هل تصبح "دارفور" الجنة الموعودة للحركات المتشددة؟ تقرير: خالد أحمد هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أرض بمساحة فرنسا تنتشر فيها عشرات الحركات المسلحة، بجانب حدود مفتوحة مع دولة تشادوأفريقيا الوسطى وليبيا، والسلاح هناك يباع في بعض الأسواق بجوار الطماطم؛ كل هذا جعل خبراء الأممالمتحدة يدقون جرس الإنذار بأن الأراضي النائية في إقليم دارفور "قد تصبح" مرتعا للمتطرفين المتشددين والحركات التي تنشط في غرب أفريقيا. وكلمة "قد تصبح" تفتح باب الأسئلة والتحليل لما ستحمله رياح لإقليم دارفور في مقبل الأيام، خاصة أن دول الجوار كلها تشهد اضطرابات عنيقة وتمدداً للجماعات الإسلامية المتشددة التي تسعى لإقامة دولة إسلامية، ومنطقة مثل دارفور تمثل المثال لدخول هذه الحركات خاصة في مالي وليبيا ونيجيريا التي تقود مقاومة عنيفة ضد جماعة بوكو حرام التي تقدمت عسكريا واستولت على مناطق حدودية بالقرب من تشاد، وهذا ما أقلق المجتمع الدولي الذي يراقب ما يحدث في سورياوالعراق وليبيا، لكن هناك مؤشرات لإمكانية تسلل هذه الجماعات للإقليم، ولكن في المقابل توجد عوامل تستبعد هذه الفرضية ترتبط بظروف الحرب والمكون المحلي في الإقليم. الأممالمتحدة.. عندما تدقُّ ناقوس الخطر إذا صدر تحذير من خبراء الأممالمتحدة يقول إن الأراضي النائية في غرب السودان قد تصبح مرتعا للمتطرفين المتشددين مع احتدام العنف في إقليم دارفور؛ فيجب أن ترفع الخرطوم الضوء الأحمر وتتعامل مع هذا الأمر بشكل جدي. وقال الخبراء إن المناخ الأمني عبر ليبيا والساحل والشرق الأوسط تدهور بسبب "قلاقل الراديكاليين" وأثاروا مخاوف بشأن الوضع في دارفور. وقالوا إن "اللجنة تجد أن دارفور يمكن أن تكون أرضا خصبة محتملة لتسلل الراديكاليين بسبب حدودها المليئة بالثغرات والتضامن العائلي عبر الحدود بين القبائل السودانية و(أبناء عمومتهم) الأفارقة المنحدرين من من جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وماليوالنيجر". وأضافوا أنهم لم يستطيعوا بعد تحديد حجم هذا التهديد. وأثار التقرير أيضا مخاوف بشأن تداعيات الحرب الأهلية في جنوب السودان الذي انفصل عن السودان في 2011م. ===== السودان.. تشاد.. بوكو حرام ضمن الأجندة دولة تشاد التي تعد الدولة المحورية في إقليم دارفور ودول غرب أفريقيا اشتعرت الخطر الذي تشكله جماعة بوكو حرام المتشددة في نيجيريا التي تستعد للسيطرة على مناطق متاخمة لتشاد مما دعا ديبّي لتشكيل قوة لقتال هذه الجماعة. وقبل انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، جاء ديبّي للخرطوم حيث ناقش مع الخرطوم عددا من القضايا من ضمنها الحملة التي يرتبها ديبي ضد مقاتلي حركة بوكو حرام وهو بالتأكيد يريد تأييدا سياسيا من الدول الأفريقية خاصة في الاتحاد الأفريقي وهذا ما لقي قبول الأفارقة بتشكيل قوة لمحاربة هذه الجماعة. وشملت المباحثات عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك من بينها الأوضاع في دول الجوار، ومنها ليبيا وأفريقيا الوسطى. كل هذا القلق الأفريقي قد تكون الخرطوم بدأت تشعر به ولكن هنالك على الأرض ما تزال المعارك تدور ومساحات واسعة يمكن لأي جماعة أن تتسلل إليها وتحولها لمنطقة ارتكاز خاصة أن محاربة هذه الجماعات في أرضها قد تجعلها تهرب لأرض يمكن أن تستعيد فيها أنفاسها لمعارك قادمة. ويشير المحلل السياسي إدريس مختار إلى أن التنسيق الأمني مع تشاد مهمٌّ في الفترة المقبلة للمساعدة في عمليات الرصد والتتبع لمنع تسلل أي حركات متشددة، وأضاف خلال حديث ل(السوداني) أن القوات المشتركة بين البلدين أثبتت فاعلية في ضبط الحدود لكن الخطر قد يأتي من ليبيا التي أصبحت مناطقها بالقرب من الحدود السودانية تحت سيطرة جماعات متشددة قد تكون دارفور ملاذا