مواقع التواصل الاجتماعي واتساب وتويتر وفيس بوك ضجت في اليومين الماضيين بخبرين اتضح لاحقاً أنهما لا يمتان للحقيقة بصلة على الإطلاق. الخبر الأول، وقد جاء مترافقاً بصور هياكل عظمية حيوانية ضخمة، كان يقول بضبط الشرطة لمصنع عشوائي يقوم بذبح الحمير ويصنع لحومها سجق وبيرقر وكفتة. والخبر الثاني، وكان مترافقاً أيضاً بصور وفيديو لطفل يصرخ، ورد فيه أن الطفل ضائع وأنه موجود بشرطة الصافية وعلى ذويه الحضور لاستلامه. بدون وعي أو تريث قام الآلاف من مستخدمي هذه المواقع بنسخ الخبرين الزائفين وإعادة تداولهما على نطاق واسع جداًً فتحولا لدى الكثيرين لحقائق مفروغ منها. وموضع للوم الحكومة والسلطات على التقصير. والحقيقة أنه لم يضبط لحم حمير ولا يحزنون. ولا يوجد طفل ضائع في الصافية (حقتنا) إذ المقصود (الصافية) منطقة في صنعاء باليمن! العجيب في الأمر أن الخلل في الخبرين كان واضحاً جداً من الوهلة الأولى. حيث لا يوجد عاقل يقوم بشراء حمير ويذبحها ويصنعها سجقاً لسبب بسيط جداً هو أن ثمن الحمار أعلى من ثمن العجل أو الثور في السوق السوداني. أما إن كان الحديث حول حمير نافقة فلا أعتقد أن هناك كميات تجارية من الحمير النافقة تبرر قيام مصنع للحومها. لقد اتضح أن الأمر يتعلق بلحوم مصنعة في أحد مصانع تصنيع وتعبئة اللحوم، وقد قرر هذا المصنع إبادتها للاشتباه في فسادها. وكلف أحد عماله بالإبادة. ولكن العامل بدلاًً عن إبادتها نقلها لمنزل في نواحي الكلاكلة، وشرع في إعادة تعبئتها ليقوم ببيعها للمطاعم والبقالات. لقد ساعدت الأخبار السابقة حول ضبط متهم بنواحي سوبا، وهو يقوم بتقطيع حمار نافق، في الترويج للخبر المضروب حول مصنع لحوم الحمير. أما الخبر الثاني الخاص بالطفل المفقود فقد كان واضحاً جداً من هيئة الطفل أنه غير سوداني. ولكن تمكن العاطفة منا كسودانيين جعلنا نسارع للنشر. باعتبار أن هذا عمل خير. اتضح كما أسلفت أن الطفل يمني وأن الصافية منطقة بصنعاء باليمن. الدروس المستفادة من الحدثين متعددة. من ذلك أن نحرص على عدم تداول أي خبر أو معلومة قبل التأكد منها. إن تداول المعلومات والأخبار غير الصحيحة له آثار مدمرة على استقرار الأسر إذا كان الأمر متعلقاً بخبر غير صحيح حول وفاة أحد أفراد هذه الأسرة مثلاً. وقد حدث هذا مؤخراً لأسرة السر أحمد قدور أطال الله عمره. وهناك آثار اقتصادية مدمرة إذا كانت المعلومة غير الصحيحة متعلقة بوجود فساد أو مرض أو خلل في منتج غذائي أو صناعي. وتوجد آثار أمنية مدمرة إذا تم تداول معلومات أو شائعات حول عمليات نهب أو سرقات في وضح النهار. أعرف أسرة محترمة عائلها مغترب وتقوم على الأسرة في غيابه زوجته. فعندما انتشرت الأخبار المضخمة حول عصابات النيقرز التي تهاجم الناس منعت هذه المرأة الطيبة بناتها من الذهاب للجامعات والمدارس. وبذلنا في لجنة الحي جهوداً جبارة لإقناعها أن الأمن مستقر وأن الأوضاع هادئة. أخشى ما أخشاه الآن أن تؤثر المعلومات الخاطئة حول لحوم الحمير على استهلاك المواطنين من اللحوم عموماً، ومن اللحوم المصنعة على و جه الخصوص. إنني أؤكد، من خلال معلوماتي ومتابعاتي الرسمية والخاصة، أن المصانع القائمة في السودان على تصنيع اللحوم والتي تباع في الأسواق تحت علامات تجارية معلومة في شكل بيرقر أو كفتة أو سجوق أو لحمة مفرومة أو مارتديلا، أؤكد أنها مصنعة بأعلى معايير الجودة وخاضعة لرقابة ذاتية من المصانع ولرقابة حكومية من الجهات الرسمية. ولا يوجد سبب مطلقاً للتخوف من تناولها. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته