تدور على صفحات صحيفة فنون هذه الأيام معارك كلامية بين بعض المبدعين، وهي للأسف الشديد معارك من عدم وتصب في العدم لأنها تتجاوز الشأن العام في كثير من الأحيان وتنزلق نحو الشخصي والخاص وبذلك فإن الجمهور "جمهور الفن" او المتلقي عموما لا يستفيد شيئا من هذه الإساءات! والمعركة الأخيرة التي دارت بين الموسيقار يوسف الموصلي العائد من الولاياتالمتحدةالامريكية بعد اغتراب طويل من جهة والفنان الشعبي كمال ترباس خير نموذج لما وصفته في عنوان هذا المقال، فهي عبارة عن مهاترات وإساءات شخصية لا علاقة لها بالفن والإبداع. لسنا ضد المعارك الصحافية والمساجلات الفنية والفكرية فهي "ملح الحياة" لكنها يجب أن تتجاوز الصغائر "والانتصار للتنفس الأمارة بالسوء" ويجب أن تكون مؤسسة على الموضوع لا الشخص ويشهد التاريخ الثقافي والفني العديد من المعارك والمساجلات بين محتلف المدارس الفنية وكان ذلك إثراء للساحة وإضفاء مزيد من الحيوية على مجرى الفن والثقافة والفكر عموما. وإذا جاز لنا أن نوجه بعض الأسئلة للقطبين المتحاربين " الموصلي وترباس " نقول لهما والسؤال موجه لكل من يدخل في مثل هذا النوع من المهاترات: هل انتهت قضايا ومشكلات الفنون والغناء على وجه الخصوص حتى يتم إهدار كل هذه الطاقة في الهواء الطلق؟ وماذا يضير إذا تم النقاش بينكما بعيدا عن لغة الوعد والوعيد وسياسة"المديدة خرقتني " التي ينتهجها بعض الصحافيين من أجل تسخين السوق؟ نحن في حاجة ماسة لميثاق شرف يحكم الساحة الفنية لمحاربة مثل هذا النوع من المهاترات، وأتصور أن يكون قانون تنظيم المهن الموسيقية والدرامية قد تضمن ما ينظم هذه العلاقة حتى لا تتفرغ المحاكم لقضايا انصرافية، وبنفس القدر، يجب تفعيل مواثيق الشرف المهنية في الصحف "المكتوب منها وغير المكتوب" وهنا نتساءل عن دور مجلس الصحافة والمطبوعات الذي ظل يغضب بشدة لانتهاكات من هذا النوع ظلت تحدث في الصحف الرياضية ونتساءل: هل المجلس حريص على حسم فوضى الصحف الرياضية فقط ؟ والأسئلة تمتد الى اتحاد الفنانين الذي ينتمي إليه الموصلي وترباس وغيرهما من رواد الماهترات والابتذال في الصحف: ألا يوجد بينكم رجل رشيد؟ وهل خلا اتحاد الفنانين من الحكماء الذين باستطاعتم إيقاف هذا العبث؟ ولماذا لا نسمع ما يفيد بإدانة الاتحاد – على أقل تقدير – لهذه الملاسنات التي لا تشبه الفن والفنانين؟ إن قضايا الفن الجوهرية كثيرة ومتشابكة، ومن المؤسف جدا أن يتم الانشغال بسفاسف الأمور في ظل الأخطار الكبيرة التي تهدد الوسط الفني كله والغناء على وجه الخصوص، ونأمل أن يرتفع الجميع الى مستوى المسؤولية في هذا الظرف التاريخي المهم والذي تمر به بلادنا التي فقدت ثلثها بلعبة سياسية "بايخة" وفي الطريق أجزاء أخرى، علينا أن نستغل كل مكونات الوجدان السوداني لإنقاذ من تبقى من هذا الوطن!