آمنا لها إذا اشتد حصارها في ليبيا، ولكن هذا لن يتم قريبا نسبة لقوتها النسبية إلى الآن. ===== بحيرة تشاد.. دولة خلافة أخرى إذا كان زعيم الدولة الإسلامية في العراقوسوريا أبو بكر البغدادي قد تلقى بيعة من زعيم جماعة بوكو حرام بجانب أنصار الشريعة في ليبيا ومصر وعدد من مشايخ التيار السلفي بالسودان؛ فإن الإطار الفكري لإقامة دولة مثل ما يحدث في سورياوالعراق وارد. الخطر عند البعض قد بدأ في نيجيريا والمناطق المتاخمة لتشاد القريبة من السودان، ولديها حدود مفتوحة مع دارفور، بجانب امتدادات قبلية، حيث قال الخبير بالأممالمتحدة آلان نكويوك: "إذا لم يفعل العالم شيئا الآن، سيصبح حوض بحيرة تشاد بعد وقت قصير دولة بوكو حرام؛ نحن على وشك كارثة إنسانية أخرى، بعد كارثة جفاف البحيرة، وهو الوضع الذي قلّما يجذب اهتماما كافيا من قبل العالم أجمع، من هيئات دولية وإقليمية وإقليمية فرعية، لأن التقدم الذي تحققه بوكو حرام على الأرض، والفوضى المتعاظمة في ليبيا، مستمران في تغذية الإرهاب في هذه المنطقة". ويمتد الحوض على مساحة 967 ألف كيلومتر مربع (باستثناء ليبيا)، ويشمل ثلاث مناطق في الكاميرون، ومنطقتين في النيجر، وست (دول فيدرالية) في نيجيريا، وثلاث مناطق في جمهورية أفريقيا الوسطى ومجموع أراضي تشاد. ويقدر عدد سكان الحوض ب 30 مليون نسمة. وينحدر سكان حوض بحيرة تشاد من مجموعات عرقية وقبلية مختلفة، وهم صيادون ومربّو ماشية ومزارعون أو تجار. هذا التحرك دفع تشاد لإرسال 4 آلاف مقاتل للهجوم على جماعة بوكو حرام وهو جرس إنذار مقدم من تشاد إلا أنه لم يتم ضبط وحسم هذه الحركة التي قد تشجع حركات أخرى ومجموعات للتحرك في منطقة مليئة بالسلاح والمناخ الجاذب. فيما يقول المحلل السياسي والخبير في قضايا دارفور عبدالله آدم خاطر إن دارفور قد أخذت نصيبها في ثمانينيات القرن الماضي من التطرف حيث اتجهت إليها مجموعات من غرب أفريقيا وساهمت لاحقا في الفوضى والنزاع المسلح في الإقليم. وحول التحذيرات الأممية من تحوّل دارفور لملاذ آمن للجماعات الإرهابية يقول خاطر ل(السوداني) إن الاهتمام الدولي الكبير بدارفور، بجانب أن أهل دارفور بسبب الحرب الطويلة أصبحت لديهم معرفة وتقدير للمخاطر وحتى المجموعات القبلية التي أدخلت في السابق مجموعات قبلية اليوم تتبرأ منها، وإذا دخلت أي قوات تتبع للحركات المتشددة ستجد المقاومة من السكان المحليين، وأضاف: "أشك في أن المستقبل سيحوِّل دارفور لملاذ آمن للإرهاب"، وأضاف أنه حتى الحركات المسلحة تتفهم خطورة هذه الحركات ولا تريد أن توفر لها غطاء. =========== مقاتلو مالي.. روايات الدخول أحاديث تناقلتها المواقع بأن مقاتلين من مالي قد تسللوا في فترة سابقة إبان الحملة العسكرية التي قادتها مالي بالإضافة للجيش الفرنسي وتشاد لمحاربة المتشددين الذين استولوا على مناطق واسعة منها ولكن تحت الضغط العسكري تم إخراجهم واتهمت بعدها بعض الحركات الحكومة بالسماح لهؤلاء المقاتلين بالدخول لإقليم دارفور إلا أن الناطق باسم الجيش العقيد الصوارمي نفى في حديث سابق مثل هذه الروايات، وقال إنه لا يوجد مقاتلون إسلاميون فروا من مالي ودخلوا دارفور. قد يدعم رأي الصوارمي تحليل المحلل عبدالله آدم خاطر، الذي يقول إن الصراعات في تشادومالي سيكون لديها تأثير على إقليم دارفور خاصة إذا فقدت تشاد أراضي واسعة وتمدد فيها المتطرفون وأضاف: "إذا حدث هذا ستكون محنة". \\\\\\\\\\\\\\ الخبير في الجماعات الإسلامية محمد خليفة ل(السوداني): القاعدة وجَّهت نداءً لمقاتليها لدخول دارفور ولكنها فشلت جماعة بوكو حرام هي داعش الأفريقية لمزيد من كشف الحقائق؛ أجرت (السوداني) حوارا قصيرا مع الخبير بالجماعات الإسلامية محمد خليفة الصديق وطرحت عليه بعضا من الأسئلة. * في رأيك، هل يمكن أن تتحول منطقة دارفور إلى منطقة جاذبة لأي حركات مسلحة متشددة في مقبل الأيام؟ إقليم دارفور لم يكن جاذبا للحركات المتطرفة وأول ما دخلت القوات الدولية للإقليم كان تنظيم القاعدة قد وجّه نداءً لمقاتليه بالتوجه لإقليم دارفور ومقاتلة القوات الدولية هناك باعتبارها كافرة وتدنس بلاد المسلمين؛ ولكن هذه الدعوة لم تتم الاستجابة لها ولم يحدث أي تحرك وما تزال قوات اليوناميد موجودة في دارفور ولم يسجل عليها أي هجوم من جماعات متشددة ولم يرصد وجود أي تنظيم جهادي في الإقليم بشكل مستقر خلال الفترة الماضية. * في رأيك، لماذا لم تتم الاستجابة لدعوة التنظيم لدخول مقاتليه لدارفور؟ توجد عدة أسباب لرفض الذهاب لدارفور، منها أن التطرف وهذه الجماعات تحتاج لحاضنة اجتماعية وشعبية، وهذا غير متوفر في دارفور، وأن نمط التديُّن في الإقليم شعبي ولا يميل للتشدد والتطرف، وبهذا يكون التطرف قد فقد البيئة التي تغذيه، فمثلا في سوريا توجد السلفية الجهادية وسط المجتمع، لذلك سهلت سيطرة وقبول تنظيم داعش في تلك المناطق، ولكن جذور التطرف في دارفور ليست عميقة مثل دول أفريقية أخرى مثل نيجيرياومالي خاصة في منطقة تمبكتو. * هنالك حصار يجري لجماعة بوكو حرام في مناطق حدودية وتشاد تدخل في خط المواجهة، هل السودان سيتأثر بهذا الوضع؟ كانت هنالك توقعات بأن تجد الدعوات التي أُطلقت من مسلمي أفريقيا الوسطى إبان الهجمات عليهم وتهديم الكنائس استجابة من المقاتلين الإسلاميين، ولكن هذا لم يحدث والبعض الآن يتطلع لأن تكون جماعة بوكو حرام ستكون داعش أفريقيا وهي تتمركز في شمال نيجيريا وهي أقدم من الحركات التي نشأت في مالي ووجدت مؤخرا دعما وأصبحت تشكل خطرا بعد أن تحولت لحركة كبيرة. * مقاتلو حركة بوكو حرام يخططون لإقامة دولة خلافة في منطقة بحيرة تشاد، هل يمكن أن يصلوا لدارفور؟ ليس من الممكن أن يصلوا لهذه الدرجة من إقامة دولة؛ خاصة أن الجيش التشادي قوي ولديه خبرة في القتال الطويل وسيوقف تقدم هذه الحركة لإقليم دارفور؛ ولكن الامتدادات العرقية يمكن أن تشكل خطرا إذا استخدمها المسلحون كملاذات آمنة؛ ولكن حركة مثل بوكو حرام لن تجد حاضنة مجتمعية بالإقليم خاصة لتعقيدات الوضع القبلي بدارفور. * الحدود الليبية مع دارفور، تقع تحت سيطرة حركات متطرفة ليبية، هي إذا دحرت هذه الحركات عسكرياً ستدخل دارفور كقاعدة خلفية؟ على الحكومة أن تُحكم سيطرتها على الحدود، وتمنع تسلل حركات متشددة للإقليم، وإن شرق لييبا به حركات متشددة ولكنها أقرب للحركات في مصر، ولم يرصد لها دخول لمنطقة دارفور، لأن الطبيعة الصحراوية صعبة، والأراضي مكشوفة يمكن مراقبتها، إلا أنه من الممكن أن تتسلل بعض العناصر، ولكن ليس للاستقرار في دارفور، ولكن للاستعداد وترتيب الصفوف والعودة مجددا، وقد تكون خلايا نائمة ولكن ضبط الحدود مهم خاصة مع أفريقيا الوسطى. * هنالك تنظيمات سودانية وشخصيات بايعت داعش وتقاتل معهم الآن؛ هل لهذه التكوينات أي خطورة إذا عادت للبلاد، وهل يمكن أن تهاجر لدارفور لتُنشئ نواة قتالية هناك؟ المقاتلون السودانيون في صفوف داعش يركزون على العمل الخارجي وليس للعمل الداخلي، وتوجد بعض التنظيمات تدعم داعش الذي أصدر خارطة ووضع السودان ضمن بلاد الحبشة، ويوجد الشيخ مساعد السديرة وتلاميذه الذين بايعوا تنظيم داعش؛ ولكن مستبعد أن ينظموا عملا أو عمليات داخلية لأن أغلب التنظيمات الجهادية السودانية يكون همها العمل الخارجي؛ فخلية الدندر والسلمة كلها كانت تستعد للقتال خارج السودان. * في حالة عودة هؤلاء المقاتلين للسودان من الممكن أن يبدأوا عمليات داخلية؟ مستبعد، ولكن يجب أن يتم التعامل معهم ليس بالطرق الأمنية فقط، وأن يتم فتح حوار معهم ومناصحتهم عبر شيوخ وفقهاء، بجانب جعلهم ينخرطون في المجتمع ومحاربة العطالة. =