ما تواجه الحزب الإتحادي الديموقراطي (الأصل) من مشكلات لن يتم حلها إلا بمؤتمر عام، وربما يحتاج الأمر إلى إنتخاب لجان تسيير مؤقتة لمدة عام واحد وذلك لإحتمال بتوحيد الحزب أجنحته الأخرى في مؤتمر ثانٍ..! الحزب الإتحادي (غير آيدولوجي) ولو كانت لديه قناعات مركزية فهي تتمثل في ثلاثة أمور: الديموقراطية في الممارسة الحزبية والسياسية – النموذج السوداني الوسطي المتصوف – الإنتماء العام للأمة الإسلامية والعربية وقضايا التحرر العالمية. مراجعة هذه الحزمة الآن أمر مهم جدا، إذ أن الديموقراطية (خشوم بيوت!) رئاسية أو برلمانية أو برلماسية أو فيدرالية كاملة أو .. من عجائب الزمان أن الحزب رئاسي مركزي قابض ولكنه يطالب بنظام برلماني حر يتيح للنواب تغيير الحكومة ..! الأمر الثاني الذي يتعلق بتجسيد الحزب لنموذج الشخصية السودانية الموحدة والمنتمية للتراث الصوفي فإنني أعتقد أن هذا صار جزءا من التاريخ، هنالك نسخ سودانية متعددة حتى داخل الحزب وليس خارجه، هنالك إتحاديون كثر الآن يؤمون مسجد الشيخ عبد الحي يوسف أكثر مما يؤمون مسجد السيد علي الميرغني ..! في العاصمة المثلثة قرابة ال 4000 مسجد أو زاوية، حوالي 2500 منها إما سلفيين أو متأثرين بهم وبمراجعهم الفقهية من الحركة الإسلامية أو من عامة المتدينين أو حتى المتصوفة الذين صار بعضهم يفتي بفتاوي أنصار السنة في تحريم (النديهة) علنا على المنبر. بل قد ظهر (الخط الإصلاحي الصوفي) عندما إنتشرت كتابات المتشيعين وسط الصوفية ولم يتصد مشائخهم بالصورة المطلوبة وكان معظم المنتمين للجماعات والطرق الصوفية يتكدسون بذهول في مساجد السنيين والسلفيين ليعرفوا ما حكم الذي يجري من الإساءة للصحابة وعلماء الأمة..! الآن المشاهد السوداني منقسم بين قناتي ساهور الصوفية وطيبة السلفية وتجد ربات المنازل يديرون (الريموت) بين هذه وتلك ..! الشيخ عبد الحي يوسف هو مفتي السودان الاول بينما لا احد يعرف من هو مفتي الختمية، وأذكر اننا كنا في زيارة رسمية للصومال بصحبة الدكتور نافع على نافع وفي الوفد الشيخ عبد الحي يوسف وكنت أشاهد عددا من الحضور حتى من أهل الصومال يريدون استوقافه بغرض السؤال أو الفتيا أو مجرد (التبرك) وهو التبرك السني بصحبة أهل العلم والسلام عليهم وطلب الدعاء منهم وهو غير (النديهة) التي تستند على التوسل بجاه الميت بإخراج لفظي مباشر..! عبد الحي يوسف ما هو إلا نموذج لمئات ممن يعتلون المنابر من مختلف الجماعات السنية والحركة الإسلامية والإخوان المسلمين وعامة الدعاة المتأثرين بفكرهم وكتاباتهم وربما نشاهد قريبا شيخا آخر له جمعية وإذاعة وقناة فضائية ..! الوسط السوداني لم يعد حكرا على (التصوف) طريقة كان أو مشربا لقد تعددت وتنوعت المذاهب والمشارب فهل يستوعب الحزب الإتحادي هذا (الوسط الجديد) أم لا ..! ذات (الجمود) نشهده في حزب آخر عصراني وتجديدي ومتحرر من المذاهب الإسلامية التقليدية ألا وهو المؤتمر الشعبي ولكنه بكل أسف أحال التجديد ذاته إلى كتلة صارمة وقابضة غير متجددة لا يتعايش منتقدوها معها تحت سقف واحد وكأنه استبدل (الميرغني) ب (الترابي)، وصار (الطريقة الحسنية الترابية) لا أكثر ولا أقل ..! الساحة لا تنتظر ... ستنشق هذه الاحزاب وتتصدع ويقوم على انقاضها حزب جديد أوالمؤتمر الوطني قد يمثل بجدارة الوسط السوداني الشامل في ظل هذا الفراغ، حزب الأمة يشمل العصرانية الإسلامية والتيارات التقدمية ذات الإنتماء الإسلامي العام بالإضافة للأنصار وبعض المتصوفة ..! حزب الوسط الإسلامي (د. الكودة)، المؤتمر السوداني ... حزب جديد يتحفز للظهور بقضايا المواطنين العامة دون (فرز مذهبي) وهكذا ..! الساحة تتغير ولن تنظر (مولانا) إذا تأخر وسيدهمه الربيع الذي دهم مبارك قبل إكتمال إجراءات التوريث..!