بسم الله الرحمن الرحيم في العام 2011م، كُنْتُ أحد المتقدمين لشغل وظيفة معلم لغة عربية في إحدى المدارس الأجنبية الخاصة.. وفي المعاينة طلبوا مني أن أتحدث عن نفسي باللغة الإنجليزية.. لم يفتح الله عَلَيَّ بجملة واحدة.. قال لي أحد أعضاء لجنة المعاينة: "كيف سَتُدَرِّسُ اللغة العربية للطلاب الأجانب إذا كنت لا تجيد لغتهم؟!".. خَرَجْتُ من المعاينة حزيناً مهموماً.. وقلتُ في نفسي: "لا بُدَّ أن أتعلم اللغة الإنجليزية منذ البداية".. وبالفعل وضعت لنفسي برنامجاً تعليمياً صارماً.. واليوم -وبعد مرور ثلاث سنوات على تلك المعاينة- فإنني تَرْجَمْتُ أكثر من عشرة كتب إلى العربية.. وأكملت ماجستير الترجمة في جامعة الخرطوم.. وصِرْتُ قادراً على تَحَدُّثِ اللغة الإنجليزية بطلاقة.. وخلال هذه السنوات الثلاث قرأت مئات الكتب والمقالات باللغة الإنجليزية.. وشاهدت أكثر من ألف محاضرة باللغة الإنجليزية.. في البداية كُنْتُ أشاهد المحاضرة من أجل أن أتعلم مهارة الاستماع وما لبثت أن صرت أشاهد المحاضرات من أجل مضمونها ونَسِيْتُ أمر اللغة تماماً.. فقد أصبحت مهتماً بالفلسفة وعلم النفس والتنمية البشرية، وصِرْتُ أقرأ أحدث الكتب العالمية في التنمية البشرية.. وأشاهد المحاضرات التي يقدمها أكبر خبراء التنمية البشرية في العالم.. أشاهدها عبر الإنترنت.. وقد شاهدتُ كل محاضرات واين داير، وجون ماكسويل، وترسي براين، ولس براون، وجاك كانفيلد، وزق زقلر، وجيم رون، وجون قراي، وآلان بيز، وتوني روبنز، وستيفن كوفي، ونابوليون هيل، وغيرهم وغيرهم!! لقد صار تعلم اللغة اليوم أسهل وأمتع من أي وقت مضى.. لدينا الإنترنت وما فيه من كتب ومحاضرات باللغة الإنجليزية، ولدينا القنوات الفضائية وما فيها من برامج وأخبار وأفلام باللغة الإنجليزية.. لا يوجد عذر لمن لم يتعلم الإنجليزية.. بل لا يوجد عذر لمن لَمْ يواكب الغرب في علومه الحديثة. يستطيع أي طالب جامعي أن يتقن اللغة الإنجليزية.. وبعد ذلك يجعلها وسيلته للتحصيل والمعرفة.. ويمكن أن يتفوق على أستاذه في الجامعة.. لأنه سيطالع أحدث النظريات والبحوث في مجال تخصصه.. ويستطيع أي طالب يقيم في قرية نائية ويدرس في جامعة مغمورة.. يستطيع ذلك الطالب أن يشاهد محاضرات جامعات: (هارفارد، وماسوشتس، وكمبردج، ولندن، وأكسفورد، وستانفورد، وييل، وشيكاغو، وكالفورنيا، وبرنستون) فهذه هي العشر جامعات الأولى حسب تصنيف التايمز البريطاني العالمي للجامعات QS 2014م.. وكلها جامعات أمريكية وبريطانية.. تعتمد على اللغة الإنجليزية اعتماداً تاماً.. أما جامعة الخرطوم وأخواتها فلم يظهرن في قائمة الألف جامعة الأقوى على مستوى العالم 2014م، وكيف تظهر جامعاتنا إذا كانت لا تعتمد اللغة الإنجليزية في بحوثها وتدريسها؟ فاللغة الإنجليزية -اليوم- هي لغة العلم والمعرفة والتكنلوجيا.. سواء آعترفنا بذلك أم لم نعترف.. أكتب هذا وأنا أنظر حولي إلى وسائل التكنلوجيا التي نستخدمها وما تزال تحتفظ بأسمائها الإنجليزية.. (الكمبيوتر، والإنترنت، والكيبورد، والماوس، والموبايل، والتلفون، والتلفزيون، والراديو، والديجتال، والرسيفر، والكاميرا، والفيسبوك، والواتساب).. فهذا هو واقع اللغة الإنجليزية اليوم. واللغة مثل العملة تماماً.. فنحن نتعامل بالدولار واليورو ونعترف بهما.. ولكن هل يتعامل الآخرون بعملتنا المحلية التي نحبها جداً؟ ونحن أيضاً نُتَرْجِمُ الكتب من الإنجليزية إلى العربية.. ونعتمد على المراجع الإنجليزية في الطب والهندسة والعلوم.. فهل يترجم الآخرون كتبنا؟ وهل يعتمدون عليها؟.. "فاللغة التي لا يترجم منها عملة غير قابلة للصرف" والكلام بين القوسين ليس كلامي أنا.. بل ذلك ما قاله نزيه عاشور سفير لبنانبالخرطوم في محاضرته: (هل الترجمة فن أم علم؟). والآن فإن الخيار متروك لك.. فإذا أردت تعلم اللغة الإنجليزية والإفادة منها.. فإن الطرق التي تؤدي إلى ذلك كثيرة وتحتاج إلى صبر ومثابرة يومية.. وإن كان تَعَلُّمُ الإنجليزية هدفك حقاً.. فستحققه بإذن الله تعالى. في صفحتي على الفيسبوك أتحدث بالتفصيل عن قصتي مع تعلم الإنجليزية. فيصل محمد فضل المولى [email protected]