه حتى إشعار آخر ولأي سبب كان. حمل لبنان شعلة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وكان السراج الذي ينير الامل دائما وحتى في احلك الاوقات واصعب الظروف لكنه كان احيانا الضحية أو الشمعة التي تحترق لتضيء الآخرين. قال المحاضر الكريم إن الترجمة بين اللغات قد لا تكون دقيقة أو عادلة بل ربما يقع بعض الظلم على إحداها. إحدى الصعوبات التي تواجه كل من يحاول أن يقوم بالترجمة هي التوازن والمواكبة والمحافظة على قدسية الاصالة وحتمية الحداثة. أما ترجمة الشعر فهي الاصعب حيث انها تفقد الوزن الذي يميز الشعر العربي ويعطيه الجمال والفن والرونق والمذاق العذب. لقد ترجم الاديب اللبناني الكبير نبيل البستاني الالياذة إلى اللغة العربية وهى تحوي إحدى عشرة الف مفردة. تميزت اللغة الفرنسية بنشر الحضارة الفرنسية الرائدة في عدة مجالات وكان الفرنسيون سباقين في كتابة دستور متقدم كما أن أول نص لحقوق الانسان كتب باللغة الفرنسية ثم ترجم إلى اللغات الاخرى بدءا باللغة الانجليزية ثم اللغات الاخرى. لقد اثبت الفرنسيون أن اللغة الفرنسية هي من أفضل اللغات واكثرها دقة في كتابة الدساتير كما أن الدستور الفرنسي هو أحد المراجع الرئيسية التي اقتبست منها مبادئ الحرية والعدالة والمساواة وغيرها الكثير وقدم سعادة د. محمد ماء العينين سفير المملكة المغربية مداخلة حول نفس موضوع الترجمة وذكر بعض المعلومات التاريخية المهمة والمفيدة وقد مثلت محاضرة إضافية. لقد استمتع الحضور بالمحاضرة والمداخلات والتعليقات من البعض ومثلث تشجيعا لاساتذة وطلبة الترجمة بالجامعات الذين طالبوا بمزيد منها. يجدر أن نتقدم بالشكر لسعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى السودان الشاعر والاديب الكبير نزيه عاشور كما نثني على الاستاذ أحمد عبد الرحمن محمد الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية وجميع العاملين معه على تلك الامسية الجميلة والمهمة والمفيدة ونرجو أن يتكرر امثالها لما لها من فوائد.