ما كتب الشعراء والأدباء السودانيون نثرا أو شعرا أو تغنى الفنانون وهاموا بشعوب بمثلما كان في شعبي مصر وسوريا، حبا ووصالا واخاءً ودعما لهم في الملمات. ومن منا لا يذكر شاعرنا محمد سعيد العباسى في رائعته (عهد جيرون) وهي في الأصل موضع من منتزهات دمشق قال فيها الشاعر : يا عهد جيرون كم لي فيك من شجن باد سقاك يا عهد جيرون ثم اختتم القصيدة بالقول: كففت عنه التصابي والتفتُ الى حلمى ولم أك في هذا بمغبون وصرت لا أرتضي الا العلا أبدا ما قد لقيت من التبريح يكفيني وكان العباسي قد ابتدر قصيدته الرائعة هذه والتي كانت أفضل رميات الفنان العظيم عبد الكريم الكابلي والتي عندما أعدت قراءتها مؤخرا بعد الثورة السورية الباسلة ضد النظام البعثي تذكرتها واستدعيتها دعما معنويا للثورة والثوار الأشاوس وكأن الشاعر يخاطب الثوار ويتحدث بلسان الشهداء والجرحى والمفقودين والنازحين والذين هجروا أوطانهم منذ عشرات السنين خوفا من البطش والطغيان وهو في رحم الغيب لا يدري ما سيحدث لجيرون في عهد البعث.. قال العباسي في مقدمة القصيدة: أرقت من طول هم بات يعروني يثير من لاعج الذكرى ويشجوني منيت نفسي آمالا يماطلني بها زماني من حين إلى حين ألقي بصبري جسام الحادثات ولي عزم أصد به ما قد يلاقيني ولا أتوق لحال لا تلائمها حالي ولا منزل اللذات يلهيني ولست أرضى من الدنيا وإن عظمت الا الذي بجميل الذكر يرضيني وكيف أقبل أسباب الهوان ولي آباء صدق من الغر الميامين؟!! النازلين على حكم العلا أبدا من زينوا الكون أي تزيين ثم من ينسى أبيات شاعر (آسيا وأفريقيا) تاج السر الحسن التي تغنى واشتهر بها الفنان العظيم الكابلي حين قال(يا دمشق كلنا في الهم والآمال شرق) غير أني لم أجد أبيات أعظم مما جادت به قريحة شاعر من أعظم شعراء السودان عن نضال الشعب السوري ألا وهو الشاعر الكبير أحمد محمد صالح جاد لي بها رجل الأعمال السيد حسن تاج السر الذي يحفظ كثيرا من روائع الشعر العربي والسوداني خاصة، استصحبها اليوم بمناسبة الثورة السورية العظيمة ضد نظام الأسد مع تعديل طفيف أستأذن به الشاعر الفحل مستبدلا كلمة (فرنسا) بالطاغية (بشار) لغرض العظة.. يقول الشاعر عن سوريا الشقيقة: صبرا دمشق وكل طرف باك لما استبيح في الظلام حماك جرح العروبة فيك جرح نازف بكت العروبة كلها لبكاك جزعت عمان وروعت بغداد واهتزت ربى صنعاء يوم أتاك قرأت في الخرطوم آيات الأسى وسمعت في الحرمين أنة شاك والروضة الفيحاء روع ركنها لما تعطر في الثرى خداك ضربوك لا متعففين سفاهة لم تجن إثما يا دمشق يداك ورماك جبار يتيه بحوله شلت يمين العلج حين رماك صبرا ( بشارَ) فالحوادث جمة والدهر دوّار مع الأفلاك ( قال الشاعر هذه القصيدة الرائعة عن فرنسا وهو في أرض الحرمين الشريفين.. رحمه الله وجعل شعره هذا دفعة قوية للثوار اليوم في سوريا ضد الطغيان البعثي بعد أن كان دفعة قوية ضد العدوان الفرنسي على سوريا آنذاك.)