د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي قال رئيس الجمهورية، في معرض تعليقه على مقترحات موازنة الحكومة للعام 2015، إن دعم السلع وتحريرها غفلة ما بعدها غفلة. وأضاف، أن السودان يمول عبر التهريب عدة دول بالإقليم بالمواد البترولية والدقيق. ولفت لأهمية تقييد بيع وحركة السلع المدعومة، دون خلق أزمة أو سوق أسود. أصاب رئيس الجمهورية بحديثه هذا عين الحقيقة، حيث تُضبط يومياً عشرات الشاحنات في المناطق الحدودية مع دول الجوار وهي تحمل الدقيق والمواد البترولية وأسطوانات الغاز، لأن أسعار هذه السلع بدول الجوار أضعاف ما هي عليه بالسودان، ذلك لأنها تباع في السودان بسعر مدعوم من قبل الميزانية العامة. أشار رئيس الجمهورية أيضاً لاستحالة ضبط الحدود لمنع التهريب لأنها طويلة ومفتوحة بدون عقبات طبيعية. إن استحالة ضبط الحدود، لمنع التهريب، أو لمنع تسلل البشر، مشكلة تعاني منها حتى الولاياتالمتحدة أقوى دولة عسكرية في العالم، حيث عجزت عن ضبط حدودها مع المكسيك برغم استخدام أحدث التقنيات والطائرات. إن أنجع وسيلة لمكافحة التهريب هي جعل السلع المهربة غير مغرية، ولا تحقق فائدة تذكر للمهرب. وفي حالة المواد البترولية والدقيق عندنا فإن الحل هو بتحرير سعر هاتين السلعتين. أي طرحهما دون سعر مدعوم. فيصبح سعر المواد البترولية والدقيق عندنا هو نفس سعرها في دول الجوار. فيتوقف التهريب فوراً دون حاجة لمطاردة أو إطلاق طلقة واحدة. غير أنه من الواضح أن استمرار الدعم لهاتين السلعتين تقتضيه ظروف سياسية، حيث تشعر الحكومة أنها على أبواب سنة انتخابية، وإن أي حديث عن رفع الدعم سيخصم من رصيدها السياسي، وفي بالها أحداث سبتمبر الماضي. وهذه بتقديري غفلة أخرى، لأن استمرار الدعم بصورته الحالية يعني مزيداً من الفقر، ومزيداً من الركود الاقتصادي، بما يعني تفاقماً أكيداً لمشكلة البطالة، وبالتالي إضافة عدة مئات من الشباب لأعداد الناقمين والمستعدين للاحتجاجات والشغب. الحل فيما أشار إليه السيد الرئيس في نفس الجلسة وهو (التقييد والتحكم في السلع المدعومة) دون خلق أزمة أو سوق أسود. فهل هذا ممكن؟ نعم إنه ممكن وبوسيلة في غاية البساطة والفعالية، وقد جربت في دول لها مثل ظروفنا، إنها (البطاقة التموينية الإلكترونية). الفكرة ببساطة هي أن نحرر جميع السلع تحريرًا تاماً، وأن نفتح باب الاستيراد لمن يشاء على أن يبيع بتكلفته الحقيقية، وفي نفس الوقت نزود المواطنين السودانيين المستحقين للدعم ببطاقات إلكترونية تتيح لهم الحصول على نفس السلع بسعر مدعوم تتولى دفعه وزارة المالية. والفرق بين البطاقة التموينية التقليدية والبطاقة التموينية الإلكترونية أن الأولى يسهل التلاعب فيها، ومنح امتيازها لنفس الفرد أكثر من مرة، وتقييد منافذ التعامل بها من خلال منافذ محددة، فينفتح بهذه القيود باباً لا يسد للفساد والسوق الأسود. أما البطاقة الإلكترونية فإنها تستند للرقم الوطني. فلا يمكن للشخص استخراج أكثر من بطاقة. ويمكن شراء السلع بها من أي منفذ، مع استحالة الشراء فوق الحصة من أي منفذ آخر لأن كل البطاقات تدار من خلال نظام واحد. إنها مثل الاسكراتش الذي تشتريه فتكشط وتُدخل الرقم فينزل لك الرصيد. هل تستطيع إدخال نفس الرقم والحصول على رصيد آخر؟ مستحيل. هكذا تعمل البطاقة التموينية الإلكترونية. نُفذت البطاقة التموينية الإلكترونية في الأردن ومصر وكانت النتائج باهرة. تنفيذ البطاقة التموينية الإلكترونية في السودان سيوفر على المالية العامة ملياري دولار يمكن استغلالها في دعم وتوسيع الإنتاج. وتشغيل مئات الآلاف من المتبطلين. أقدِم أخي وزير المالية ولا تتردد. والله الموفق.