بين خطورة الجريمة وتمادي المحتالين!! خبير أمني :الضغوط الاقتصادية جعلت الناس يلجأون لانتهاج أساليب التزوير بكل أنواعها محامي: استغلال النفوذ يلعب دوراً كبيراً في تفشي ظاهرة التزوير خبيرة علم نفس: لا يمكن فصل (مسألة) تصفية الحسابات أو الانتقام من تنامي جريمة التزوير الخرطوم: مشاعر أحمد لا يمر يوم إلا وتخرج الصحف بجريمة تزوير وقعت في مكانٍ ما، المُحيِّر في الأمر حقيقة أن التزوير في الآونة الأخيرة شمل كل شيء، حتى يُخيَّلُ إليك أن الأصل في الأشياء التزوير وما عداه هو الاستثناء..!!. ففي ما مضى من زمانٍ كنا نسمع بمن زوَّر في مستندات متعلقة بأرض أو عربة أو شيك مالي، لكن الآن شمل التزوير كل شيء، أطباء مزوِّرون وهؤلاء (تفنَّنوا) في التزوير بدءاً بطبيب عطبرة، مصانع زيوت وأخرى خاصة بالمياه الغازية مزوّرة، بل حتى العمل النظامي طاله التزوير، فقد سبق وأن تم القبض على عصابة انتحلت صفة دورية شرطة، ليس ذلك فحسب بل حتى المحاكم التي تنظر في جرائم التزوير، طالها هي ذات نفسها التزوير، حيث تم القبض على محكمة مزوّرة، وقف أفرادها أمام محكمة (حقيقية) لينالوا جزاءهم عقوبة على هذه الجريمة الخطيرة، لكن تبقى جريمة الموسم في التزوير هي ما شهده اليوم الأول لامتحانات الشهادة السودانية، حيث تم (تزوير) مدرسة بحالها حيث قدَّمت امتحان شهادة (مضروبة) لطلابها..!! السؤال الذي يطرح نفسه بقوَّة: لماذا تفشت ظاهرة التزوير لتشمل كل شيء؟؟ تزوير بالجُملة في السابق كانت جرائم التزوير والتزييف تنحصر إلى حد كبير في الأخيرة ألا وهي التزييف والذي ينحصر في (التلاعب) بالعُملات المحلية منها والأجنبية، بإصدار عُملات (مضروبة) مشابهة تماماً للأصلية ما يجعل التفريق بينهما صعباً جداً إلا على فئة قليلة، لكن المتابع للأحداث الآن يجد أنَّ ثمة أساليب بدأت تظهر مع التطور التقني فأصبح التزييف بفنون في شتى مناحي الحياة فالقبض على رجل في ثياب امرأة محجبة (مزورة) في حفل طالبات بجامعة نسائية، والقبض على عدد من الأطباء المزورين وأشهرهم طبيب ظلّ يعمل مدة ست سنوات في مستشفى حكومي كبير دون أن يكتشف أمره أحد، رغم أنه غير حاصل حتى على الشهادة الثانوية وحادثة القبض على دورية شرطة مزوّرة والقبض على محكمة مزوّرة والملكة النوبية مزوّرة، ومصانع زيوت مزوّرة ومصانع مياه غازية مزوّرة وإعادة تعبئة مواد غذائية منتهية الصلاحية . علي كبك التزوير لم يستثنَ حتى الفن حيث راجت في الأسافير طيلة الأيام الماضية صور مفبركة لفنان يُقال له (علي كبك) حيث تصدر البوسترات العامة في العديد من المواقع، ونشرت له العديد من البوسترات وكان آخرها بوستر بخصوص إحياء حفل ساهر بمناسبة عيد الأم بصالة منتزه أم بدة العائلي، كما وضح البوستر أماكن الحصول على تذاكر هذا الحفل، واختلف حوله الناس، منهم من يرى بأنها شخصية افتراضية لأحد الأشخاص، ومنهم من أرجع ذلك إلى أنها شخصية حقيقية، تحاول أن تثير الجدل وتخرج للمستمع. الريان مدرسة الاحتيال ولكن تبقى القصة المثيرة التي حدثت في اليوم الأول لامتحانات الشهادة السودانية الثانوية، الطلاب الذين أمضوا عاماً كاملاً من السهر، والاجتهاد وخلفهم أسرهم التي دفعت من حر مالها الرسوم الدراسة والكتب والزي المدرسي، ومصاريف الدروس