:: أحدهم، من ذوي الخيال الواسع، طالبوه بأن يُشارك في اليوم العالمي للطفل، ف(بال في المرتبة)، كأفضل تعبير - بيان بالعمل - للمشاركة، أو كما حدَّثه خياله.. وفي ندوة ذات علمية ومهنية عالية، نظمتها الشركة السودانية للمناطق والأسواق الحرة في إطار فعاليات معرض الخرطوم الدولي بأرض المعارض ببري، شاركت وزارة التجارة الخارجية في الندوة، ولكن بطريقة ذاك الذي شارك في اليوم العالمي للطفل.. أوراق الندوة تحدثت عن السياسات النقدية والمالية وأثرها على الاقتصاد الوطني، وكذلك عن فرص الاستثمار في الزراعة والثروة الحيوانية، ثم عن تنمية الصادرات غير البترولية.. وهكذا.. قضايا عميقة، وحلول كلية تتكئ على العلم والمعرفة، وقدمها خبراء وأساتذة جامعات!! :: أما طيبة الذكر، وزارة التجارة الخارجية، فلم يجد وزيرها ما يشارك به في هذا المحفل العلمي والمهني غير أن يخاطب الندوة قائلاً بالنص: (يجب وضع ديباجات تحدد قيمة السلع الموجودة بالأسواق بجانب الرقابة لكل ما يعرض في الأسواق من أجل مبدأ الشفافية)، أو هذا ما يؤرِّق خاطر وزارة التجارة.. لم يتحدث، كما الآخرين، عن نواقص الحكومة وعجزها عن وضع سياسات تساهم في استقرار الأسواق وأسعارها، ولم يتحدث عن عجز الحكومة وسياساتها في جذب المستثمرين، بل اكتفى بمخاطبة التجار بأن يضعوا ديباجة الأسعار على السلع، وكأنه يريد أن يقول بأن عدم وضع تلك الديباجة على السلع هو (أزمة البلد)!! :: ولعلم وزارة التجارة الخارجية، إن كانت هي لا تعلم؛ فإن الدول التي باعتها وتجارها يلتزمون بوضع ديباجة الأسعار على السلع هي الدول التي يتميز اقتصادها بالاستقرار.. ولكن هنا، في بلاد تعمل سياستها الاقتصادية بنظرية (رزق اليوم باليوم)، أسعار الدولار تتماوج ارتفاعاً وانخفاضاً على مدار الساعة كأمواج البحر، فأي الأسعار يُدبجها التجار في السلع؟.. سعر الدولار في السوق الموازي - الذي يعتمد عليه المورِّد والمصنِّع - يكون مع أول الفجر (8.5 جنيه)، ومنتصف النهار (8.7 جنيه)، وعند المغيرب (9.1 جنيه)، وهذا يعني أن الشركة بحاجة إلى وضع ثلاث ديباجات - أو أكثر - على كل سلعة.. وعليه، كان على وزارة التجارة أن تطالب حكومتها بوضع ديباجة ثابتة على الدولار، وبعدها يطالب التجار بذات الديباجة، ولا يستقيم الظل والعود أعوج..!! :: المهم.. لو كانت وزارة التجارة الخارجية تعرف أن لكل مقام مقالاً، وتدرك قيمة هذه الندوة وما طرحتها من قضايا كبرى وحلول علمية، لذهبت إليها بورقة فحواها: (أسباب عدم انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية)، أو هكذا أم القضايا المنوط بحلها وزارة التجارة الخارجية، ولكنها لا عاجزة عن حلها، وكذلك عاجزة عن طرحها كقضية.. منذ نوفمبر 1994، وإلى عامنا هذا، يقدم السودان طلباً تلو آخر للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ولكن لا يجد طلبه القبول.. لماذا؟.. ليست هناك أي مؤامرة إسرائيلية أو أمريكية تمنع السودان الاستفادة من مزايا التجارة العالمية، أو كما يبررون لبعض حالات العجز والفشل.. كل ما في الأمر أن المسماة هنا – مجازاً - بالسياسة الاقتصادية هي التي تحول دون انضمام بلادنا إلى المنظمة العالمية، و- فعلاً - هي سياسة لو دخلت بحالها هذا إلى تلك المنظمة ل(جهجهت باكات دولها)!!