تدافع خلال الأسبوع الماضي حوالي ثلاث آلاف شاب نحو السفارة القطرية للتقديم لوظائف بدولة قطر، في وقت أعلنت فيه الأخيرة رغبتها في توظيف أربعة أشخاص فقط، ومن هذا يتضح أن الشباب أصبحوا كالغريق الذي يريد أن يتمسك بقشة فما إن يتم الإعلان عن أي وظيفة بالخارج حتى تجدهم يتدافعون بأعداد هائلة كما حدث الأسبوع المنصرم، وهذا كله بسبب العطالة المتزايدة والطلاب الخريجين سنوياً، وعدم وجود فرص عمل مفتوحة لهم وإن وجدت لا يجد الأغلبية حظهم فيها، كل ذلك أسهم في أن يصاب الشباب بالإحباط وأصبح معظمهم يفكرون في الهجرة إلى الخارج بحثاً عن وظائف تؤمن مستقبلهم وتساعد أسرهم، فالهجرة والاغتراب أصبح طموح أي شاب حتى قبل أن يكمل دراسته ويستلم شهادته، فهو يكون قد وضع السفر إلى الخارج أحد أولوياته، وبالتأكيد لا تخلو أسرة من الأسر بالمجتمع ممن تغرب من أحد أبنائها أو كلهم من أجل البحث عن وضع أفضل بالخارج يعنيهم على الظروف الاقتصادية المتأزمة يوماً بعد يوم، فعوضاً أن يستخدم الشباب إمكانياتهم وطاقاتهم بالداخل تستفيد منها الدول الخارجية وتشيد بقدراتهم لأن السودانيين في الخارج يعتبرون من أفضل الكوادر العاملة، لكن للأسف هنا فرص العمل محدودة جداً مما أجبر الكثيرين من حملة الشهادات أن يكون لديهم خياران أحلاهما مر، إما أن يمتهنوا مهناً هامشية حتى يستطيعوا أن يصرفوا على أنفسهم أو أن يتغربوا عن وطنهم وأهلهم لسنوات وسنوات. وعلى الرغم من مشاريع الشباب أو التمويل الأصغر التي نفذت قبل فترة كحلول لمعالجة مسألة العطالة إلا أنها لم تجدِ نفعاً في حد هجرة الشباب أو توظيفهم، لأن الخريجين في تزايد مستمر دون توظيف، وتظل هجرة الشباب مستمرة ومتزايدة ما لم يجد العاطلون عن العمل وظائف ترضي طموحهم ورغباتهم وتؤمن مستقبلهم، وكما يقول مقطع اغنية (عطبرة) التي تتغنى بها مجموعة عقد الجلاد: (الهجرة من زمن قديم زي ساقية فينا مدورة)، و(ولدا متين بقى للسفر والاغتراب والدردرة)، فيجب أن تنظر الجهات المسؤولة إلى هذا الأمر بعين الاعتبار وأن توقف تدفق الشباب إلى الخارج وتتم الاستفادة من خبراتهم داخليا بفتح فرص عمل دون محسوبيات أو وساطات