د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته صُعقت وأنا أطالع بصحيفتنا السوداني الغراء أمس، وبالصفحة الأولى، عنواناً يقول (لجنة برلمانية تدفع بتعديل لتقييد حصانة منسوبي الشرطة). وفي ثنايا الخبر أن لجنة مراجعة وضع المرأة في التشريعات، بمركز المرأة لحقوق الإنسان، قد دفعت بتعديلات في القانون الجنائي للعام 1991 تتعلق بتقييد الحصانة الممنوحة لمنسوبي الشرطة لضمان تحقيق المحاسبة، وإزالة التعقيدات التي تعطل الإجراءات، حال ارتكابهم جرائم اغتصاب. الحمد لله، بعد التمعن في الخبر، وجدت أن اللجنة التي دفعت بهذا المقترح الشائه ليست لجنة برلمانية. فليس في المجلس الوطني (البرلمان) لجنة تسمى بلجنة مراجعة وضع المرأة في التشريعات. وليس من ضمن تكوين المجلس الوطني ما يسمى بمركز المرأة لحقوق الإنسان. أغلب الظن أن منظمة غير رسمية NGO قد عقدت ورشة ما بالبرلمان فخرج هذا الخبر المربك والمرتبك. على المجلس الوطني قيادة ولجاناً وأعضاء رفض هذا التعديل المقترح جملة وتفصيلاً لأنه يؤدي لعكس المطلوب منه تماماً. إن أي تقييد لحصانة منسوبي الشرطة سيؤدي لزيادة حالات الاغتصاب. وليس للتقليل منها. ذلك لأن الشرطة هي المسؤولة عن أمان المرأة والأسرة والطفل وكل الناس. وهي تحتاج للحصانة للعمل بثقة وحسم في مواجهة المجرمين والمعتدين على شرف النساء أو أمانهن الشخصي. إن أي امرأة تُهاجم في الطريق العام أو تُختطف بوسيلة نقل أول ما تصرخ به (يا بوليس) طلباً للنجدة والحماية. وإذا ما هاجم لص ما أو عصابة منزلاً ليلاً يستنجد الناس بالرقم 999 (بوليس النجدة). وإذا ما التهب حريق، أو سقط طفل في بئر السايفون، فالمنقذ هو البوليس. وفي كل هذه الحالات يحتاج الرجال الذين يقومون بهذه المهام الشاقة، التي قد تكلفهم أرواحهم، يحتاجون للمساندة والحماية. خلال الأسبوع الماضي استشهد شرطيان في عملية للقبض على أحد معتادي الإجرام ممن روعوا سكان جنوبالخرطوم. دارت معركة شرسة مع المجرم بالمنطقة الصناعية سوبا. ونجحت الشرطة في النهاية في إلقاء القبض عليه. يجري ذلك ونحن في مساكننا قابعون آمنون مطمئنون. نشاهد التلفاز أو (نوتسب) عبر الهواتف الذكية ونتناقل الخبر. أقل ما يمكننا فعله أن نرفع القبعات وأن نترحم على الشهداء وأن نحي ونشكر المجموعة التي دخلت المعركة. أخطأت المنظمة المذكورة (مركز المرأة لحقوق الإنسان) وهي تحاول دون علم ولا خبرة معالجة مسألة دقيقة وهي (ماذا إذا ارتكب رجل شرطة جريمة اغتصاب؟) وهو سؤال مشروع لأن رجال الشرطة بشر فيهم الصالح وفيهم الطالح كأي مجموعة بشرية. وتكون الإجابة هنا أنه في اللحظة التي يرتكب فيها الشخص المعني جريمة الاغتصاب فإنه لم يعد شرطياً.. إنه متهم يعامل معاملة المتهمين. وتقوم بالإجراءات في مواجهته الشرطة نفسها، ولا مبرر هنا للحديث حول الحصانة، لأن جريمة الاغتصاب من الجرائم التي يجوز فيها للشرطة، ولأي شخص، القبض على من يقوم بها دون أمر من النيابة أو القضاء، فلا تنشأ مسألة الحصانة أصلاً. إن مواجهة عدم الفهم أو التقدير لمهام الشرطة وواجباتها يحتاج لعمل توعوي يتغلغل داخل المجتمع بوسائله نفسها، وخير من يقوم بهذا منظمات طوعية تقوم بهذه المهمة. لقد تنادى نفر من متقاعدي الشرطة والقضاة ووكلاء النيابة السابقين ومحامين أجلاء لتكوين (منظمة السرب الآمن). وهي منظمة طوعية تستهدف حسب نظامها الأساسي نشر الثقافة الشرطية والجنائية والأمنية، والتأثير على الرأي العام لدفع الناس لمشاركة الشرطة والأجهزة الأمنية والعدلية في أدوار الضبط والوقاية من الجريمة، ورفع الحس الأمني للأفراد، وتوعية المواطنين بالتدابير الذاتية التي يمكنهم استخدامها للوقاية من الجريمة، ونشر الحقائق عن الجريمة والمجرمين، ورصد الظواهر الإجرامية والسالبة واقتراح المعالجات لها، والتنسيق والتعاون مع الأجهزة الرسمية الداخلية ومع المنظمات النظيرة إقليمياً ودولياً.. إنها منظمة جديرة بأن تدعم وتؤازر من الجميع. والله الموفق