الخصوصية، والترحيل، طوال عام كامل ليكتشفوا في النهاية أن المدرسة التي ظلوا يدرسون فيها هي ليست مدرسة ولم يتم الاكتشاف إلا بعد نهاية الإمتحان في أول ورقة ليكتشف التلاميذ أن الامتحان مزور. القانون غير مفعل حول هذا الموضوع قال المحامي كمال عزالدين ل(السوداني) إن جريمة التزوير جريمة يُحاسب عليها القانون الجنائي حسب نص المادة(123) للعام 1991، وأنها أصبحت متفشية في البلاد، فأصبح البعض يستغل النفوذ في مصالحه الخاصة، وللمجتمع دور في جريمة التزوير لأنه يتقبل أي شيء ويثق ثقة عمياء ويتجاهل الأمر حتى عند اكتشافة، وأضاف أن القانون غير مفعل ليساعد على الحد من هذه الظاهرة، وفي مقارنة بين قانوننا والقانون الخارجي أكد أن القانون الخارجي رادعاً في قضية التزوير ونحن قانون غير متشدد. ظواهر فردية وقال الخبير الأمني حسين بيومي ل(السوداني) إن الجو العام ساعد في تفشي ظاهرة التزوير وللضغوط الاقتصادية دور كبير مما جعلت الناس يلجأون إلى أساليب غير قانونية، يمكن أن تصل إلى حد السرقة والعنف، أما من ناحية المناخ العام ليس هنالك حسم، والمجتمع يتستر على المجرمين حسب الروابط الاجتماعية، وزاد على حديثه أنه لا توجد رقابة من الجهات المسؤولة كما يجب تفعيل القانون والحسم السريع لعدم التكرار، وأن الظواهر الحالية هي ظواهر فردية يجب حسمها حتى لا تصبح عامة. تجارة رائجة كما تحدثت د. علم النفس حنان الجاك ل(السوداني) قائلة : إن هنالك خللاً كبيراً أصاب تكوين المجتمع السوداني وغياب القيم الأخلاقية النبيلة وغياب الوعي السياسي والتفضيل المجتمعي بين الافراد أثرت على القيم الإيجابية وأشارت إلى أن اللامبالاة واللا مسؤولية في محاسبة كثير من المفسدين ألقت بظلال قاسمة على المشهد السلوكي ولذلك أصبح التزوير في كل شيء نتيجة لترهل ثقافة التنوير، وأضافت الجاك نتيجة غياب المحاسبة والقوانين الفاعلة والمحاباة للمذنب وتركه بدون عقاب أصبحت البيئة جاذبة للفساد والتزوير وأصبح أخذ حق الغير ظاهرة خطيرة هددت كل مكونات الشخصية السودانية، وأصبح التزوير أسهل طريقة من كل شيء وغياب الضمير الواعي والمدرك شجع الكثيرين على هذه الأعمال، ووجود الأجانب أثر على الشعب السوداني وأصبح التزوير مدخلاً للرفاه الكامن واستغلال التقنيات بأساليب مفسدة أيضاً في تفشي ظاهرة التزوير والعطالة والفراغات التي يعيش فيها الكثير ساعدت للولوج في التزوير، وقالت ل(السوداني) أن التزوير والاحتيال يشكل النجاحات في استغلال الضعفاء وغياب الحس الكارثي والتوجسي والثقة المطلقة التي نمنحها للآخرين دون أن نعرف تفاصيلهم من خلال الإغراءات التي يقدموها نتيجة للصعوبات التي تواجههم فيها، كما أن مجتمعنا مجتمع انفعالي لحظي يهتم بالقضية في وقتها فقط ومعالجته للمشكلات ضعيفة، والمتمادين في قضايا التزوير هنالك من يحميهم، وغالباً ما يكون التزوير مدخلاً انتقامياً أو تصفية حسابات لأن الخلل المجتمعي أثر على نفسية الكثيرين وأصبح وسيلة ثراء. وزادت قائلة إن طبيعة الشخصية السودانية بسيطة في مكوناتها غير متمرسة وهنالك غياب في التوظيف من خلال المنظمات والعمل الإعلامي، فأصبح التزوير نوعاً من التجارة الرائجة وهنالك توظيف خطير نتيجة للظروف المريرة في المجتمع ساعدت في التزوير وغياب الحقيقة.