أزعم أن هذه العبارة التي تتصدر هذا العمود هي الأكثر تداولاً في إعلانات الفضائيات السودانية، وأي حاجة من العربية إلى البيوت إلى (كريمات وأعشاب قدر ظروفك)، في متناول الجميع ولا أدري من هو هذا العبقري الذي يصر على ختام معظم الإعلانات بأن (الأسعار في متناول الجميع). وبالرجوع إلى (عمك قوقل)، تستخدم هذه العبارة بكثرة في الدول ذات الدخل الاقتصادي العالي، وكثيراً ما تستخدمها الشركات في منتجاتها التي فعلاً أسعارها (في متناول الجميع)، لكن نحن (ناس قريعتي راحت ديل)، (ياتو حاجة في متناول يد الجميع)، كل الشعب السوداني منذ الصباح الباكر وحتي وقت متأخر من الليل (يكابس) في توفير (اللقمة)، وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة ودي ذاتها (خشم بيوت)، لو نجحت و(جازفت حق الفطور لأولادك للمدرسة ووفرت وجبتين)، تنام قرير العين، زمان كان (راجل) واحد بمسك ثلاثة بيوت، ويوفر لها كل المستلزمات دون (قومة نفس)، والآن أكثر من أربعة أشخاص يفشلون بامتياز في تغطية منصرفات منزل واحد. ناس الفضائيات وشركات الإعلانات (يخلو اللفحي)، وحكاية أسعار في متناول الجميع دي ما يقولها للناس هنا، لأنها بصراحة عبارة مستفزة لمشاعرهم، دي يمكن تقال في دول العالم الأول وفي بعض دول الخليج البترولية، والغريبة أنه الخليج لا زراعة لا مياه عذبة أي حاجة بيتم استيرادها ومع ذلك لا توجد مشكلة في (المعيشة الغلبت الناس هنا). في رمضان الماضي سلمت الحكومة القطرية كافة مواطنيها منحة للشهر الفضيل (غير مستردة طبعاً)، والله منحة (الهنا والسرور)، حيث تم تسليم مليون ريال للرجل ومليوني ريال للمرأة، (آي مليون عديل كدا)، وبينما أنا أطالع هذه المنحة في شاشة التلفزيون، تم هنا في السودان منح العاملين بالدولة مرتب شهرين من فروقات الأجور للعام 2013، (يعني سددوا للعاملين جزء من دينهم على الدولة)، وكمان تم توفير (الحقيبة الرمضانية) بالأقساط للعاملين بالدولة ويتم تسديدها في ستة أشهر، (قدر إمكاناتنا كمان) دا كلو كوم والزراعة كوم تاني، يعني ما معقولة عندما يكون الإنتاج وفيراً مشكلة وعندما يفشل الموسم الزراعي برضو مشكلة، مثلاً الآن المزارعون بولاية القضارف حققوا إنتاجاً وفيراً من السمسم، لكن الأسعار التي منحت لهم لا تغطي تكلفة الإنتاج، وهذا يعني هروبهم في العام القادم من الزراعة، وقد يدخل بعضهم في دائرة الإعسار، كذلك حقق البصل في الموسم الماضي إنتاجاً وفيراً، حتى ترك المزارعون بعضه في المزارع دون حصاده لأن تكلفة حصاده أعلى من قيمته في السوق، ووصل في ذلك الوقت ربع البصل (5) جنيهات فقط، الآن ربع البصل بلغ (40) جنيهاً، لعدم الاستفادة من الإنتاج الوفير وتخزينه بالطرق السليمة، وقد يلقى السمسم ذات المصير هذا الموسم، وفي حالة البصل والسمسم دي ممكن يجي الإعلان وبقلب قوي يقول جوال البصل والسمسم بأسعار في متناول الجميع، لكن أرجو أن تكون شركات الإعلانات (عقلانية) وتترك التقليد الأعمى يعني ما ممكن تكون عارضة شقق بقيمة (800) ألف جنيه وتقول في متناول الجميع، ممكن تغير العبارة إلى (من استطاع إلى ذلك سبيلاً)، أو (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).