يبدو أن القنوات السودانية بدأت رحلة الهجرة الى القمر الصناعي عرب سات بعد أن كانت تبث برامجها عبر "نايل سات" فقد هرولت قناة هارموني التي يديرها معتصم الجعيلي قبل شهر رمضان الماضي وفي الأيام القليلة الماضية سلمت قناة قون الرياضية مفاتيح بثها الى عرب سات وفي الطريق قنوات أخرى عديدة. أسباب الهجرة الى عرب سات اقتصادية في المقام الأول، وهنالك أسباب أخرى فنية، إضافة لبعض الأسباب التي تجمع بين الاثنين وقد أملتها بعض الضرورات، وتتمثل الأسباب الاقتصادية في الفرق الشاسع بين تكلفة البث عبر نايل سات وعرب سات، حيث تصل في الحالة الأولى الى 480 ألف دولار في العام، بينما تصل تكلفة البث عبر القمر الصناعي عرب سات الى280 ألف دولار. إمكانية تشويش القنوات التي تبث عبر نايل سات أكبر من تلك التي تبث من خلال عرب سات، وهذه معلومة فنية أرجو تصحيحها من الخبراء إذا لم تكن كذلك، وتحتاج القنوات التي ترفع برامجها عبر نايل سات الى وسيط، بخلاف التعامل مع عرب سات حيث استحدثت "منصة" في السودان لإطلاق البرامج مباشرة على هذا القمر. وفي هذا تقليل للتكلفة وتقليل للمشاكل الفنية، ويمكن أن تحتفظ القناة بترددها عبر نايل سات بعد رفعها عبر عرب سات وهذه عملية فنية معروفة للخبراء في هذا المجال، لذلك نجد الكثير من القنوات تبث عبر القمرين لكن بترددين مختلفين، بطبيعة الحال. الجديد في الأمر والذي يشجع القنوات السودانية على الدخول في مجال عرب سات هو الفترة الزمنية المجانية وهي فترة بث تجريبي تمتد الى ستة أشهر، بعدها يبدأ التعامل "بالفلوس" وهذه بالطبع فرصة من السماء للعديد من القنوات التي أرهقها الدفع المتواصل في كافة الاتجاهات "الإنتاج البرامجي وتكلفة البث". كما أن هذه الفترة الزمنية ضرورية حتى يتعود السودانيون على استقبال البث عبر عرب سات لأن البعض يعتقد صعوبة ذلك الأمر وهو من السهولة بمكان، حيث لا يتطلب سوى تغيير اتجاه الطبق، كما أن معظم القنوات التي تشاهد عبر نايل سات موجودة في عرب سات وربما يتم افتقاد بعض القنوات المصرية. ولن يكون أمام المشاهدين سوى أن يشدوا الرحال الى القمر الصناعي عرب سات إذا ضم العديد من القنوات السودانية، وبعد انتقال هارموني وقناة قون تشير التنبؤات الى انتقال قناة النيل الأزرق، ولكن لن يتم ذلك قبل ستة أشهر أو أكثر من ذلك، وفي تقديري الخاص أن انتقال قناة قون هو الأمر الحاسم في اتخاذ الكثيرين لقرار الانتقال الى عرب سات، خاصة وأن القناة حصلت على "حصرية "نقل الدوري الممتاز للعام الثاني على التوالي. ومهما يكن من أمر، فإن الرهان لن يكون على نوع القمر الذي تبث من خلاله القناة، بقدر ما يكون على نوعية البرامج التي تجتهد في إنتاجها أية قناة تلفزيونية، ويعتمد جذب المشاهدين على احترامهم والتزام الجوانب المهنية ويمكن أن يهجر الناس أية قناة لا تلتزم بذلك حتى لو كانت تبث برامجها عبر"قمر14"!